‏إظهار الرسائل ذات التسميات من كتاب سير اعلام النبلاء. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات من كتاب سير اعلام النبلاء. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 19 أكتوبر 2017

استمتع بقراءة سيرة عمر الفاروق رضي الله عنه

سيرة عمر الفاروق رضي الله عنه:
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، أمير المؤمنين، أبو حفص القرشي العدوي، الفاروق رضي الله عنه.
استشهد في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. وأمه حنتمة بنت هشام المخزومية أخت أبي جهل. أسلم في السنة السادسة من النبوة وله سبع وعشرون سنة.
روى عنه: علي، وابن مسعود، وابن عباس وأبو هريرة، وعدة من الصحابة، وعلقمة بن وقاص، وقيس بن أبي حازم، وطارق بن شهاب، ومولاه أسلم، وزر بن حبيش، وخلق سواهم.

صفته
وعن عبد الله بن عمر، قال: كان أبي أبيض تعلوه حمرة، طوالا، أصلع، أشيب. وقال غيره: كان أمهق طوالا، أصلع آدم، أعسر يسر. وقال أبو رجاء العطاردي: كان طويلا جسيما، شديد الصلع، شديد الحمرة، وفي عارضيه خفة وسبلته كبيرة وفي أطرافها صهبة، إذا حزبه أمر فتلها. وقال سماك بن حرب: كان عمر أروح كأنه راكب والناس يمشون، كأنه من رجال بني سدوس. والأروح: الذي يتدانى قدماه إذا مشى. وقال أنس: كان يخضب بالحناء. وقال سماك: كان عمر يسرع في مشيته. ويروى عن عبد الله بن كعب بن مالك، قال: كان عمر يأخذ بيده اليمني أذنه اليسرى، ويثب على فرسه فكأنما خلق على ظهره.

فضله
وعن ابن عمر وغيره -من وجوه جيدة- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب". وقال عكرمة: لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر. وقال سعيد بن جبير: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِين} [التحريم: 4] ، نزلت في عمر خاصة. وقال ابن مسعود: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر. وقال شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أبو بكر وعمر: إن الناس يزيدهم حرصا على الإسلام أن يروا عليك زيا حسنا من الدنيا فقال: "أفعل، وايم الله لو أنكما تتفقان لي على أمر واحد ما عصيتكما في مشورة أبدا".
وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض، فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر". وروى نحوه من وجهين عن أبي سعيد الخدري.
قال الترمذي في حديث أبي سعيد: حديث حسن. وعن محمد بن ثابت البناني، عن أبيه، عن أنس نحوه. وفي "مسند أبي يعلى" من حديث أبي ذر يرفعه: "إن لكل نبي وزيرين، ووزيراي أبو بكر وعمر".
وقال زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر".
وقال محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إيها يا ابن الخطاب فوالذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك".
وعن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان يفرق من عمر". رواه مبارك بن فضالة، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة.
وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في زفن الحبشة لما أتى عمر: "إن لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر". صححه الترمذي.
وقال حسين بن واقد: حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه أن أمه سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رجع من غزاة، فقالت: إني نذرت إن ردك الله صالحًا أن أضرب عندك بالدف، قال: "إن كنت نذرت فافعلي". فضربت، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عمر فجعلت دفها خلفها وهي مقعية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان ليفرق منك يا عمر".
وقال يحيى بن يمان، عن الثوري، عن عمر بن محمد، عن سالم بن عبد الله، قال: أبطأ خبر عمر على أبي موسى الأشعري، فأتى امرأة في بطنها شيطان فسألها عنه، فقالت: حتى يجيء شيطاني، فجاء فسألته عنه، فقال: تركته مؤتزرًا وذاك رجل لا يراه شيطان إلا خر لمنخريه، الملك بين عينيه وروح القدس ينطق بلسانه.
وقال زر: كان ابن مسعود يخطب ويقول: إني لأحسب الشيطان يفرق من عمر أن يحدث حدثا فيرده، وإني لأحسب عمر بين عينيه ملك يسدده ويقومه.
وقال عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن الخطاب". رواه مسلم".
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وضع الحق على لسان عمر وقلبه". رواه جماعة عن نافع عنه. وروى نحوه عن جماعة من الصحابة.
وقال الشعبي: قال علي -رضي الله عنه: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر.
وقال أنس: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي قوله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُن} [التحريم: 5] .
وقال حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن مشرح، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان بعدي نبي لكان عمر".
وجاء من وجهين مختلفين عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله باهى بأهل عرفة عامة وباهى بعمر خاصة".
ويروى مثله عن ابن عمر، وعقبة بن عامر.
وقال معن القزاز: حدثنا الحارث بن عبد الملك الليثي، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباسن عن أخيه الفضل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحق بعدي مع عمر حيث كان".
وقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائم أتيت
بقدح من لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر". قالوا: فما أولت ذلك؟ قال: "العلم".
وقال أبو سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومر علي عمر عليه قميص يجره".
قالوا: ما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: "الدين".
وقال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر".
وقال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دخلت الجنة فرأيت قصرا من ذهب فقلت: لمن هذا؟ فقيل: لشاب من قريش فظننت أني أنا هو، فقيل: لعمر بن الخطاب".
وفي الصحيح أيضًا من حديث جابر مثله. وقال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة توضأ إلى "جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر، فذكرت غيرة عمر، فوليت مدبرا". قال: فبكى عمر، وقال: بأبي أنت يا رسول الله أعليك أغار؟ .
وقال الشعبي وغيره: قال علي -رضي الله عنه-: بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر، فقال: "هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي". هذا الحديث سمعه الشعبي من الحارث الأعور، وله طرق حسنة عن علي، منها: عاصم، عن زر، وأبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال الحافظ ابن عساكر: والحديث محفوظ عن علي رضي الله عنه. قلت: وروى نحوه من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وأنس، وجابر. وقال مجالد عن أبي الوداك، وقاله جماعة عن عطية، كلاهما عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أهل الدرجات العلا ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما".
وقال علي -رضي الله عنه- بالكوفة على منبرها في ملأ من الناس أيام خلافته: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وخيرها بعد ابي بكر عمر، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميته. وهذا متواتر عن علي - رضي الله عنه، فقبح الله الرافضة.
وقال الثوري، عن أبي هاشم القاسم بن كثير، عن قيس الخارفي، قال: سمعت عليا يقول: سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى أبو بكر، وثلث عمر، ثم خبطتنا فتنة فكان ما شاء الله.
ورواه شريك، عن الأسود بن قيس، عن عمرو بن سفيان، عن علي مثله.
وقال ابن عيينة، عن زائدة، عن عبد الملك بن عميرة، عن ربعي، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر".
وكذا رواه سفيان بن حسين الواسطي عن عبد الملك. وكان سفيان ربما دلسه وأسقط منه زائدة. ورواه سفيان الثوري، عن عبد الملك، عن هلال مولى ربعي، عن ربعي.
وقالت عائشة: قال أبو بكر: ما على ظهر الأرض رجل أحب إلي من عمر.
وقالت عائشة: دخل ناس على أبي بكر في مرضه، فقالوا: يسعك أن تولي علينا عمر وأنت ذاهب إلى ربك فماذا تقول له؟ قال: أقول: وليت عليهم خيرهم.
وقال الزهري: أول من حيا عمر بأمير المؤمنين المغيرة بن شعبة.
وقال القاسم بن محمد: قال عمر: ليعلم من ولي هذا الأمر من بعدي أن سيريده عنه القريب والبعيد، أني لأقاتل الناس عن نفسي قتالا، ولو علمت أن أحدا أقوى عليه مني لكنت أن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أليه.

خلافته
وعن ابن عباس، قال: لما ولي عمر قيل له: لقد كاد بعض الناس أن يحيد هذا الأمر عنك. قال: وما ذاك؟ قال: يزعمون أنك فظ غليظ. قال: الحمد لله الذي ملأ قلبي لهم رحما وملأ قلوبهم لي رعبا.
وقال الأحنف بن قيس: سمعت عمر يقول: لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين: حلة للشتاء وحلة للصيف، وما حج به واعتمر، وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم، ثم أنا رجل من المسلمين.
وقال عروة: حج عمر بالناس إمارته كلها.
وقال ابن عمر: ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين قبض أجد ولا أجود من عمر.
وقال الزهري: فتح الله الشام كله على عمر، والجزيرة ومصر والعراق كله، ودون الدواوين قبل أن يموت بعام، وقسم على الناس فيئهم.
وقال عاصم بن أبي النجود، عن رجل من الأنصار، عن خزيمة بن ثابت: أن عمر كان إذا استعمل عاملا كتب له، واشترط عليه أن لا يركب برذونا، ولا يأكل نقيا، ولا يلبس رقيقا، ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات، فإن فعل فقد حلت عليه العقوبة.
وقال طارق بن شهاب: إن كان الرجل ليحدث عمر بالحديث فيكذبه الكذبة فيقول: احبس هذه، ثم يحدثه بالحديث فيقول: احبس هذه، فيقول له: كل ما حدثتك حق إلا ما أمرتني أن أحبسه.
وقال ابن مسعود: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر؛ إن عمر كان أعلمنا بكتاب الله وأفقهنا في دين الله.
وقال ابن مسعودك لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان ووضع علم أحياء الأرض في كفة لرجح علم عمر بعلمهم.
وقال شمر، عن حذيفة، قال: كأن علم الناس كان مدسوسا في جحر مع عمر.
وقال ابن عمر: تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما تعلمها نحر جزورًا.
وقال العوام بن حوشب: قال معاوية: أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن.
وقال عكرمة بن خالد، وغيره: إن حفصة وعبد الله وغيرهما كلموا عمر، فقالوا: لو أكلت طعاما طيبا كان أقوى لك على الحق. قال: أكلكم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم قال: قد علمت نصحكم ولكني تركت صاحبي على جادة، فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل.
قال: وأصاب الناس سنة فما أكل عامئذ سمنا ولا سمينا.
وقال ابن أبي مليكة: كلم عتبة بن فرقد عمر في طعامه، فقال: ويحك آكل طيباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها؟!
وقال مبارك، عن الحسن: دخل عمر على ابنه عاصم وهو يأكل
لحما فقال: ما هذا؟ قال: قرمنا إليه. قال: أوكلما قرمت إلى شيء أكلته! كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، قال عمر: لقد خطر على قلبي شهوة السمك الطري، قال: ورحل يرفأ راحلته وسار أربعا مقبلا ومدبرا، واشترى مكتلا فجاء به، وعمد إلى راحلته فغسلها فأتى عمر فقال: انطلق حتى أنظر إلى الراحلة، فنظر وقال: نسيت أن تغسل هذا العرق الذي تحت أذنها، عذبت بهيمة في شهوة عمر، لا والله لا يذوق عمر مكتلك.
وقال قتادة: كان عمر يلبس، وهو خليفة، جبة من صوف مرقوعة بعضها بأدم، ويطوف في الأسواق على عاتقه الدرة يؤدب الناس بها، ويمر بالنكث والنوى فيلقطه في منازل الناس لينتفعوا به.
قال أنس: رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه.
وقال أبو عثمان النهدي: رأيت على عمر إزارًا مرقوعا بأدم.
وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة: حججت مع عمر، فما ضرب فسطاطا ولا خباء، كان يلقي الكساء والنطع على الشجرة ويستظل تحته.
وقال عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن أبي الغادية الشامي، قال: قدم عمر الجابية على جمل أورق تلوح صلعته بالشمس، ليس عليه قلنسوة ولا عمامة، قد طبق رجليه بين شعبتي الرحل بلا ركاب، ووطاؤه كساء أنبجاني من صوف، وهو فراشه إذا نزل، وحقيبته محشوة
ليفا، وهي إذا نزل وساده، وعليه قميص من كرابيس قد دسم وتخرق جيبه، فقال:
ادعوا لي رأس القرية، فدعوه له فقال: اغسلوا قميصي وخيطوه وأعيروني قميصا، فأتى بقميص كتان، فقال: ما هذا؟ قيل: كتان قال: وما الكتان؟ فأخبروه فنزع قميصه فغسلوه ورقعوه ولبسه، فقال له رأس القرية: أنت ملك العرب وهذ بلاد لا تصلح فيها الإبل. فأتى ببرذون فطرح عليه قطيفة بلا سرج ولا رحل، فلما سار هنيهة قال: احبسوا، ما كانت أظن الناس يركبون الشيطان، هاتوا جملي.
وقال المطلب بن زياد، عن عبد الله بن عيسى: كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء.
وعن الحسن، قال: كان عمر يمر بالآية من ورده فيسقط حتى يعاد منها أياما.
وقال أنس: خرجت مع عمر فدخل حائطا فسمعته يقول وبيني وبينه جدار: عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ، والله لتتقين الله بني الخطاب أو ليعذبنك.
وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة: رأيت عمر أخذ تبنة من الأرض، فقال: يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أك شيئا، ليت أمي لم تلدني.
وقال عبيد الله بن عمر بن حفص: إن عمر بن الخطاب حمل قربة على عنقه، فقيل له في ذلك فقال: إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها.
وقال الصلت بن بهرام، عن جميع بن عمير التيمي، عن ابن عمر، قال: شهدت جلولاء فابتعت من المغنم بأربعين ألفا، فلما قدمت على عمر، قال: أرأيت لو عرضت على النار فقيل لك: افتده، أكنت مفتدي به؟ قلت: والله ما من شيء يؤذيك إلا كنت مفتديك منه، قال: كأني شاهد الناس حين تبايعوا فقالوا: عبد الله بن عمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وابن أمير المؤمنين وأحب الناس إليه، وأنت كذلك فكان أن يرخصوا عليك أحب إليهم من أن يغلوا عليك، وإني قاسم مسئول وأنا معطيك أكثر ما ربح تاجر من قريش، لك ربح الدرهم درهم. قال: ثم دعا التجار فابتاعوه منه بأربع مائة ألف درهم، فدفع إلى ثمانين ألفا وبعث بالباقي إلى سعد بن أبي وقاص ليقسمه.
وقال الحسن: رأى عمر جارية تطيش هزالا، فقال: من هذه؟ فقال عبد الله: هذه إحدى بناتك قال: وأي بناتي هذه؟ قال: بنتي قال: ما بلغ بها ما أرى؟ قال: عملك! لا تنفق عليها قال: إني والله ما أعول ولدك فاسع علهم أيها الرجل.
وقال محمد بن سيرين: قدم صهر لعمر عليه، فطلب أن يعطيه عمر من بيت المال فانتهره عمر، وقال: أردت أن ألقى الله ملكا خائنا!؟ فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم.
قال حذيفة: والله ما أعرف رجلا لا تأخذه في الله لومة لائم إلا عمر.
وقال حذيفة: كنا جلوسا عند عمر فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟
قلت: أنا قال: إنك لجريء، قلت: فتنة الرجل في أهله وماله وولده تكفرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: ليس عنها أسألك، ولكن الفتنة التي تموج موج البحر. قلت: ليس عليك منها بأس، إن بينك وبينها بابا مغلقا قال: أيكسر أم يفتح؟ قلت: بل يكسر قال: إذا لا يغلق أبدا قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم من الباب؟
قال: نعم، كما يعلم أن دون غد
الليلة، إني حدثته حديثا ليس بالأغاليط فسأله مسروق: من الباب؟ قال: الباب عمر. أخرجه البخاري.
وقال إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: أتى عمر بكنوز كسرى، فقال عبد الله بن الأرقم: أتجعلها في بيت المال حتى تقسمها؟ فقال عمر: لا والله لا آويها إلى سقف حتى أمضيها، فوضعها في وسط المسجد وباتوا يحرسونها، فلما أصبح كشف عنها فرأى من الحمراء والبيضاء ما يكاد يتلألأ، فبكى فقال له أبي: ما يبكيك يا أمير المؤمنين فوالله إن هذا ليوم شكر ويوم سرور! فقال: ويحك إن هذا لم يعطه قوم إلا ألقيت بينهم العداوة والبغضاء.
وقال أسلم مولى عمر: استعمل عمر مولى له على الحمى، فقال: يا هني اضمم جناحك عن المسلمين واتق دعوة المظلوم فإنها مستجابة، وأدخل رب الصريمة والغنيمة، وإياي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان فإنهما إن تهلك ما شيتهما يرجعان إلى زرع ونخل، وإن رب الصريمة والغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني ببنيه فيقول: يا أمير المؤمنين! أفتاركهم أنا لا أبا لك! فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والفضة، وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا. أخرجه البخاري.
وقال أبو هريرة: دون عمر الديوان، وفرض للمهاجرين الأولين خمسة آلاف خمسة آلاف، وللأنصار أربعة آلاف أربعة آلاف، وأمهات المؤمنين اثني عشر ألفا اثني عشر ألفا.
وقال إبراهيم النخعي: كان عمر يتجر وهو خليفة.
وقال الأعمش، عن أبي صالح، عن مالك الدار، قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر فجاء رجل إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك، فإنهم قد هلكوا. فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال: ائت عمر فأقرئه مني السلام وأخبره أنهم مسقون وقل له: عليك الكيس الكيس، فأتى الرجل فأخبر عمر فبكى، وقال: يا رب ما آلو ما عجزت عنه.
وقال أنس: تقرقر بطن عمر من أكل الزيت عام الرمادة؛ كان قد حرم نفسه السمن، قال: فنقر بطنه بإصبعه، وقال: إنه ليس عندنا غيره حتى يحيا الناس.
وقال الواقدي: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: لما كان عام الرمادة جاءت العرب من كل ناحية فقدموا المدينة، فكان عمر قد أمر رجالا يقومون بمصالحهم، فسمعته يقول ليلة: "احصوا من يتعشى عندنا". فأحصوهم من القابلة فوجدوهم سبعة آلاف رجل، وأحصوا الرجال المرضى والعيالات فكانوا أربعين ألفا، ثم بعد أيام بلغ الرجال والعيال ستين ألفا، فما برحوا حتى أرسل الله السماء، فلما مطرت رأيت عمر قد وكل بهم يخرجونهم إلى البادية ويعطونهم قوتا وحملانا إلى باديتهم، وكان قد وقع فيهم الموت فأراه مات ثلثاهم، وكانت قدور عمر يقوم إليها المال من السحر يعملون الكركور ويعملون العصائد.
وعن أسلم، قال: كنا نقول: لو لم يرفع الله المحل عام الرمادة لظننا أن عمر يموت.
وقال سفيان الثوري: من زعم أن عليا كان أحق بالولاية من أبي بكر وعمر فقد خطأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار. وقال شريك: ليس يقدم عليا على أبي بكر وعمر أحد فيه خير.
وقال أبو أسامة: تدرون من أبو بكر وعمر؟ هما أبوا الإسلام وأمه.
وقال الحسن بن صالح بن حيي: سمعت جعفر بن محمد الصادق يقول: أنا بريء ممن ذكر أبا بكر وعمر إلا بخير.

ذكر نسائه وأولاده:
تزوج زينب بنت مظعون، فولدت له عبد الله وحفصة، وعبد الرحمن.
وتزوج مليكة الخزاعية، فولدت له عبيد الله، وقيل: أمه وأم زيد الأصغر أم كلثوم بنت جرول.
وتزوج أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية، فولدت له فاطمة.
وتزوج جميلة بنت عاصم بن ثابت فولدت له عاصما.
وتزوج أم كلثوم بنت فاطمة الزهراء وأصدقها أربعين ألفا، فولدت له زيدا ورقية.
وتزوج لهية امرأة من المن فولدت له عبد الرحمن الأصغر.
وتزوج عاتكة بنت زيد بن عمر بن نفيل التي تزوجها بعد موته الزبير.

الفتوح في عهده:
وقال الليث بن سعد: استخلف عمر فكان فتح دمشق، ثم كان اليرموك سنة خمس عشرة، ثم كانت الجابية سنة ست عشرة، ثم كانت إيلياء وسرغ لسنة سبع عشرة، ثم كانت الرمادة وطاعون عمواس سنة ثماني عشرة، ثم كانت جلولاء سنة تسع عشرة، ثم كان فتح باب ليون وقيسارية بالشام، وموت هرقل سنة عشرين؛ وفيها فتحت مصر، وسنة إحدى وعشرين فتحت نهاوند، وفتحت الإسكندرية سنة اثنتين وعشرين؛ وفيها فتحت إصطخر وهمذان؛ ثم غزا عمرو بن العاص أطرابلس المغرب؛ وغزوة عمورية، وأمير مصر وهب بن عمير الجمحي، وأمير أهل الشام أبو الأعور سنة ثلاث وعشرين. ثم قتل عمر مصدر الحاج في آخر السنة.
قال خليفة: وقعة جلولاء سنة سبع عشرة.
استشهاده:
وقال سعيد بن المسيب: إن عمر لما نفر من منى أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة من بطحاء واستلقى ورفع يديه إلى السماء، ثم قال: "
اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط". فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن فمات.
وقال أبو صالح السمان: قال كعب لعمر: أجدك في التوراة تقتل شهيدا، قال: وأنى لي بالشهادة وأنا بجزيرة العرب؟.
وقال أسلم، عن عمر أنه قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك. أخرجه البخاري.
وقال معدان بن أبي طلحة اليعمري: خطب عمر يوم جمعة وذكر نبي الله وأبا بكر، ثم قال: رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين، وإني لا أراه إلا لحضور أجلي، وإن قوما يأمروني أن أستخلف وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته، فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.
وقال الزهري: كان عمر لا يأذن لسبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المغيرة بن شعبة، وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده صنعا ويستأذنه أن يدخل المدينة ويقول: إن عنده أعمالا كثيرا فيها منافع للناس: إنه حداد نقاش نجار، فأذن له أن يرسل به، وضرب عليه المغيرة مائة درهم في الشهر، فجاء إلى عمر يشتكي شدة الخراج، قال: ما خراجك بكثير، فانصرف ساخطا يتذمر، فلبث عمر ليالي، ثم دعاه فقال: ألم أخبر أنك تقول: لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح؟ فالتفت إلى عمر عابسا، وقال: لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها. فلما ولى قال عمر لأصحابه: أوعدني العبد آنفا. ثم اشتمل أبو لؤلؤة
على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه، فكمن في زاوية من زوايا المسجد في الغلس.
وقال عمرو بن ميمون الأودي: إن أبا لؤلؤ عبد المغيرة طعن عمر بخنجر له رأسان طعن معه اثنا عشر رجلا، مات منهم ستة، فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبا، فلما اغتم فيه قتل نفسه.
وقال عامر بن عبد الله بن الزبير، قال: جئت من السوق وعمر يتوكأ علي، فمر بنا أبو لؤلؤة، فنظر إلى عمر نظرة ظننت أنه لولا مكاني بطش به، فجئت بعد ذلك إلى المسجد الفجر فإني لبين النائم واليقظان، إذ سمعت عمر يقول: قتلني الكلب، فماج الناس ساعة، ثم إذا قراءة عبد الرحمن بن عوف.
وقال ثابت البناني، عن أبي رافع: كان أبو لؤلؤة عبدا للمغيرة يصنع الأرحاء، وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي عمر، فقال: يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل علي فكلمه، فقال: أحسن إلى مولاك، ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه، فغضب وقال: يسع الناس كلهم عدله غيري، وأضمر قتله واتخذ خنجرا وشحذه وسمه، وكان عمر يقول:
"أقيموا صفوفكم" قبل أن يكبر، فجاء فقام حذاءه في الصف وضربه في كتفه وفي خاصرته، فسقط عمر، وطعن ثلاث عشر رجلا معه، فمات منهم ستة، وحمل عمر إلى أهله، وكادت الشمس أن تطلع، فصلى ابن عوف بالناس بأقصر سورتين، وأتى عمر بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم يتبين، فسقوه لبنا فخرج من جرحه، فقالوا: لا بأس عليك، فقال: إن يكن بالقتل بأس فقد قتلت. فجعل الناس يثنون عليه ويقولون: كنت وكنت، فقال: أما والله وددت أني خرجت منها كفافا لا علي ولا لي وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت لي.
وأثنى عليه ابن عباس، فقال: لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع، وقد جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد. وأمر صهيبا أن يصلي بالناس، وأجل الستة ثلاثا.
وعن عمرو بن ميمون أن عمر قال: "الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام". ثم قال لابن عباس: كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر العلوج بالمدينة. وكان العباس أكثرهم رقيقا.
ثم قال: يا عبد الله! انظر ما علي من الدين، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوها، فقال: إن وفى مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فاسأل في بني عدي، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش؛ اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل: يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه. فذهب إليها فقالت: كنت أريده -تعني المكان- لنفسي ولأؤثرنه اليوم على نفسي.
قال: فأتى عبد الله، فقال: قد أذنت لك، فحمد الله.
ثم جاءت أم المؤمنين حفصة والنساء يسترنها، فلما رأيناها قمنا، فمكثت عنده ساعة، ثم استأذن الرجال فولجت داخلا ثم سمعنا بكاءها. وقيل له: أوص يا أمير المؤمنين واستخلف.
قال: ما أرى أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمى الستة، وقال: يشهد عبد الله بن عمر معهم وليس لهم من الأمر شيء -كهيئة التعزية له- فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة، ثم قال: أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله، وأوصيه بالمهاجرين والأنصار، وأوصيه بأهل
الأمصار خيرًا، في مثل ذلك من الوصية.
فلما توفي خرجنا به نمشي، فسلم عبد الله بن عمر، وقال: عمر يستأذن، فقالت عائشة: أدخلوه فأدخل فوضع هناك مع صاحبيه.
فلما فرغ من دفنه ورجعوا اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعلوا أمركم إلا ثلاثة منكم. فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن وقال طلحة: قد أمري إلى عثمان. قال: فخلا هؤلاء الثلاثة فقال عبد الرحمن: أنا لا أريدها فأيكما يبرأ من هذا الأمر ونجعله إليه، والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه وليحرصن على صلاح الأمة. قال: فسكت الشيخان علي وعثمان، فقال عبد الرحمن: اجعلوه إلي والله علي لا آلو عن أفضلكم. قالا: نعم، فخلا بعلي وقال: لك من القدم في الإسلام والقرابة ما قد علمت، الله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عليك لتسمعن ولتطيعن، قال: ثم خلا بالآخر فقال له كذلك، فلما أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه علي.
وقال المسور بن مخرمة: لما أصبح عمر بالصلاة من الغد، وهو مطعون، فزعوه فقالوا: الصلاة ففزع وقال: نعم ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. فصلى وجرحه يثعب دما.
وقال النضر بن شميل: حدثنا أبو عامر الخزاز، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، قال: لما طعن عمر جاء كعب فقال: والله لئن دعا أمير المؤمنين ليبعثنه الله وليرفعنه لهذه الأمة حتى يفعل كذا وكذا. حتى ذكر المنافقين فيمن ذكر، قال: قلت: أبلغه ما تقول؟ قال: ما قلت إلا وأنا أريد أن تبلغه، فقمت وتخطيت الناس حتى جلست عند رأسه فقلت: يا أمير المؤمنين، فرفع رأسه فقلت: إن كعبا يحلف بالله لئن دعا أمير المؤمنين ليبقينه الله وليرفعنه لهذه الأمة.
قال: ادعوا كعبا فدعوه، فقال: ما تقول؟ قال: أقول كذا وكذا، فقال: لا والله لا أدعو الله ولكن شقي عمر إن لم يغفر الله له. قال: وجاء صهيب، فقال: وا صفياه وا خليلاه وا عمراه.
فقال: مهلا يا صهيب أو ما بلغك أن المعول عليه يعذب ببعض بكاء أهله عليه.
وعن ابن عباس قال: كان أبو لؤلؤة مجوسيا.
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال ابن عمر: يا أمير المؤمنين ما عليك لو أجهدت نفسك ثم أمرت عليهم رجلا؟ فقال عم: أقعدوني. قال عبد الله: فتمنيت أن بيني وبينه عرض المدينة فرقا منه حين قال: أقعدوني، ثم قال: من أمرتم بأفواهكم؟ قلت: فلانا قال: إن تؤمروه فإنه ذو شيبتكم، ثم أقبل على عبد الله، فقال: ثكلتك أمك أرأيت الوليد ينشأ مع الوليد وليدا وينشأ معه كهلا، أتراه يعرف من خلقه؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين قال: فما أنا قائل لله إذا سألني عمن أمرت عليهم فقلت: فلانا، وأنا أعلم منه ما أعلم! فلا والذي نفسي بيده لأرددنها إلى الذي دفعها إلي أول مرة، ولوددت أن عليها من هو خير مني لا ينقضي ذلك مما أعطاني الله شيئا.
وقال سالم بن عبد الله، عن أبيه قال: دخل على عمر عثمان، وعلى والزبير وابن عوف، وسعد -وكان طلحة غائبا- فنظر إليهم ثم قال: إني قد نظرت لكم في أمر الناس فلم أجد عند الناس شقاقا إلا أن يكون فيكم، ثم قال: إن قومكم إنما يؤمرون أحدكم أيها الثلاثة، فإن كنت على شيء من أمر الناس يا عبد الرحمن فلا تحملن بني أبي معيط على رقاب الناس، وإن كنت على شيء من أمر الناس يا عثمان فلا تحملن أقاربك على رقاب الناس، وإن كنت على شيء من أمر الناس يا علي فلا تحملن بني هاشم على رقاب الناس، قوموا فتشاوروا وأمروا أحدكم، فقاموا يتشاورون.
قال ابن عمر: فدعاني عثمان مرة أو مرتين ليدخلني في الأمر ولم يسمني عمر، ولا والله ما أحب أني كنت معهم علما منه بأنه سيكون من أمرهم ما قال أبي، والله لقل ما سمعته حول شفتيه بشيء قط إلا كان حقا، فلما أكثر عثمان دعائي قلت: ألا تعقلون! تؤمرون وأمير المؤمنين حي! فوالله لكأنما أيقظتهم فقال عمر: أمهلوا فإن حدث بي حدث فليصل للناس صهيب ثلاثا ثم أجمعوا في اليوم الثالث أشراف الناس، وأمراء الأجناد فأمروا أحدكم، فمن تأمر عن غير مشورة فاضربوا عنقه.
وقال ابن عمر: كان رأس عمر في حجري، فقال: ضع خدي على الأرض، فوضعته، فقال: ويل لي وويل أمي إن لم يرحمني ربي.
وقال أبو معشر، عن نافع عن ابن عمر قال: وضع عمر بين القبر والمنبر، فجاء علي حتى قام بين الصفوف، فقال: رحمة الله عليك ما من خلق أحب إلي من أن ألقى الله بصحيفته بعد صحيفة النبي صلى الله عليه وسلم من هذا المسجى عليه ثوبه. وقد روي نحوه من عدة وجوه عن علي.
وقال معدان بن أبي طلحة: أصيب عمر يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة. وكذا قال زيد بن أسلم وغير واحد.
وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص: إنه دفن يوم الأحد مستهل المحرم.
وقال سعيد بن المسيب: توفي عمر وهو ابن أربع أو خمس وخمسين سنة، كذا رواه الزهري عنه.
وقال أيوب، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: مات عمر وهو ابن خمس وخمسين سنة. وكذا قال سالم بن عبد الله، وأبو الأسود يتيم عروة، وابن شهاب.
وروى أبو عاصم، عن حنظلة، عن سالم، عن أبيه: سمعت عمر قبل أن يموت بعامين أو نحوهما يقول: أنا ابن سبع أو ثمان وخمسين. تفرد به أبو عاصم.
وقال الواقدي: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: توفي عمر وله ستون سنة. قال الواقدي: هذا أثبت الأقاويل، وكذا
قال مالك.
وقال قتادة: قتل عمر وهو ابن إحدى وستين سنة.
وقال عامر بن سعد البجلي، عن جرير بن عبد الله أنه سمع معاوية يخطب ويقول: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وأبو بكر وعمر وهما ابنا ثلاث وستين.
وقال يحى بن سعيد: سمعت سعيد بن المسيب، قال: قبض عمر وقد استكمل ثلاثا وستين. قد تقدم لابن المسيب قول آخر.
وقال الشعبي مثل قول معاوية.
وأكثر ما قيل قول ابن جريج، عن أبي الحويرث، عن ابن عباس: قبض عمر وهو ابن ست وستين سنة، والله أعلم.

الأحد، 29 مايو 2016

اخلاق صلاح الدين رحمه الله

روى الامام الذهبي في سير اعلام النبلاء :
محاسن صلاح الدين جمة، لا سيما الجهاد، فله فيه اليد البيضاء ببذل الاموال والخيل المثمنة لجنده. وله عقل جيد، وفهم، وحزم، وعزم.
وما حضر اللقاء إلا استعار فرسا، ولا يلبس إلا ما يحل لبسه كالكتان والقطن، نزه المجالس من الهزل، ومحافله آهلة بالفضلاء، ويؤثر سماع الحديث بالاسانيد، حليما، مقيلا للعثرة، تقيا نقيا، وفيا صفيا، يغضي ولا يغضب، ما رد سائلا، ولا خجل قائلا، كثير البر والصدقات، أنكر علي تحلية دواتي بفضة، فقلت: في جوازه وجه ذكره أبو محمد الجويني. وما رأيته صلى إلا في جماعة.
قلت: وحضر وفاته القاضي الفاضل. مات، وغسله الخطيب الدولعي، وأخرج في تابوت، فصلى عليه القاضي محيي الدين ابن الزكي، وأعيد إلى الدار التي في البستان التي كان متمرضا فيها، ودفن في الصفة، وارتفعت الاصوات بالبكاء، وعظم الضجيج، حتى إن العاقل ليخيل له أن الدنيا كلها تصيح صوتا واحدا، وغشي الناس ما شغلهم عن الصلاة عليه، وتأسف الناس عليه حتى الفرنج لما كان من صدق وفائه.

وكان شديد القوى، عاقلا، وقورا، مهيبا، كريما، شجاعا.
وفي (الروضتين) لابي شامة (3): أن السلطان لم يخلف في خزانته من الذهب والفضة إلا سبعة وأربعين درهما، ودينارا صوريا، ولم يخلف ملكا ولا عقارا رحمه الله، ولم يختلف عليه في أيامه أحد من أصحابه، وكان الناس يأمنون ظلمه، ويرجون رفده، وأكثر ما كان يصل عطاؤه إلى الشجعان، وإلى العلماء، وأرباب البيوتات، ولم يكن لمبطل ولا لمزاح عنده نصيب.

رحمه الله رحمةً واسعة و اجرى الله له حسنات عمله الصالح الى يوم القيامة ان شاء الله.

السبت، 26 مارس 2016

قصة الحسين واهله عليهم السلام في كربلاء

قصة الحسين واهله عليهم السلام في كربلاء
مات معاوية ( رضي الله عنه ) في نصف رجب، وبايع الناس يزيد، فكتب إلى والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان: أن ادع الناس وبايعهم، وابدأ بالوجوه، وارفق بالحسين، فبعث إلى الحسين وابن الزبير في الليل، ودعاهما إلى بيعة يزيد، فقالا: نصبح وننظر فيما يعمل الناس.
ووثبا، فخرجا.
وقد كان الوليد أغلظ للحسين، فشتمه حسين، وأخذ بعمامته، فنزعها، فقال الوليد: إن هجنا بهذا إلا أسدا.
فقال له مروان أو غيره: اقتله.
قال: إن ذاك لدم مصون .
وخرج الحسين وابن الزبير لوقتهما إلى مكة، ونزل الحسين بمكة دار العباس، ولزم عبد الله الحجر، ولبس المعافري (المعافري: برود باليمن منسوبة إلى قبيلة معافر)، وجعل يحرض على بني أمية، وكان يغدو ويروح إلى الحسين، ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتكم.
وكان ابن عباس ينهاه .
وقال له عبد الله بن مطيع: فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك ولا تسر، فوالله لئن قتلت ليتخذونا خولا وعبيدا .
ولقيهما عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة منصرفين من العمرة، فقال لهما: أذكر كما الله إلا رجعتما، فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس وتنظران، فإن اجتمع عليه الناس لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان.
وقال ابن عمر للحسين: لا تخرج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه ولا تنالها،
ثم اعتنقه، وبكى، وودعه.
فكان ابن عمر يقول: غلبنا بخروجه، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك .
وقال له ابن عباس: أين تريد يا ابن فاطمة ؟
قال: العراق وشيعتي.
قال: إني كاره لوجهك هذا، تخرج إلى قوم قتلوا أباك...
وقال له أبو سعيد: اتق الله، والزم بيتك.
وكلمه جابر، وأبو واقد الليثي.
قال: وكتبت إليه عمرة تعظم ما يريد أن يصنع، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه، وتقول: حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
قول: " يقتل حسين بأرض بابل " فلما قرأ كتابها، قال: فلابد إذا من مصرعي.
وكتب إليه عبد الله بن جعفر يحذره ويناشده الله.
فكتب إليه: إني رأيت رؤيا، رأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني بأمر أنا ماض له.
وأبى الحسين على كل من أشار عليه إلا المسير إلى العراق.
وقال له ابن عباس: إني لاظنك ستقتل غدا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان، وإني لاخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال: أبا العباس ! إنك شيخ قد كبرت.
فقال: لولا أن يزرى بي وبك، لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أنك تقيم، إذا لفعلت، ثم بكى، وقال: أقررت عين ابن الزبير.
وقال أبو بكر بن عياش: كتب الاحنف إلى الحسين: (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) (الروم: 60)
عن لبطة بن الفرزدق، عن أبيه قال: لقيت الحسين، فقلت: القلوب معك، والسيوف مع بني أمية.
ذكر ابن سعد بأسانيد له قالوا: قدَّم الحسينُ مسلما ( ابن عقيل)، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة، ويكتب إليه بخبر الناس، فقدم الكوفة مستخفيا، وأتته الشيعة، فأخذ بيعتهم، وكتب إلى الحسين: بايعني إلى الآن ثمانية عشر ألفا، فعجل، فليس دون الكوفة مانع، فأغذ السير حتى انتهى إلى زبالة ، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مئة ألف، وكان على الكوفة النعمان بن بشير، فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان على الحسين.
فكتب إلى عبيد الله وهو على البصرة.
فضم إليه الكوفة، وقال له: إن كان لك جناحان، فطر إلى الكوفة ! فبادر متعمما متنكرا، ومر في السوق، فلما رآه السفلة، اشتدوا بين يديه: يظنونه الحسين، وصاحوا: يا ابن رسول الله ! الحمد لله الذي أراناك، وقبلوا يده ورجله، فقال: ما أشد ما فسد هؤلاء.
ثم دخل المسجد، فصلى ركعتين، وصعد المنبر، وكشف لثامه، وظفر برسول الحسين - وهو عبد الله بن بقطر - فقتله.
وقدم مع عبيد الله، شريك بن الاعور - شيعي -، فنزل على هانئ بن عروة، فمرض، فكان عبيد الله يعوده، فهيأوا لعبيد الله ثلاثين رجلا ليغتالوه، فلم يتم ذلك.
وفهم عبيد الله، فوثب وخرج، فنم عليهم عبد لهانئ، فبعث إلى هانئ - وهو شيخ - فقال: ما حملك على أن تجير عدوي ؟ قال: يا ابن أخي، جاء حق هو أحق من حقك، فوثب إليه عبيد الله بالعنزة حتى غرز رأسه بالحائط.
وبلغ الخبر مسلما، فخرج في نحو الاربع مئة، فما وصل إلى القصر إلا في نحو الستين، وغربت الشمس، فاقتتلوا، وكثر عليهم أصحاب عبيد
 الله، وجاء الليل، فهرب مسلم، فاستجار بامرأة من كندة، ثم جئ به إلى عبيد الله، فقتله،
فقال: دعني أوص.
قال: نعم.
فقال لعمر بن سعد: يا هذا ! إن لي إليك حاجة، وليس هنا قرشي غيرك، وهذا الحسين قد أظلك، فأرسل إليه لينصرف، فإن القوم قد غروه، وكذبوه، وعلي دين فاقضه عني، ووار جثتي، ففعل ذلك.
وبعث رجلا على ناقة إلى الحسين، فلقيه على أربع مراحل، فقال له ابنه علي الاكبر: ارجع يا أبه، فإنهم أهل العراق وغدرهم وقلة وفائهم.
فقالت بنو عقيل: ليس بحين رجوع، وحرضوه، فقال حسين لاصحابه: قد ترون ما أتانا، وما أرى القوم إلا سيخذلوننا، فمن أحب أن يرجع، فليرجع، فانصرف عنه قوم.
وأما عبيد الله فجمع المقاتلة، وبذل لهم المال، وجهز عمر بن سعد في أربعة آلاف، فأبى، وكره قتال الحسين، فقال: لئن لم تسر إليه لاعزلنك، ولاهدمن دارك، وأضرب عنقك.
وكان الحسين في خمسين رجلا، منهم تسعة عشر من أهل بيته.
وقال الحسين: يا هؤلاء ! دعونا نرجع من حيث جئنا،
قالوا: لا.
وبلغ ذلك عبيد الله، فهم أن يخلي عنه، وقال: والله ما عرض لشئ من عملي، وما أراني إلا مخل سبيله يذهب حيث يشاء، فقال شمر: إن فعلت، وفاتك الرجل، لاتستقيلها أبدا.
فكتب إلى عمر.
الآن حيث تعلقته حبالنا         يرجو النجاة ولات حين مناص .
فناهضه، وقال لشمر: سر فإن قاتل عمر، وإلا فاقتله، وأنت على الناس.
وضبط عبيد الله الجسر، فمنع من يجوزه لما بلغه أن ناسا يتسللون إلى الحسين.
قال: فركب العسكر، وحسين جالس، فرآهم مقبلين، فقال لاخيه عباس: القهم فسلهم: مالهم ؟ فسألهم،
قالوا: أتانا كتاب الامير يأمرنا أن نعرض عليك النزول على حكمه، أو نناجزك.
قال: انصرفوا عنا العشية حتى ننظر الليلة، فانصرفوا.
وجمع حسين أصحابه ليلة عاشوراء، فحمد الله، وقال: إني لا أحسب القوم إلا مقاتليكم غدا، وقد أذنت لكم جميعا، فأنتم في حل مني، وهذا الليل قد غشيكم، فمن كانت له قوة، فليضم إليه رجلا من أهل بيتي، وتفرقوا في سوادكم، فإنهم إنما يطلبونني، فإذا رأوني، لهوا عن طلبكم.
فقال أهل بيته: لا أبقانا الله بعدك، والله لا نفارقك.
وقال أصحابه كذلك.
وعن أبي الجحاف، عن أبيه: أن رجلا قال للحسين: إن علي دينا.
قال: لا يقاتل معي من عليه دين .
فلما أصبحوا، قال الحسين: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت فيما نزل بي ثقة، وأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة.
وقال لعمر وجنده: لا تعجلوا، والله ما أتيتكم حتى أتتني كتب أماثلكم بأن السنة قد أميتت، والنفاق قد نجم، والحدود قد عطلت، فاقدم لعل الله يصلح بك الامة.
فأتيت، فإذ كرهتم ذلك، فأنا راجع، فارجعوا إلى أنفسكم، هل يصلح لكم قتلي، أو يحل دمي ؟ ألست ابن بنت نبيكم
وابن ابن عمه ؟ أو ليس حمزة والعباس وجعفر عمومتي ؟ ألم يبلغكم قول
رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفي أخي: " هذان سيدا شباب أهل الجنة " .
فقال شمر: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول، فقال عمر: لو كان أمرك إلي، لاجبت.
وقال الحسين: يا عمر ! ليكونن لما ترى يوم يسوؤك.
اللهم إن أهل العراق غروني، وخدعوني، وصنعوا بأخي ما صنعوا.
اللهم شتت عليهم أمرهم، وأحصهم عددا.
فكان أول من قاتل مولى لعبيد الله بن زياد، فبرز له عبد الله بن تميم الكلبي، فقتله، والحسين جالس عليه جبة خز دكناء، والنبل يقع حوله، فوقعت نبلة في ولد له ابن ثلاث سنين، فلبس لامته، وقاتل حوله أصحابه، حتى قتلوا جميعا، وحمل ولده علي يرتجز:
أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي
فجاءته طعنة، وعطش حسين فجاء رجل بماء، فتناوله، فرماه حصين ابن تميم بسهم، فوقع في فيه، فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله.
وتوجه نحو المسناه يريد الفرات، فحالوا بينه وبين الماء، ورماه رجل بسهم، فأثبته في حنكه، وبقي عامة يومه لا يقدم عليه أحد، حتى أحاطت به الرجالة، وهو رابط الجأش، يقاتل قتال الفارس الشجاع، إن كان ليشد عليهم، فينكشفون عنه انكشاف المعزى شد فيها الاسد، حتى صاح بهم شمر: ثكلتكم أمهاتكم ! ماذا تنتظرون به ؟ فانتهى إليه زرعة التميمي، فضربه وطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته، ثم طعنه في صدره فخر، واحتز رأسه خولي الاصبحي لا رضي الله عنهما.
قال: ووجد بالحسين ثلاث وثلاثون جراحة، وقتل من جيش عمر بن سعد ثمانية وثمانون نفسا.
قال: ولم يفلت من أهل بيت الحسين سوى ولده علي الاصغر، فالحسينية من ذريته، كان مريضا.
وحسن بن حسن بن علي وله ذرية، وأخوه عمرو، ولا عقب له، والقاسم بن عبد الله بن جعفر، ومحمد بن عقيل، فقدم بهم وبزينب وفاطمة بنتي علي، وفاطمة وسكينة بنتي الحسين، وزوجته الرباب الكلبية والدة سكينة، وأم محمد بنت الحسن بن علي، وعبيد وإماء لهم.
قال: وأخذ ثقل الحسين، وأخذ رجل حلي فاطمة بنت الحسين، وبكى، فقالت: لم تبكي ؟ فقال: أأسلب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبكي ؟ قالت: فدعه، قال: أخاف أن يأخذه غيري.
وأقبل عمر بن سعد، فقال: ما رجع إلى أهله بشر مما رجعت به، أطعت ابن زياد، وعصيت الله، وقطعت الرحم.
وورد البشير على يزيد، فلما أخبره، دمعت عيناه، وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين.
وقالت سكينة: يا يزيد، أبنات رسول الله سبايا ؟ قال: يا بنت أخي هو والله علي أشد منه عليك، أقسمت ولو أن بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم عليه،
فقال : رحم الله حسينا، عجل عليه ابن زياد، أما والله لو كنت صاحبه، ثم لم أقدر على دفع القتل عنه إلا بنقص بعض عمري، لاحببت أن أدفعه عنه، ولوددت أن أتيت به سلما.
ثم أقبل على علي بن الحسين، فقال: أبوك قطع رحمي، ونازعني سلطاني.
فقام رجل، فقال: إن سباءهم لنا حلال.
قال علي: كذبت إلا أن تخرج من ملتنا.
فأطرق يزيد، وأمر بالنساء، فأدخلن على نسائه، وأمر نساء آل أبي سفيان، فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام، إلى أن قال: وبكت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر، فقال يزيد وهو زوجها: حق لها أن تعول على كبير قريش وسيدها.


هذه قصة استشهاد الحسين رضي الله عنه واهل بيته عليهم السلام من دون خرافات او اساطير او أكاذيب رواها اهل الإسلام بأمانة و حياد مع وجود زيادات مختلف في صدقها وحقيقتها. فرحم الله الحسين ورحم من سار على سنته وسنة ابيه و صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وجمعنا بهم ان شاء الله (( إخواناً على سُررٍ متقابلين )).
 منقول بتصرف من كتاب "سير اعلام النبلاء" للذهبي رحمه الله.