‏إظهار الرسائل ذات التسميات الباعث الحثيث. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الباعث الحثيث. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 21 يناير 2018

اَلزِّيَادَاتُ عَلَى اَلصَّحِيحَيْنِ

اَلزِّيَادَاتُ عَلَى اَلصَّحِيحَيْنِ

وَقَدْ قَالَ اَلْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ اَلْأَخْرَمِ قَلَّ مَا يَفُوتُ اَلْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا مِنَ اَلْأَحَادِيثِ اَلصَّحِيحَةِ .
وَقَدْ نَاقَشَهُ اِبْنُ اَلصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ, فَإِنَّ اَلْحَاكِمَ قَدْ اِسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمَا أَحَادِيثَ كَثِيرَةً, وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا مَقَالٌ, إِلَّا أَنَّهُ يَصْفُو لَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ .
(قُلْتُ) فِي هَذَا نَظَرٌ, فَإِنَّهُ يُلْزِمُهُمَا بِإِخْرَاجِ أَحَادِيثَ لَا تَلْزَمُهُمَا, لِضَعْفِ رُوَاتِهِمَا عِنْدَهُمَا, أَوْ لِتَعْلِيلِهِمَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ خُرِّجَتْ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ عَلَى اَلصَّحِيحَيْنِ, يُؤْخَذُ مِنْهَا زِيَادَاتٌ مُفِيدَةٌ, وَأَسَانِيدُ جَيِّدَةٌ, كَصَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ, وَأَبِي بَكْرٍ اَلْإِسْمَاعِيلِيِّ  ([1]) وَالْبُرْقَانِيِّ, وَأَبِي نُعَيْمٍ اَلْأَصْبَهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَكُتُبٌ أُخَرُ اِلْتَزَمَ أَصْحَابُهَا صِحَّتَهَا, كَابْنِ خُزَيْمَةَ, وَابْنِ حِبَّانَ البُسْتِيِّ, وَهُمَا خَيْرٌ مِنَ اَلْمُسْتَدْرَكِ بِكَثِيرٍ, وَأَنْظَفُ أَسَانِيدَ وَمُتُونًا .
وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُسْنَدِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنَ اَلْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِمَّا يُوَازِي كَثِيرًا مِنْ أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ, بَلْ وَالْبُخَارِيِّ أَيْضًا, وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمَا, وَلَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا, بَلْ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ اَلْكُتُبِ اَلْأَرْبَعَةِ, وَهُمْ أَبُو دَاوُدَ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ, وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ .
وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُعْجَمَيْ اَلطَّبَرَانِيِّ اَلْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ, وَمَسْنَدَيْ أَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ, وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اَلْمَسَانِيدِ وَالْمَعَاجِمِ وَالْفَوَائِدِ وَالْأَجْزَاءِ مَا يَتَمَكَّنُ اَلْمُتَبَحِّرُ فِي هَذَا اَلشَّأْنِ مِنَ اَلْحُكْمِ بِصِحَّةِ كَثِيرٍ مِنْهُ, بَعْدَ اَلنَّظَرِ فِي حَالِ رِجَالِهِ, وَسَلَامَتِهِ مِنْ اَلتَّعْلِيلِ اَلْمُفْسِدِ  ([2]) وَيَجُوزُ لَهُ اَلْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ, وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى صِحَّتِهِ حَافِظٌ قَبْلَهُ, مُوَافَقَةً لِلشَّيْخِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى اَلنَّوَوِيِّ, وَخِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو .
وَقَدْ جَمَعَ اَلشَّيْخُ ضِيَاءُ اَلدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ اَلْمَقْدِسِيُّ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّاهُ (اَلْمُخْتَارَةَ) وَلَمْ يَتِمَّ, كَانَ بَعْضُ اَلْحُفَّاظِ مِنْ مَشَايِخِنَا يُرَجِّحُهُ عَلَى مُسْتَدْرَكِ اَلْحَاكِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ جَمَعَ اَلشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو ابْنُ اَلصَّلَاحِ عَلَى اَلْحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ فَقَالَ وَهُوَ وَاسِعُ اَلْخَطْوِ فِي شَرْحِ اَلصَّحِيحِ, مُتَسَاهِلٌ بِالْقَضَاءِ بِهِ, فَالْأَوْلَى أَنْ يَتَوَسَّطَ فِي أَمْرِهِ, فَمَا لَمْ نَجِدْ فِيهِ تَصْحِيحًا لِغَيْرِهِ مِنَ اَلْأَئِمَّةِ, ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا, فَهُوَ حَسَنٌ يُحْتَجُّ بِهِ, إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ عِلَّةٌ تُوجِبُ ضَعْفَهُ  ([3]) .
(قُلْتُ) فِي هَذَا اَلْكِتَابِ أَنْوَاعٌ مِنَ اَلْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ, فِيهِ اَلصَّحِيحُ اَلْمُسْتَدْرَكُ, وَهُوَ قَلِيلٌ, وَفِيهِ صَحِيحٌ قَدْ خَرَّجَهُ اَلْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَوْ أَحَدُهُمَا, لَمْ يَعْلَمْ بِهِ اَلْحَاكِمُ وَفِيهِ اَلْحَسَنُ وَالضَّعِيفُ وَالْمَوْضُوعُ أَيْضًا وَقَدْ اِخْتَصَرَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ اَلذَّهَبِيُّ, وَبَيَّنَ هَذَا كُلَّهُ, وَجَمَعَ فِيهِ جُزْءًا كَبِيرًا مِمَّا وَقَعَ فِيهِ مِنَ اَلْمَوْضُوعَاتِ, وَذَلِكَ يُقَارِبُ مِائَةَ حَدِيثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ  ([4]) .



[1] - جاء في تدريب الراوي ص 56 ما يلي: "وموضوع المستخرج كما قال العِراقي: أن يأتي المصنف إلى الكتاب فيخرِّج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، فيجتمع معه في شيخه أو من فوقه. قال شيخ الإسلام: وشرطه أن لا يصل إلى شيخ أبعد حتى يفقد سندا يوصله إلى الأقرب إلا لعذر من علو أو زيادة مهمة. قال: ولذلك يقول أبو عوانة في مستخرَجه على مسلم بعد أن يسوق طرق مسلم كلها: من هنا لمخرجه، ثم يسوق أسانيد يجتمع فيها مع مسلم فيمن فوق ذلك، وربما قال: من هنا لم يخرِّجاه، قال: ولا يُظن أنه يعني البخاري ومسلما، فإني استقربت صنيعه في ذلك فوجدته إنما يعني مسلما، وأبا الفضل أحمد بن سلمة، فإنه كان قرين مسلم، وصنف مثل مسلم، وربما أسقط المستخرج أحاديث لم يجد له بها سندا يرتضيه، وربما ذكرها من طريق صاحب الكتاب، ثم إن المستخرجات المذكورة (لم يلتزم فيها موافقتهما) أي: الصحيحين (في الألفاظ)؛ لأنهم إنما يرون بالألفاظ التي وقعت لهم عن شيوخهم (فحصل فيها تفاوت) قليل (في اللفظ و) في (المعنى) أقل".
[2] - جَمَعَ الحافظ الهَيْثمي (المتوفى سنة 807) زوائد ستة كتب، وهي مسند أحمد وأبي يَعْلى والبزار ومعاجم الطبراني الثلاثة: الكبير والأوسط والصغير على الكتب الستة، أي: ما رواه هؤلاء الأئمة الأربعة في كتبهم زائدا على ما في الكتب الستة المعروفة، وهي الصحيحان والسنن الأربعة. فكان كتابا حافلا نافعا، سماه (مَجمع الزوائد)، وقد طُبع بمصر سنة 1352 في 10مجلدات كبار. وتكلم فيه على إسناد كل حديث، مع نسبته إلى من رواه منهم.
[3] - قال السيوطي في تدريب الراوي ص53: "قال البدر بن جماعة: والصواب أنه يُتَتَبّع ويحكم عليه بما يليق بحاله من الحُسن أو الصحة أو الضعف، ووافقه العراقي وقال: إن حكمه عليه بالحُسن فقط تحكُّم، قال إلا أن ابن الصلاح قال ذلك بناء على رأيه، أنه قد انقطع التصحيح في هذه الأعصار, فليس لأحد أن يصححه، فلهذا قطع النظر عن الكشف عليه.
[4] - قال السيوطي في تدريب الراوي ص52. "قال شيخ الإسلام: وإنما وقع للحاكم التساهل؛ لأنه سوّد الكتاب لينقِّحه فأعجلته المَنية، قال: وقد وجدت في قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من المستدرك، إلى هنا. انتهى إملاء الحاكم، ثم قال: وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخذ عنه إلا بطريق الإجازة. فمن أكبر أصحابه وأكثر الناس له ملازمة البيهقي، وهو إذا ساق عنه في غير المُمْلى شيئا لا يذكره إلا بالإجازة قال: والتساهل في القدر المُمْلى قليل جدا بالنسبة إلى ما بعده. 

الأربعاء، 10 يناير 2018

أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ صِحَاحَ اَلْحَدِيثِ

أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ صِحَاحَ اَلْحَدِيثِ

(فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَنْ اِعْتَنَى بِجَمْعِ اَلصَّحِيحِ أَبُو عُبَيْدَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ اَلْبُخَارِيُّ, وَتَلَاهُ صَاحِبُهُ وَتِلْمِيذُهُ أَبُو اَلْحَسَنِ مُسْلِمُ بْنُ اَلْحَجَّاجِ اَلنَّيْسَابُورِيُّ فَهُمَا أَصَحُّ كُتُبِ اَلْحَدِيثِ وَالْبُخَارِيُّ أَرْجَحُ; لِأَنَّهُ اِشْتَرَطَ فِي إِخْرَاجِهِ اَلْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ هَذَا أَنْ يَكُونَ اَلرَّاوِي قَدْ عَاصَرَ شَيْخَهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ سَمَاعُهُ مِنْهُ, وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُسْلِمٌ اَلثَّانِيَ, بَلْ اِكْتَفَى بِمُجَرَّدِ اَلْمُعَاصَرَةِ وَمِنْ هَاهُنَا يَنْفَصِلُ لَكَ اَلنِّزَاعُ فِي تَرْجِيحِ تَصْحِيحِ اَلْبُخَارِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ, كَمَا هُوَ قَوْلُ اَلْجُمْهُورِ, خِلَافًا لِأَبِي عَلِيٍّ اَلنَّيْسَابُورِيِّ شَيْخِ اَلْحَاكِمِ, وَطَائِفَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ اَلْمَغْرِبِ .

ثُمَّ إِنَّ اَلْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا لَمْ يَلْتَزِمَا بِإِخْرَاجِ جَمِيعِ مَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ مِنَ اَلْأَحَادِيثِ, فَإِنَّهُمَا قَدْ صَحَّحَا أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابَيْهِمَا, كَمَا يَنْقُلُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ اَلْبُخَارِيِّ تَصْحِيحَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ, بَلْ فِي اَلسُّنَنِ وَغَيْرِهَا . 

الخميس، 4 يناير 2018

تعريف الحديث الصحيح

تَعْرِيفُ اَلْحَدِيثِ اَلصَّحِيحِ
قَالَ أَمَّا اَلْحَدِيثُ اَلصَّحِيحُ فَهُوَ اَلْحَدِيثُ اَلْمُسْنَدُ اَلَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ اَلْعَدْلِ اَلضَّابِطِ عَنْ اَلْعَدْلِ اَلضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ, وَلَا يَكُونَ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلًا .
ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ فَوَائِدَهُ, وَمَا اِحْتَرَزَ بِهَا عَنْ اَلْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُعْضَلِ وَالشَّاذِّ, وَمَا فِيهِ عِلَّةٌ قَادِحَةٌ  ([1]) وَمَا فِي رَاوِيهِ مِنْ نَوْعِ جَرْحٍ .
قَالَ وَهَذَا هُوَ اَلْحَدِيثُ اَلَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ, بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ اَلْحَدِيثِ وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ اَلْأَحَادِيثِ, لِاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُودِ هَذِهِ اَلْأَوْصَافِ, أَوْ فِي اِشْتِرَاطِ بَعْضِهَا, كَمَا فِي اَلْمُرْسَلِ .
(قُلْتُ) فَحَاصِلُ حَدِّ اَلصَّحِيحِ أَنَّهُ اَلْمُتَّصِلُ سَنَدُهُ بِنَقْلِ اَلْعَدْلِ اَلضَّابِطِ عَنْ مِثْلِهِ, حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ أَوْ إِلَى مُنْتَهَاهُ, مِنْ صَحَابِيٍّ أَوْ مَنْ دُونَهُ, وَلَا يَكُونُ شَاذًّا, وَلَا مَرْدُودًا, وَلَا مُعَلَّلًا بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ, وَقَدْ يَكُونُ مَشْهُورًا أَوْ غَرِيبًا .
وَهُوَ مُتَفَاوِتٌ فِي نَظَرِ اَلْحُفَّاظِ فِي مَحَالِّهِ, وَلِهَذَا أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَصَحَّ اَلْأَسَانِيدِ عَلَى بَعْضِهَا فَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَصَحُّهَا اَلزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ اَلْمَدِينِيِّ والفَلَّاسُ أَصَحُّهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَصَحُّهَا اَلْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ اَلْبُخَارِيِّ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ اَلشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ, إِذْ هُوَ أَجَلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ .



[1] - سيأتي ذِكر المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ والمعلل في الصفحات التالية.