الجمعة، 11 أبريل 2014

من معجزات الرسول (صلى الله عليه وسلم )



عن عِمرانَ رضيَّ اللهُ عنه قال : كنّا في سَفَرٍ مع النبيِّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم [ في رجوعهم من خيبر ] ، و إنّا أسْرَينا حتى إذا كنّا في آخرِ الليلِ وَقَعْنا وَقعةً و لا وَقعةَ أحلى عِندَ المُسافِر منها ، فما أيقظَنا إلاّ حَرُّ الشمسِ ، وكان أوْلَ مَنِ استيقَظَ فُلانٌ ثمَّ فُلانٌ ثمَّ فُلانٌ ثمَّ عُمرُ بنُ الخَطّابِ الرَّابعُ ، و كان النبيُّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم إذا نامَ لمْ يُوقَظْ حتى يَكونَ هُوَ يَسْتيقِظُ لأنّا لا نَدري ما يَحدُثُ لهُ في نَومهِ [ كانوا يخافون قطع الوحي فلا يوقظونه لاحتمال ذلك ]. فلمّا اسْتَيقظَ عمرُ و رأى ما أصابَ الناسَ – و كانَ رجُلاً جَلِيداً – فكبَّرَ و رَفَعَ صَوتَهُ بالتكبيرِ ، فما زالَ يُكبِّرُ و يَرفَعُ صوتَهُ بالتكبيرِ حتى استيقَظَ بصوتهِ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم ، فلمّا استيقَظَ شَكَوا إليهِ الذي أصابَهمْ ، قال (( لا ضَيرَ – أو لا يَضيرُ – ارتَحِلوا )). فارتحلَ ، فسارَ غيرَ بَعيدٍ ، ثمَّ نزلَ فدَعا بالوَضوءِ فتوضَّأ ، و نُوديَ بالصلاةِ فصلَّى بالناسِ ، فلما انفَتَلَ مِن صلاتهِ إذا هُوَ برَجُلٍ مُعتزِلٍ لم يُصَلِّ مع القومِ ، فقال (( ما مَنعَكَ يا فلانُ أن تُصلِّيَ مع القومِ )) ؟ قال : أصابَتْني جَنابةٌ و لا ماءَ . قال (( عليكَ بالصَّعيدِ . فانه يَكفيكَ )). [ أمره صلى اللهُ عليهِ و سلّم بالتيمم ] ثمَّ سارَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم فاشتكى إليه الناسُ من العَطَشِ ، فنزَلَ فدعا فُلاناً و دَعا علياً فقال (( اذْهَبا فابتَغِيا الماء ))، فانطلقا فتلقَّيا امرأةً بين مَزادَتَينِ – أو سَطيحَتينِ [ قربتين كبيرتين من الجلد ] – من ماءٍ عَلَى بَعيرٍ لها فقالا لها : أينَ الماءُ ؟ قالتْ عَهدِي بالماءِ أمسِ هذهِ الساعةَ [ أمسِ في مثلِ هذهِ الساعة وهي دلالة على بعد الماء ] و نَفَرْنا خُلوفاً . قالا لها : انطَلِقي إذاً . قالت : إلى أينَ ؟ قالا : إلى رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم . قالت الذي يُقالُ له الصابئ . قالا هو الذي تَعْنينَ ، فانْطَلِقي . فجاءا بها إلى النبيِّ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم و حدَّثاهُ الحديثَ . قال (( فاستَنْزَلوها عن بَعيرِها ))، وَ دَعَا النبيُّ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم بإناءٍ ففرَّغَ فيه مِن أفواهِ المَزادَتَينِ -  أوِ السَطيحَتينِ [ فتمضمض في الماء و أعاده في أفواه المَزادَتَينِ ] – وَ أوْكَأَ [ ربطَ ] أفْواهَهُما وَ أطلَقَ العَزاليَ [ فتحَ مصبَ الماءِ مِن الراوية و لكلِ مزادة عزلاوان ( مَصبَين ) مِن أسفلِها ] وَ نُودِيَ في الناسِ : اسْقوا و استَقوا . فسَقَى مَن شاءَ و استَقى مَن شاء ، و كان آخِرَ ذاكَ أنْ أعطى الذي أصابَتْهُ الَجنابةُ إناءً مِن ماءٍ قال : اذهبْ فأفرِغْهُ عليكَ . وَ هَيَ قائمةٌ تَنظُرُ إلى ما يُفْعَلُ بمائِها . و ايمُ الله وَ إنه لَيُخيَّلُ إلينا أنها أشدُّ مِلاةً منها حينَ ابتَدَأ فيها . فقال النبيُّ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم : اجْمَعوا لها . فَجمَعوا لها . فَجمعَوا لها – مِن بينِ عَجْوَةٍ وَ دَقيقةٍ وَ سَوِيقةٍ – حتى جَمَعوا لها طَعاماً ، فجَعلوها في ثَوبٍ و حَمَلوها عَلَى بَعيرِها وَ وَضَعوا الثَّوبَ بينَ يَديْها ، قال لها (( تَعلَمينَ ما رَزِئْنا [ نقصنا ] من ماءِك شَيئاً ، وَ لكنَّ اللهَ هوَ الذي أسقانا )). [ من معجزات الرسول صلى اللهُ عليهِ و سلّم ] فأتَتْ أهلَها و قد احتَبَسَتْ عنهم . قالوا : ما حَبَسِك يا فُلانةُ ؟ قالتِ العَجَبُ ، لَقِيَني رَجُلانِ فذَهَبا بي إلى هذا الذي يُقالُ لهُ الصابئ ، ففعلَ كذا و كذا ، فو اللهِ إنه لأسْحرُ الناسِ مِن بينِ هذهِ و هذهِ – و قالت بإصبَعَيها الوُسطى و السَّبّابةِ فرَفَعَتْهما إلى السماءِ تعني السماءَ و الأرضَ – أو إنه لَرسولُ اللهِ حَقّاً . فكانَ المسلمونَ بَعدَ ذلكَ يُغِيرونَ عَلَى مَن حَولها مِن المشرِكينَ و لا يُصِيبونَ الصِّرْمَ [  بيوت قومها ] الذي هيَ منه . فقالتْ يوماً لقومِها : ما أرَى إن هؤلاءِ القَومَ يدَعونَكم عَمداً ، فهل لكم في الإسلامِ ؟ فأطاعوها ، فدَخلوا في الإسلام .[1]


[1] صحيح البخاري  - كتاب التيمم \  باب : الصعيد الطيب وضوء المسلم  - حديث : ‏340‏

من أخير الناس للمساكين

عن أبي هريرة رضيَّ اللهُ عنه : أنَّ الناسَ كانوا يقولون : أكثرَ أبو هريرة ، وإني كنتُ ألزمُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم بِشبَع بطني حتى لا آكلُ الخميرَ ولا ألبَسُ الحَبيرَ [ بُرد موشى مخطط ] ولا يخدُمني فلانٌ ولا فلانة ، وكنتُ ألصِقُ بطني بالحصباءِ منَ الجوع ، وإنْ كنتُ لأستقريء الرجلَ الآيةَ هيَ معي كي يَنقلِبُ بي فيُطعِمَني . وكان أخيرَ الناسِ للمساكين جعفرُ بن أبي طالب : كان ينقلِبُ بنا فيُطعِمُنا ما كان في بيته ، حتى إنْ كان ليُخرِجُ إلينا العُكةَ [ ظرف السمن : الدهن ] التي ليسَ فيها شيء ، فيَشقّها فنلعقُ ما فيها.[1]


[1] صحيح البخاري  - كتاب المناقب \  باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه - حديث : ‏3526‏

عبدالله بن مسعود



عن ابي موسى الأشعريَّ رضيَّ اللهُ عنه قال : قَدِمتُ أنا وأخي من اليمنِ ، فمكثنا حِيناً ما نرى [ نظن ] إلاّ أنَّ عبدَ اللهِ بن مسعودٍ رجُلٌ من أهل بيتِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم ، لِما نرَى من دُخولهِ ودخولِ أمّه على النبيّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم .[1]


[1] صحيح البخاري  - كتاب المناقب \  باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه - حديث : ‏3575‏

اصحاب الهجرتين



عن أبي موسى رضيَّ اللهُ عنه : بَلَغَنا مَخرجُ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم ونحنُ باليمنِ ، فخرَجنا مُهاجرين إليهِ أنا وأخَوانِ لي أنا أصغَرُهم : أحدهما أبو بُردةَ ، والأخَر أبو رُهمٍ – إما قال : في بضعٍ ، وإما قال : في ثلاثةٍ وخمسينَ ، أو اثنينِ وخمسينَ رجُلاً – فركِبْنا سفينةً ، فألقَتْنا سفينتنا إلى النجاشيِّ بالحبشة ، فوافَقْنا جعفرَ بن أبي طالبٍ فأقمنا معه ، حتى قَدِمْنا جميعاً ، فوافَقْنا النبيَّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم حينَ افتتحَ خيبرَ . وكان أُناس من الناس يقولون لنا – يعني لأهل السفينة – سبَقْناكم بالهجرة . ودخلَتْ أسماءُ بنت عُمَيس [ زوج جعفر ] – وهي ممن قَدِمَ مَعَنا – على حفصةَ زوج النبيِّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم زائرةً ، وقد كانت هاجَرَت إلى النَّجاشيِّ فيمن هاجرَ ، فدخَلَ عمرُ على حفصةَ – وأسماءُ عندها – فقال عمر حينَ رأى أسماءَ : مَن هذهِ ؟ قالت : أسماءُ بنت عُميسٍ . قال عمرُ : آلحبشية هذهِ ؟ البحرية هذهِ ؟ قالت أسماءُ : نعم ، قال : سَبَقناكم بالهجرةِ ، فنحنُ أحقُّ برسولِ اللهِ منكم . فغَضِبَت وقالت : كلاّ والله ، كنتم معَ رسولِ الله صلى اللهُ عليهِ و سلّم يُطعِمُ جائعَكم ويعِظُ جاهلَكم ، وكنّا في دارِ – أو في أرضِ – البُعَداءِ البُغَضاءِ بالحبشة ، وذلك في اللهِ وفي رسولهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم . وايمُ الله لا أطعَمُ طعاماً ولا أشرَبُ شراباً حتى أذكرَ ما قلتَ لرسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم ، ونحنُ كنّا نُؤْذَى ونُخاف ، وسأذكرُ ذلكَ للنبيِّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم وأسأله ، واللهِ لا أكذِبُ ولا أزِيغُ ولا أزيدُ عليه . فلما جاء النبيُّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم قالت : يا نبيَّ الله ، إنَّ عمرَ قال كذا وكذا . قال (( فما قلتِ له )) ؟ قالت : قلتُ له كذا وكذا . قال (( ليسَ بأحقَّ بي منكم ، ولهُ ولأصحابهِ هجرةٌ واحدة ، ولكم أنتم أهل السفينةِ هجرتان )). قالت : فلقد رأيت أبا موسى وأصحابَ السفينةِ يأتونني أرسالاً [ أفواجاً ] يسألوني عن هذا الحديث ، ما منَ الدنيا شيءٌ هم به أفرَحُ ولا أعظمُ في انفُسِهم مما قال لهم النبيُّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم .[1]


[1] صحيح البخاري  - كتاب المغازي \  باب غزوة خيبر - حديث : ‏4004‏

من كنوز الجنة



عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَّ اللهُ عنه قال : لما غَزا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم خيبرَ – أو قال : لما توجَّهَ رسولُ الله صلى اللهُ عليهِ و سلّم – [ في طريق العودة من خيبر ] أشرف الناسُ على وادٍ فرَفعوا أصواتَهم بالتكبير ، اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبر . لا إلهَ إلاّ الله . فقال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم (( اربَعوا على أنفسِكم ، إنكم لا تدعونَ اصمَّ ولا غائباً ، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم )) . وأنا خَلفَ دابةِ رسول الله صلى اللهُ عليهِ و سلّم ، فسمعني وأنا أقول : لا حَولَ ولا قوةَ إلاّ بالله . فقال لي (( يا عبدَ الله بن قيس )). قلتُ : لبيكَ رسول الله . قال (( ألا أدُلُّكَ على كلمةٍ من كنزٍ من كنوزِ الجنة )) ؟ قلتُ : بلى يا رسولَ الله ، فداك أبي وأمي . قال (( لا حَولَ ولا قوةَ إلاّ بالله )).[1]



[1] صحيح البخاري  - كتاب المغازي \  باب غزوة خيبر - حديث : ‏3982‏