قال
محمد بن المبارك: صعدت جبل لبنان فإذا برجل عليه جبة من صوف مكتوب عليها: لا يباع
ولا يوهب. قد ائتزر بمأزر الخشوع، وارتدى برداء الورع، وتعمم بعمامة التوكل. فلما
رآني استخفى وراء شجرة بلوط، فناشدته الله أن يظهر فظهر. فقلت كيف تصبر على الوحدة
في هذه القفار ؟ فضحك وأنشأ يقول:
يا
حبيب القلوب من لي سواكا . .. إرحم اليوم مذنباً قد أتاكا
أنت
سؤلي ومنيتي وسروري ... قد أبى القلب أن يحب سواكا
يا
مرادي وسيدي واعتمادي . .. طال شوقي متى يكون لقاكا
ليس
سؤلي من الجنان نعيم . .. غير اني أريدها لأراكا
ثم
غاب، وعدت مراراً فلم أره. فسألت عنه فقيل لي إنه العباس المجنون له اكلتان في كل
شهر من ثمر الشجر والعشب.