فصل ـ في تسلية أهل المصائب بالعلاج الإلهي و
النبوي
فالإلهي : قوله تعالى : { وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون } وآيات الصبر كثيرة جدا
و النبوي [ قوله صلى الله عليه و سلم : ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به : { إنا لله وإنا إليه راجعون } اللهم اؤجرني في مصيبتي و أخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته و أخلف الله له خيرا منها ] و قد تقدم و أمثال ذلك من الأحاديث
و قد تضمنت هذه الكلمة : { إنا لله و إنا إليه راجعون } علاجا من الله و رسوله لأهل المصائب فإنها من أبلغ علاج المصائب و أنفعه للعبد في عاجله و آجله فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما و تسلى عن مصيبته
أحد الأصلين : أن يتحقق العبد أن نفسه و أهله و ماله و ولده ملك لله عز و جل حقيقة و قد جعله الله عند العبد عارية فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ عاريته من المستعير و أيضا : فإنه محفوف بعدمين عدم قبله و عدم بعده و ملك العبد له متعة معارة في زمن يسير وأيضا : فإنه ليس هو الذي أوجده من عدم حتى يكون ملكه حقيقة و لا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده فليس له فيه تأثير و لا ملك حقيقي و أيضا فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي لا تصرف الملاك و لهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي
والثاني : أن مصير العبد و مرجعه الى الله مولاه الحق و لابد أن يخلف الدنيا وراء ظهره و يأتي ربه يوم القيامة فردا كما خلقه أول مرة بلا أهل و لا مال و لا عشيرة و لكن يأتيه بالحسنات و السيئات فإذا كانت هذه بداية العبد و ما خوله و نهايته و حاله فيه فكيف يفرح العبد بولد أو مال أو غير ذلك من متاع الدنيا ؟ أم كيف يأسى على مفقود ؟ ففكرة العبد في بدايته و نهايته من أعظم علاج المصائب ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور } و من تأمل هذه الآية الكريمة وجد فيها شفاء أو دواء المصائب و كل ما ذكرناه في هذا الفصل فهو في هذه الآية فتدبر ذلك
فالإلهي : قوله تعالى : { وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون } وآيات الصبر كثيرة جدا
و النبوي [ قوله صلى الله عليه و سلم : ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به : { إنا لله وإنا إليه راجعون } اللهم اؤجرني في مصيبتي و أخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته و أخلف الله له خيرا منها ] و قد تقدم و أمثال ذلك من الأحاديث
و قد تضمنت هذه الكلمة : { إنا لله و إنا إليه راجعون } علاجا من الله و رسوله لأهل المصائب فإنها من أبلغ علاج المصائب و أنفعه للعبد في عاجله و آجله فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما و تسلى عن مصيبته
أحد الأصلين : أن يتحقق العبد أن نفسه و أهله و ماله و ولده ملك لله عز و جل حقيقة و قد جعله الله عند العبد عارية فإذا أخذه منه فهو كالمعير يأخذ عاريته من المستعير و أيضا : فإنه محفوف بعدمين عدم قبله و عدم بعده و ملك العبد له متعة معارة في زمن يسير وأيضا : فإنه ليس هو الذي أوجده من عدم حتى يكون ملكه حقيقة و لا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده فليس له فيه تأثير و لا ملك حقيقي و أيضا فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي لا تصرف الملاك و لهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي
والثاني : أن مصير العبد و مرجعه الى الله مولاه الحق و لابد أن يخلف الدنيا وراء ظهره و يأتي ربه يوم القيامة فردا كما خلقه أول مرة بلا أهل و لا مال و لا عشيرة و لكن يأتيه بالحسنات و السيئات فإذا كانت هذه بداية العبد و ما خوله و نهايته و حاله فيه فكيف يفرح العبد بولد أو مال أو غير ذلك من متاع الدنيا ؟ أم كيف يأسى على مفقود ؟ ففكرة العبد في بدايته و نهايته من أعظم علاج المصائب ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور } و من تأمل هذه الآية الكريمة وجد فيها شفاء أو دواء المصائب و كل ما ذكرناه في هذا الفصل فهو في هذه الآية فتدبر ذلك