الجمعة، 3 يوليو 2015

عجائب سورة النمل


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربّ العالمين .
اللهمّ صلّ على سيدّنا محمّد وعلى آله وأزواجه وذريّته وأصحابه
وإخوانه من الأنبياء والمرسلين والصّدّيقين
والشُّهداء والصَّالحين وعلى أهل الجنّة وعلى الملائكة
وباركْ عليه وعليهم وسلّم كما تحبه وترضاه يا الله آمين.
نفحات إيمانية من سورة النمل

قال أحد العلماء رحمه الله تعالى : إنها سورة العجائب ، لما ورد فيها من أعاجيب .
1-          تكليم موسى عليه السلام   ، من قبل الله تعالى .
2-          إعطاء موسى عليه السلام  ، تسع آيات أي معجزات وهي : اليد ، العصا ، والسنون ، ونقص الثمرات ، والطوفان ، والجراد ، والقُمَّل ، والضفادع ،  والدم.
3-          تفضيل داود وسليمان عليهما السلام ، ( بالعلم الرباني ، كالقضاء بين الناس ومنطق الطير وتسخير الجن والإنس والشياطين وغير ذلك ) ، دون كثير من عباده المؤمنين.
4-          كان جيش سليمان عليه السلام  : من الجن والإنس والطير.
5-          ذكر الله تعالى أنَّ للنمل وادياً ، وقد أكتشف العلماء في القرن الحادي والعشرين ، هذا الوادي ، وأنه يتكون من مساكن بديعة التصميم وعجيبة في توزيع غرفها وطرقها .
6-          كلام ملكة النمل ، وتحذيرها لقومها ، من الهلاك والسحق تحت أقدام جيش سليمان عليه السلام ، وقد ثبت أنَّ النمل : يكسر عند سحقه كالزجاج ، وفي هذا جاء الإعجاز في قوله تعالى : (يَحْطِمَنَّكُمْ ) .
وقد جاء في تفسير الجلالين رحمهما الله تعالى وغفر لهما وللمسلمين آمين : يحطمنكم : يكسرنكم.
7-          سماع قول ملكة النمل ، من قبل سيدنا سليمان عليه السلام  ،  ( وقد سمعه من ثلاثة أميال ، حملته إليه الريح ، فحبس جنده حين أشرف على واديهم ، حتى دخلوا بيوتهم وكان جنده ركبانا ومشاة في هذا السير 1
8-          النبي سليمان عليه السلام ، يدعوا الله تعالى : وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ، إن منزلة الصالحين ، منزلة سامية ورفيعة والله تعالى أعلم وأحكم.
9-          النَّبيّ الملك : يقوم بجولة ، يتفقد بها من يشاء من جنده ، إنها العدالة ، (  وتعرف الطير ، فلم يجد فيها الهدهد ، كأنه لما لم يره : ظن أنه حاضر ولا يراه لساتر أو غيره ، فقال : ما لي لا أراه ، ثم احتاط ، فلاح له أنه غائب ، فأضرب عن ذلك ، وأخذ يقول أهو غائب : كأنه يسأل عن صحة ما لاح له 2
10-   الهدهد ينقل الى سليمان عليه السلام ، حال مملكة سبأ ، وفساد معتقدهم بشركهم  بالله العظيم ، ( وفي مخاطبته إياه بذلك تنبيه له على أن في أدنى خلق الله تعالى من أحاط علماً بما لم يحط به لتتحاقر إليه نفسه ويتصاغر لديه علمه )3.

  

 1 [  تفسير الجلالين رحمها الله تعالى ].
2 [  تفسير البيضاوي رحمه الله تعالى  ].
3 [  تفسير البيضاوي رحمه الله تعالى  ].

11-   بين القرآن العظيم ، أن في أمّة الطير ، كاذب و صادق ، كما هو في عالم الإنس والجنّ ، وهذا مؤيد بقوله تعالى : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } الأنعام  38
12-   العجيب في كتاب سيدنا سليمان عليه السلام ، والذي قام بحمله الهدهد :
·      أنه كتاب يبدا ، بتعريف المُرسل .
·      وفيه :  إنه من سليمان ، ما يفيد التوكيد كونه منه عليه السلام.
·      وفيه بيان : تواضع الملك النّبيّ عليه السلام .
·      ثم إفتتاحه بالبسملة (  بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ، لبيان عظيم شأنها ، وعظيم بركتها ، وعظيم ما أودع فيها من أسرار ربانية ، فقد ثبت عن سيدّنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلم : انه كان يستفتح بها كتبه المُرسلة الى ملوك وأمراء الامصار.
·      إختصار الكتاب بشكل عجيب ، الا أنَّ مضمونه متكامل ومفهوم : أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ، (أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ } أن مفسرة أو مصدرية فتكون بصلتها خبر محذوف أي هو أو المقصود أن لا تعلوا أو بدل من { كِتَابٌ } ، { وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ } مؤمنين أو منقادين ، وهذا كلام في غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود ، لاشتماله على البسملة الدالة على ذات الصانع تعالى وصفاته صريحاً أو التزاماً ، والنهي عن الترفع الذي هو أم الرذائل والأمر بالإِسلام الجامع لأمهات الفضائل ، وليس الأمر فيه بالانقياد قبل إقامة الحجة على رسالته حتى يكون استدعاء للتقليد فإن إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة من أعظم الدلالة  )4.
·      في الكتاب : بيان لقوّة تمكن المُرسِل.

[ تفسير البيضاوي رحمه الله تعالى  ].

13-   بينت السورة الكريمة ، عدم إستبداد ملكة سبأ برأيها ، وحسن تصرفها مع كتاب سيدنا سليمان عليه السلام ، كما بينت السورة فطنت الملكة وذكائها.
14-   مطالبة سيدنا سليمان عليه السلام ، من أهل التمكين من جنوده جميعا ، بأحضار عرش ملكة سبأ وفيه :
·      (  أراد بذلك أن يريها بعض ما خصّه الله تعالى به من العجائب الدالة على عظم القدرة وصدقه في دعوى النبوة ) 5.
·      يختبر عقلها : بأن ينكِّر عرشها فينظر أتعرفه أم تنكره ؟ ) 6.
·      (فإنها إذا أتت مسلمة لم يحل أخذه إلا برضاها ) 7.
·      بيان : أنَّ أمكانيات الجنّ ، دون أمكانيات الإنس ، [ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) ] ، أي : ( من مجلسك للحكومة وكان يجلس إلى نصف النهار ، { وَإِنِّي عَلَيْهِ } على حمله ، { لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } لا أختزل منه شيئاً ولا أبدله   ) 8 ، أما غير الجنّ ، من هم ، من أهلّ طاعة الله تعالى ، فكانوا أكثر تفوقا من الجنّ : [ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)  ] ، (آصف بن برخيا وزيره ، أو الخضر ،  أو جبريل عليهما السلام ، أو ملك أيده الله به ، أو سليمان عليه السلام نفسه ، فيكون التعبير عنه بذلك : للدلالة على شرف العلم ، وأن هذه الكرامة كانت بسببه والخطاب في : { أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } للعفريت : كأنه استبطأه !!! فقال له ذلك ، أو أراد إظهار معجزة ، في نقله فتحداهم أولاً : ... يتبع رجاءا :  التكملة للبيضاوي.

ــــــــــــــــ
، 6 ، 7 ، 8 [ تفسير البيضاوي رحمه الله تعالى  ].

ثم : أراهم أنه يتأتى له ، مالا يتأتى لعفاريت الجنّ ،  فضلاً عن غيرهم ، والمراد بــ { الكتاب } جنس الكتب المنزلة أو اللوح ، و { ءَاتِيكَ } في الموضعين صالح للفعلية والاسمية ، «والطرف» تحريك الأجفان للنظر فوضع موضعه ولما كان الناظر يوصف بإرسال الطرف كما في قوله : وَكُنْت إِذَا أَرْسَلْت طَرْفَكَ رَائِدا ... لِقَلْبِكَ يَوْماً أَتْعَبَتْكَ المَنَاظِرُ وصف برد الطرف والطرف بالارتداد ، والمعنى أنك ترسل طرفك نحو شيء فقبل أن ترده أحضر عرشها بين يديك ، وهذا غاية في الإِسراع ومثل فيه ، { فَلَمَّا رَءَاهُ } أي العرش :  { مُسْتَقِرّاً عِندَهُ } حاصلاً بين يديه ،  { قَالَ } تلقياً للنعمة بالشكر على شاكلة المخلصين من عباد الله تعالى : { هذا مِن فَضْلِ رَبّي } تفضل به عليَّ من غير استحقاق ، والإِشارة إلى التمكن من إحضار العرش في مدة إرتداد الطرف من مسيرة شهرين بنفسه أو غيره ، والكلام في إمكان مثله قد مر في آية «الإِسراء» ، { لِيَبْلُوَنِى ءَأَشْكُرُ } بأن أراه فضلاً من الله تعالى بلا حول مني ولا قوّة وأقوم بحقه ، { أَمْ أَكْفُرُ } بأن أجد نفسي في البين ، أو أقصر في أداء مواجبه ومحلها النصب على البدل من الياء ، { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ } لأنه به يستجلب لها دوام النعمة ومزيدها ويحط عنها عبء الواجب ويحفظها عن وصمة الكفران . { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبّي غَنِيٌّ } عن شكره ، { كَرِيمٌ } بالإنعام عليه ثانياً   ) 9.
·      إختبار عقل الملكة ، من خلال تغيير عرشها ، (فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ } تشبيهاً عليها زيادة في امتحان عقلها ، إذ ذكرت عنده بسخافة العقل ؟؟ ،  { قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } ولم تقل هو : لاحتمال ، أن يكون مثله ، وذلك من كمال عقلها )10 .


ـــــــــــــــــ
9 ،  10 تفسير البيضاوي رحمه الله تعالى  ].


15-   بناء القصر العجيب ، ومدخله الأعجب والأغرب ، حيث الزّجاج الصَّافي ، ومن تحته الماء ، وما فيه من حيوانات مائية ؟!!! ،إنه من أوج فن العمارة ،  ( روي أنه أمر قبل قدومها ببناء قصر ، صحنه من الزجاج ، أبيض وأجرى من تحته الماء ، وألقى فيه حيوانات البحر ، ووضع سريره في صدره فجلس عليه ، فلما أبصرته ظنته ماء راكداً ، فكشفت عن ساقيها ، وقرأ ابن كثير برواية قنبل :  «سأقيها» بالهمز حملاً على جمعه سؤوق وأسؤق  ، { قَالَ إِنَّهُ } إن ما تظنينه ماء ، { صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ } مملس ، { مّن قَوارِيرَ } من الزجاج . )11.
16-   إستفادة ملكة سبأ ، من المعجزات التي رأتها ، فكانت سببا لإسلامها ، على العكس من فرعون مصر ، حيث لم يستفيد من المعجزات ، وجحدها فكان هلاكه ومن معه.
17-   من عجائب هذه السّورة ، بقاء ديار ثمود الى عصرنا هذا، ونحن في القرن الحادي والعشرين : قال تعالى : [  فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) ] ، قال البيضاوي رحمه الله تعالى : (خالية من خوى البطن إذا خلا ).
18-   بينت السورة : من  عجائب الفواحش ، التي أرتكبت في تاريخ البشرية : إنها : اللواط : وهو إتيان الرجل الرجل جنسيا ،  قال تعالى : [ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) ] ، وعاقبته المدمرة : [ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58) ]. اللهم لطفك بنا وبالمسلمين آمين.
19-   ومن عجيب لطف الله تعالى ، أن ّ أمر نبيه سيدّنا محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وبارك وسلم ، بأن يحمده , وأن يُسلّم على عباده المصطفين ، جاء هذا الأمر بعد بيان قصص من قبله ، وقد يكون ألامر لسيدنا لوط عليه السلام ، قال تعالى : [ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)  ] ، قال البيضاوي رحمه الله تعالى : ( أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، بعدما قص عليه القصص الدالة على كمال قدرته وعظم شأنه وما خص به رسله من الآيات الكبرى والانتصار من العدا بتحميده والسلام على المصطفين من عباده شكراً على ما أنعم عليهم ، أو علمه ما جهل من أحوالهم وعرفاناً لفضلهم وحق تقدمهم واجتهادهم في الدين ، أو لوطاً بأن يحمده على هلاك كفرة قومه ويسلم على من اصطفاه بالعصمة من الفواحش والنجاة من الهلاك ،  { الله خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } إلزام لهم وتهكم بهم وتسفيه لرأيهم ، إذ من المعلوم أن لا خير فيما أشركوه رأساً ، حتى يوازن بينه وبين من هو مبدأ كل خير ، وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب بالتاء  ).
20-   بيان عجائب قدرة الله تعالى  ، في خلق السموات والارض وإنزال الماء وإنبات الاشجار المختلفة واتخاذها بساتين تبهج الناظر ، فـ لا إله الا الله.
21-   ومن عجائب قدرته ، أن جعل الارض مستقرة ، وأجرى فيها ألأنهار ، والبحار ، وجعل حاجزا مائيا بين البحر والآخر ، وهذا الحاجز المائي هو بمثابة فاصل بين البحرين ، ويختلف عنهما حتى في أصناف الكائنات التي تعيش فيه ، فـ لا إله الا الله.
22-   ومن عجائب لطفه تعالى وكرمه وحلمه ، أنه يجيب من دعاه في الشِّدة ، مؤمنا كان أم كافرا ، واستخلف بني آدم ،  في الارض جيلا بعد الآخر ، تكرما منه تعالى : ، فـ لا إله الا الله.
23-   ومن عجائب قدرته تعالى ، ان هدانا للتنقل في الارض ليلا ونهارا وجعل لنا من بديع قدرته من العلامات للاستدلال بها في النهار كما جعل النجوم معالم للاستدلال بها ليلا ، فسبحان القائل : { وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } النحل 16 ، جاء في تفسير الجلالين رحمهما الله تعالى : [(وعلامات) تستدلون بها على الطرق كالجبال بالنهار (وبالنجم) بمعنى النجوم (هم يهتدون) إلى الطرق والقبلة بالليل ] .
ومن بديع قدرته :كيف يهيء الرياح لتكون بقدرته سببا لإنزال الغيث ، فـ لا إله الا الله.
24-   ومن عجاب قدرته ، أنه وحده المتفرد في إبداء خلقه من العدم ، وهو وحده المتفرد بإعادتهم ، كما أنه تعالى المتفرد برزقهم فهو الرزاق ذو القوة المتين ،
فـ لا إله الا الله.
25-   تفرد الله تعالى بعلم الغيب المُطلق .
26-   ومن عجائب هذه السورة : ذكر الدابة : والتي هي من ضمن العلامات الكبرى ، لإقتراب يوم القيامة.
27-   ومن عجائب قدرته الليل والنهار : قال تعالى : [ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا....].
جاء في تفسير الرازي رحمه تعالى آمين :
السؤال الأول : ما السبب في أن جعل الإبصار للنهار وهو لأهله ؟ جوابه : تنبيهاً على كمال هذه الصفة فيه .
السؤال الثاني : لما قال : { جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } ؟؟؟ ، فلم لم يقل والنهار لتبصروا فيه ؟ جوابه : لأنَّ السكون في الليل هو المقصود من الليل ، وأما الإبصار في النهار : فليس هو المقصود ،  بل هو وسيلة إلى جلب المنافع الدينية والدنيوية .
28-   ومن عجائب قدرته : بيان حركة الجبال ، كونها تتحرك مع دوران الارض حول محورها ، وقد ثبت بالحقاق العلمية : أنَّ الجبال تتحرك في الإتجاهت الستة ، وهذا الإعجاو لا يمكن أثباته الا بعد تمكين الله تعالى للبشر من الخروج ، الى الفضاء ، وهو من بديه صنعه تعالى.
جاء في تفسير الرازي رحمه تعالى آمين :
والوجه في حسبانهم أنها جامدة فلأن الأجسام الكبار إذا تحركت حركة سريعة على نهج واحد في السمت والكيفية ظن الناظر إليها أنها واقفة مع أنها تمر مراً حثيثاً.
29-   بينت السورة الكريمة ، أنَّ القرآن العظيم هو حجة الله تعالى ، على الثقلين ( جنا وإنسا ) ، فمن آمن به نجا ، ومن جحده هلك ، قال تعالى :
وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ  ].
30-   ختم الله تعالى ، هذه السورة الكريمة ، بقوله تعالى : [ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) ] ، فقد أرانا الله تعالى ، نحن معشر الجن والإنس ، الكثير من آياته ، الدالة على وحدانيته وتفرده بالخلق وعظمته تعالى ، فهناك جسد فرعون ، وديار الظالمين شاخصة ، وكيف أثبت العلم الحديث ، كثير من الحقائق العلمية التي ذكرها الله تعالى في كتابه العظيم ، فله الحمد والشكر كما هو أهله وله الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجه ولعظيم سلطانه وله الحمد والشكر بعدد نعمائه ، وصلِّ يارب على سيدِّنا محمَّد وعلى آله وأزواجه وذريته وبارك وسلم ، كما تحبه وترضاه آمين.
رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً
آمين


إعداد وتنسيق
عبد الله الراجي عفوه تعالى

أ فلا ينظرون


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربّ العالمين .
اللهمّ صلّ على سيدّنا محمّد وعلى آله وأزواجه وذريّته وأصحابه
وإخوانه من الأنبياء والمرسلين والصّدّيقين
والشُّهداء والصَّالحين وعلى أهل الجنّة وعلى الملائكة
وباركْ عليه وعليهم وسلّم كما تحبه وترضاه يا الله آمين.

قال تعالى :
[ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) ]( سورة الغاشية ).
[ الْإِبِلِ  / السَّمَاءِ  / الْجِبَالِالْأَرْضِ ].
جاء في تفسير الشنقيطي رحمه الله تعالى وغفر له وللمسلمين آمين.
توجيه الأنظار ، إلى تلك المذكورات الأربعة ، لما فيها ، من عظيم الدلائل على القدرة وعلى البعث ، وثمّ الإقرار لله تعالى : بالوحدانية والألوهية ، نتيجة لإثبات ربوبيته تعالى لجميع خلقه .
أما الإبل : فلعلها أقرب المعلومات للعرب ،  وألصقها بحياتهم ، في مطعمهم من لحمها ومشربهم من ألبانها ، وملبسهم من أوبارها وجلودها ، وفي حلهم وترحالهم بالحمل عليها ، مما لا يوجد في غيرها ، في العالم كله ، لا في الخيل ، ولا في الفيلة ، ولا في أي حيوان آخر ، وقد وجه الأنظار إليها مع غيرها ،  في معرض امتنانه تعالى عليهم في قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } [ يس :  71 - 73 ] .
وكذلك في خصوصها في قوله : { والأنعام خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأنفس إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [  النحل :  5 - 7   ] .
إنها نعم متعددة ، ومنافع بالغة ، لم توجد في سواها ألبتة ، وكلّ منها دليل على القدرة بذاته .
أما الجبال : فهي مما يملأ عيونهم ، في كلّ وقت ، ويشغل تفكيرهم ، في كلّ حين ، لقربها من حياتهم ، في الأمطار والمرعى في سهولها ، والمقيل في كهوفها وظلها ، والرهبة والعظمة في تطاولها وثباتها في مكانها ، وقد وجه الأنظار إليها أيضاً ، في موطن آخر في قوله تعالى : { أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً والجبال أَوْتَاداً } [ النبأ  6 - 7 ] ، ثوابت ، كما بين تعالى أنها ، رواسي للأرض أن تميد بكم : { والجبال أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } [ النازعات :     32 - 33   ] ،  فهي مرتبطة بحياتهم ، وحياة أنعامهم كما أسلفنا .
أما السّماء : ورفعها :  أي رفعتها في خلقها ، وبدون عمد ترونها ، وبدون فطور أو تشقق على تطاول زمنها ، فهي أيضاً ، محط أنظارهم ، وملتقى طلباتهم ،  في سقيا أنعامهم .
ومعلومٌ :  أنَّ خلق السَّماء والأرض ،  من آيات الله الدالة على البعث ، كما تقدم مراراً ،
وتقدم للشيخ عند قوله تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السماوات والأرض ..... } [ البقرة 1*  : 164 وآل عمران 2* : 190 ] الآية ،  بيان كونها آية .
ـــــــــــ
1* إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ{164} ]( سورة البقرة ) , 2* [ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190}  ]( سورة آل عمران ).
 أما الأرض : وكيف سطحت :  فإنَّ الآية فيها ، مع عمومها كما في قوله : { لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس } [ غافر : 57 ] .
وقوله : { وَإِلَى الأرض كَيْفَ سُطِحَتْ } ، آية ثابتة ، لأنَّ جرمها ، مع إجماع المفسرين علة تكويرها ، فإنها ترى مسطحة : أي من النقطة ، التي هي امتداد البصر ، وذلك يدل على سعتها وكبر حجمها ، لأنَّ الجرم المتكور ، إذا بلغ من الكبر والضخامة حداً بعيداً ، يكاد سطحه يرى مسطحاً ، من نقطة النظر إليه ، وفي كلّ ذلك آيات متعددات للدلالة على قدرته تعالى ، على بعث الخلائق ، وعلى إيقاع ما يغشاهم على مختلف أحوالهم .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه التنبيه على هذا المعنى ، عند الكلام على قوله تعالى : { قُلِ انظروا مَاذَا فِي السماوات والأرض } 3* [ يونس : 101 ] الآية.
تنبيه : ـ
التوجيه هنا : بالنظر إلى الكيفية ، في خلق الإبل ونصب الجبال ، ورفع السَّماء ، وتسطيح الأرض ، مع أنَّ : الكيفية للحالة ، والله تعالى : لم يُشهد أحداً ، على شيء من ذلك كله : { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّماوات والأرض ..... } 4* [ الكهف : 51 ] .
 فكيف يوجه السؤال إليهم : للنظر إلى الكيفية ، وهي شيء لم يشهدوه ؟؟؟؟ .





ـــــــــــ
3* [ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ{101} ]( سورة يونس ).
4* [{مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً }( الكهف51 ) ].
والجواب والله تعالى أعلم : هو أنه : بالتأمل في نتائج خلق الإبل ، ونصب الجبال إلخ  ،  وإن لم يعلموا الكيف ، بل ويعجزون عن كنهه وتحقيقه ، فهو أبلغ ، في إقامة الدليل عليهم ، كمن يقف : أمام صنعة بديعة ، يجهل سر صنعتها ، فيتساءل كيف تم صنعها ؟؟؟ وقد وقع مثل ذلك ، وهو الإحالة على الأثر ،  بدلاً من كشف الكنه والكيف ، وذلك في سؤال الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ربه ، أن يريه كيف يحيي الموتى .
 فكان الجواب : أن أراه الطيور تطير ، بعد أن ذبحها بيده وقطعها ، وجعل على كل جبل منها جزءاً ،  فلم يشاهد كيفية وكنه ، وحقيقة الإحياء ، وهو دبيب الروح فيها وعودة الحياة ،  لأن ذلك ليس في استطاعته ، ولكن شاهد الأثار المترتبة على ذلك ، وهي تحركها وطيرانها وعودتها إلى ما كانت عليه قبل ذبحها ،  مع أنه كان للعزير :  موقف مماثل ، وإن كان أوضح في البيان ، حيث شاهد العظام ، وهو سبحانه ينشزها ، ثم يكسوها لحماً ، والله تعالى أعلم .
أما قوله تعالى بعد ذلك : { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } , فإنَّ مجيء هذا الأمر "" بالفاء "" في هذا الموطن ، فإنه يشعر بأنَّ : النظر الدقيق والفكر الدارس ، مما قد يؤدي بصاحبه إلى الاستدلال ، على وجود الله وعلى قدرته ، كما نطق مؤمن الجاهلية : قس بن ساعدة ،  في خطبته المشهورة :
ليل داج ، ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، ونجوم تزهر ، وبحار تزخر ، وجبال مرساة ، وأرض مدحاة ، وأنهار مجراة ،  فقد ذكر السَّماء والجبال والأرض .
وكقول زيد بن عمرو بن نفيل : مؤمن الجاهلية المعروف
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الأرض تحمل صخراً ثقالاً
دحاها فلما استوت شدها ... سواء وأرسى عليها الجبالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذباً زلالا
إذا هي سيقت إلى بلدة ... أطاعت فصبت عليها سجالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الريح تصرف حالاً فحالا
فكان على هؤلاء العقلاء : أن ينظروا بدقة وتأمل ، فيما يحيط بهم عامة , وفي تلك الآيات الكبار خاصة ، فيجدون فيها ما يكفيهم .
كما قيل :
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد
فإذا لم يهدهم تفكيرهم , ولم تتجه أنظارهم ،  فذكرهم : إنما أنت مذكر ، وهذا عام ، أي سواء بالدلالة على القدرة ، من تلك المصنوعات ، أو بالتلاوة من آيات الوحي ،  والعلم عند الله تعالى .
.......................................
وقد جاء في تفسير البيضاوي رحمه الله تعالى وغفر له ولوالديه وللمسلمين آمين.
{ أَفَلاَ يَنظُرُونَ } نظر اعتبار ، { إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ } خلقاً : دالاً على كمال قدرته ، وحسن تدبيره ، حيث خلقها لجر الأثقال ، إلى البلاد النائية ، فجعلها عظيمة :  باركة للمحل ، ناهضة بالحمل ، منقادة لمن اقتادها ، طوال الأعناق لينوء بالأوقار ، ترعى كل نابت ، وتحتمل العطش إلى عشر فصاعداً ، ليتأتى لها قطع البوادي والمفاوز ، مع مالها من منافع أخرى ، ولذلك خصت بالذكر ، لبيان الآيات المنبثة ، في الحيوانات ، التي هي أشرف المركبات وأكثرها صنعاً ، ولأنها أعجب ، ما عند العرب  ، من هذا النوع  ،  وقيل المراد بها : السحاب على الاستعارة .
{ وَإِلَى السماء كَيْفَ رُفِعَتْ } بلا عمد .
{ وَإِلَى الجبال كَيْفَ نُصِبَتْ } فهي راسخة لا تميل .
{ وَإِلَى الأرض كَيْفَ سُطِحَتْ } بسطت ، حتى صارت مهاداً ، وقرىء الأفعال الأربعة على بناء الفاعل للمتكلم وحذف الراجع المنصوب ، والمعنى { أَفَلاَ يَنظُرُونَ } إلى أنواع المخلوقات ، من البسائط والمركبات ، ليتحققوا كمال قدرة الخالق سبحانه وتعالى ، فلا ينكروا اقتداره على البعث ، ولذلك عقب به أمر المعاد ، ورتب عليه الأمر بالتذكير ، فقال : { فَذَكّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكّرٌ } فلا عليك ،  إن لم ينظروا ، ولم يذكروا إذ ما عليك إلا البلاغ .

..........................
وقد جاء في تفسير إبن عجيبة  رحمه الله تعالى وغفر له ولوالديه وللمسلمين آمين.
[ (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) ].
ولمّا أنزل الله هذه الآيات :
وقرأها النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، فسّرها بأنَّ ارتفاع السرير،  يكون مائة فرسخ ، والأكواب الموضوعة ، لا تدخل تحت حساب ، لكثرتها ، وطول النمارق كذا ، وعرض الزاربيِّ كذا ، أنكر المشركون ذلك !!!! .
وقالوا : كيف يصعد على هذا السرير؟؟؟ وكيف تكثر الأكواب هذه الكثرة ؟؟؟ ، وتطول النمارق هذا الطول ؟؟؟ ، وتُبسط الزاربي هذا الانبساط ؟؟؟ ، ولم نشهد ذلك في الدنيا؟؟؟؟! .
ذكَّرهم الله بقوله : { أفلا ينظرون إِلى الإِبل كيف خُلقت } طويلة عالية ، ثم تبرك ، حتى تُركب ؛ ويحمل عليها ، ثم تقوم ، وكذا السرير : يطأطىء للمؤمن ، كما تطأطىء الإبل حتى يركب عليها ، أو : أفلا ينظرون إلى الإبل : التي هي نُصب أعينهم ، يستعملونها كل حين ، كيف خُلقت خلقاً بديعاً معدولاً ، عن سَنَن سائر الحيوانات ، في عظم جثتها وشدّة قوتها ، وعجيب هيئاتها اللائقة ، بتأتي ما يصدر منها من الأفاعيل الشاقة ، كالنوْء بالأوقار الثقيلة ، وحمل الأثقال الفادحة ، إلى الأقطار النازحة ، وفي صبرها على الجوع والعطش ، حتى إنَّ ضمأها ليبلغ العشْر فصاعداً ، واكتفائها باليسير ، ورعيها كل ما تيسّر من شوك وشجر ، وانقيادها إلى كل صغير وكبير ، حتى إنَّ فأرة :  أخذت بزمام ناقة فجرته إلى غارها ، فتبعتها الناقة إلى فم الغار ،  وفي الإبل خصائص أُخر تدل على كمال قدرته تعالى ، كالاسترواح مع الحَدَّاء إذا عيت ، إلى ما فيها من المنافع من اللحوم والألبان والأوبار والأشعار ، وغير ذلك ، والظاهر ما قاله الإمام ، وتبعه الطيبي ، من أنه احتجاج بشواهد قدرته تعالى ، على فاتحة السورة ، من مجيء الغاشية ، وأنَّ المخبر بها قادر عليها ، فيتوافق العقل والنقل ، ه ، قاله المحشي .
{ وإِلى السماء كيف رُفعت } رفعاً بعيداً بلا عُمُد ولا مُسَّاك ، أو بحيث لا ينالها فَهم ولا إدراك ، { وإِلى الجبال } التي ينزلون في أقطارها ، وينتفعون بمياهها وأشجارها في رعي تلك الإبل وغيرها : { كيف نُصبت } نصباً رصيناً ، فهي راسخة لا تميل ولا تميد ، { وإِلى الإرض كيف سُطحت } سطحاً ، بتوطئة وتمهيد وتسوية ، حسبما يقتضيه صلاح أمور ما عليها من الخلائق .
قال الجلال : وفي الآية دليل على : أنَّ الأرض سطح ـ لا كرة ، كما قال أهل الهيئة ، ، وإن لم ينقض ركناً ، من أركان الشرع . ه .
وفي ابن عرفة ، في قوله تعالى : { يُكَوِّرُ الليل عَلَى النهار . . . } [ الزمر : 5 ] أنَّ الآية تدل على أنَّ السماء ـ كروية  ، قال : لأنَّ من لوازم تكويرهما ، تكوير محلهما لاستحالة تعلقهما دون مكان . ه .
 وفي الأبي : الذي عليه الأكثر من الحكماء وغيرهم : أنَّ السموات والأرض كرتان . ه .

فوائد : ـ

أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ : لقد خلقها الله تعالى وهيئها لكي تكون حيوان الصحراء الوحيد :
فجعلها :
ـ تتحمل التغيرات في درجة الحرارة ، المرتفعة نهارا والمنخفضة ليلا  .
ـ تتحمل العواصف الرمليه القاتلة ، حيث خلق الله تعالى لها أجفان تسدل عند هبوب العواصف ، وصمم له تعالى منخرين لا يتأثران بهبوب العواصف الرملية ، وجعل على عيونها أجفان طويلة لحماية أعينها  من الرمال الجارحة.
ـ خلق الله تعالى فمها وأسنانها ولسانها لكي تقتات على النباتات الشوكية بسهولة.
ـ خلق الله تعالى أجهزة الهضم لها بشكل بديع ، يمكنها من طحن الاشواك ونوى التمر وغيرها.
ـ خلق الله تعالى لها سنام أو سنامين : يخزنان المواد الدهنية ، لغرض إكتفاء الإبل بها دون الذاء لمدة تقارب العشرة أيام.
ـ خلق الله تعالى لها جلدا يقاوم التغيرات الحرارية ، وجعل لها وسائد جلدية في الاماكن التي تحتك مع الارض كي تقيها من التغيرات الحرارية.
ـ صمم الله تعالى أجواف الإبل بشكل بديع في تخزينها للماء ما يكفيها لايام .
ـ صمم الله تعالى أخفافها كالوسائد لا تنغرز في رمال الصحراء المتحركة.
جعلها الله تعالى حيوانات صديقة للبيئة ، حيث أنها لا تقتلع النباتات من أصولها وتترك النباتات بارزة على وجه الارض لمسافات ، مما يساعد هذه النباتات على بقائها وعدم إنقراضها.
ـ جعلها الله تعالى بهذه الصورة وبهذا الحجم وطوّل سيقانها ، مما يعطي لراكبها :
1. الأمان من هوام الصحراء القاتلة.
2. حمايته من الحرارة المرتفعة والمنخفضة.
3. حمايته من النباتات الصحراوية ذات الأشواك القوية.
4. لي يمكّن راكبها من وضوح الروئية لمسافات أكبر.
5. إخافة الحيوانات المفترسة من التقرب إليها.
ـ ألإبل لها ذكاء كبير ، في حفظ الطرق التي تمر بها.
ـ جعلها الله تعالى مذللة على الرغم من عظم حجمها فهي تُقاد ، من أضعف الناس كالاطفال.
ـ خلقها الله تعالى لكي تحمل الاوزان الثقيلة ولمسافات طويلة.
ـ صممها الله تعالى للنهوض والبروك مع ما تحمل من أثقال كبيرة.
ـ سخرها الله تعالى لكي تسير في أكثر الطرق وعورة.






فله الحمد والشكر كما هو أهله وله الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجه ولعظيم سلطانه وله الحمد والشكر بعدد نعمائه ، وصلِّ يارب على سيدِّنا محمَّد وعلى آله وأزواجه وذريته وبارك وسلم ، كما تحبه وترضاه آمين.
رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً

رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً
آمين


إعداد وتنسيق
عبد الله الراجي عفوه تعالى