الى
الواحة
في
اليوم التالي حضر "ادريس" في ساعة مبكرة كما اتفق مع "علاء" حيث
انطلقت العجلة ب"علاء" و "ادريس".
كان
الطريق طويلا اعطى فرصة لاجراء محادثة طويلة بين "علاء" و "ادريس"
, سأل "علاء" :
-
علمت
ان الوضع كان مستقرا في الاقليم وآمن لماذا ساءت الامور فجأة ؟
-
سيدي
, الاقليم منذ عشرات السنين لم يستقر حاله فالحكومة لا تلبي مطاليبنا و الشعب ما
زال مصرا على الاستقلال .. والثوار عندما يحصلون على السلاح يبدأون بالحرب في امل
الاستقلال وعندما تنتهي مواردهم , بعضهم يهرب الى البلدان المجاورة وبعضهم يتصالح
مع الحكومة... وهكذا.
-
والناس
البسطاء هم من يتحملون تبعات هذه الحروب !
-
قبل
شهور كان الوضع جيدا , كان عمل السياحة مزدهراً وكانت الاعمال جيدة , فجأة ظهر
الثوار من جديد واشعلوا الحرب والحكومة اقامت حصارا شديدا علينا ومنعت عنا كل شيء
.
-
وكيف
تعيشون ؟
-
التجار
والمهربون يأتون بالبضائع من الدول المجاورة ولكن باثمان مرتفعة آذت الناس , ومع
انقطاع السياحة توقفت معظم الاعمال وزادت المآساة.
-
اذن
كيف يستطيع الفقراء والكسبة من الحصول على الطعام ؟
-
معظم
العائلات الفقيرة هاجرت او ارسلت ابناءها للعمل في الدول المجاورة.
-
لكني
لم ارى مسلحين في "الداخلة" , والوضع كان هادئاً .. لماذا ؟
-
المسلحون
بقوا بعيدين عن الساحل لان الحكومة تمتلك سفن تستطيع بها قصف الساحل لذلك بقوا
بعيدين عنه .. ولكن ليس كثيرا , فهم موجودون
في بلدات قريبة من الساحل.
وصلت
السيارة الى مشارف مدينة "الواحة" وهناك شاهدوا مجموعة من المسلحين
يرتدون ملابس عادية ويعتمرون غطاء الرأس الوطني لسكان الاقليم.
كان
المسلحون يسدون الطريق مكونين سيطرة لتدقيق الداخلين الى المدينة وحماية المدينة
من قوات الحكومة , اوقف المسلحون السيارة و تقدم احدهم وسأل "ادريس" عدة
اسئلة ونظر الى "علاء" بحذر بسبب سحنته الغريبة عن أهل المنطقة و كان
الكلام يجري باللهجة المحلية غير ان "علاء" استطاع أن يفهم ان "ادريس"
كان يجيب عن اسئلة بخصوصه وعن سبب تواجده و سبب مجيئه للمدينة و ان "ادريس"
كان يحاول الاجابة عن تلك الاسئلة بشكل صريح و يشرح عن سبب وجود "علاء"
ويبين إنه عضو في البعثة الانسانية التي تود زيارة المدينة والتي تحاول تقديم
المساعدة.
بعد
عدة دقائق من الاسئلة والاجوبة , ذهب المسلح وتكلم مع زملائه ثم اخرج احدهم جهاز
اتصال واجرى مكالمة هاتفية ثم تقدم الى "علاء" والهاتف مازال في يده و
تحدث بلهجة محلية طالبا منه جواز السفر , لم يفهم "علاء" ولكن "ادريس"
طلب منه تسليم جوازه الى المسلح , اخرج "علاء" الجواز واعطاه الى المسلح
, ابتعد المسلح قليلا وقلّب في الجواز , كان المسلح يتكلم بالهاتف ويتلقى تعليمات
لتدقيق الجواز وكان يجيب عن استفسارات تُطلب منه , كان من الواضح انه كان على
المسلح ان يتأكد من مصدر الجواز ومن تأشيرة الدخول فقد ركز برهة على العلامات
المطبوعة على الجواز وقلّب في معظم اوراق الجواز.
بعد
ان اطال المسلح التحدث في الهاتف اغلق الجهاز ووضع الجواز في جيب قميصه , اقترب من
جانب "علاء" وتكلم مع "ادريس" فترجم "ادريس" ذلك ل"علاء":
-
سيحتفظ
بالجواز لحين خروجنا من المدينة .. ويجب ان ننزل للتفتيش.
فتش
المسلحون "علاء" و "ادريس" وفتشوا السيارة جيدا ثم سمحوا لهم
بالركوب والانطلاق.
كان
ذهن "علاء" يعمل بسرعة , كان تصرف المسلحين والتوجيهات التي كانوا
يتلقونها عبر الهاتف تنم عن حس امني جيد وحذر , دخلت السيارة المدينة وطلب "علاء"
من "ادريس" التوجه مباشرة الى مشفى المدينة , و بسبب صغر المدينة وخبرة "ادريس"
في كونه دليل سياحي فقد وصلوا الى مشفى المدينة بسرعة وهناك التقوا بمديرها
الدكتور "عبد الصمد" الذي رحب بهم.
شرح
لهم "عبد الصمد" الوضع الصحي في المدينة وامكانيات المشفى المحدودة
وحاجتها الى المواد الطبية وكان "علاء" يصغي بانتباه حتى تكلم "عبد
الصمد" عن الوباء الذي ينتشر في المدينة وانهم بامكاناتهم البسيطة لا
يستطيعون تحديد نوع المرض او علاجه و تكلم ايضا عن عدد المصابين بالوباء الذين
يعالجون في المشفى وكيف ان بعضهم حالتهم تدهورت وان حياتهم في خطر.
"علاء"
– دكتور , ان معي دكتورة جين وهي متخصصة في علم الاوبئة فهل استطيع جلبها لمعاينة
المرضى والكشف عن هذا الوباء.
-
ارجو
ذلك فقد تساعدنا في انقاذ حياة المصابين أو تساعدنا في معرفة نوع الوباء.
-
حسنا
الدكتورة موجودة في مدينة "الداخلة" ساذهب وآتي بها الى هنا.
شكر
الدكتور "عبد الصمد" "علاء" ثم ودعه على ان يلتقي به هو
والدكتورة جين في وقت آخر من النهار.
كانت
الساعة تقترب من العاشرة صباحا وقد اعتقد "علاء" انه يستطيع الذهاب الى
مدينة الداخلة وجلب الدكتورة ومن ثم العودة بها قبل حلول الظلام , اتصل "علاء"
ب"نوال" وناقش معها الامر وتأكد كم ستحتاج من الوقت لمعاينة المرضى واخذ
العينات , فاطمئن الى ان الوقت المفترض يكفي للرجوع قبل هبوط الظلام , فطلب من "ادريس"
ان يسرع به الى مدينة "الداخلة". اثناء خروجهم من المدينة مرت السيارة
بمجموعة المسلحين واسترجع علاء جوازه منهم.
في
الطريق كان "علاء" يفكر في الساعات القادمة وفي الخطوات المثلى
والاحتياطات اللازمة التي يجب اتخاذها , وصل "علاء" الى الفندق حيث كانت
"نوال" تنتظره مع حقيبتها العلمية ومعها "احمد" في بهو
الفندق.
طلب
"علاء" من "احمد" البقاء في الفندق فيما رافق "نوال"
الى السيارة , فكر "علاء" في ان بقاء "احمد" في الفندق افضل
من مجيئه معهم وتعريض الفريق كله للخطر.
انطلقت
المجموعة الى مدينة "الواحة" من جديد ومروا بالمسلحين انفسهم حيث اعطوا
جوازاتهم لهم.
وصلوا
الى المشفى والتقوا بالطبيب "عبد الصمد" حيث رحب ب"نوال" و
"علاء" و قادهما الى ردهة المصابين , كان ممراً مزدحما بالاسرة ,كأن
بعضها وضعت بصورة مستعجلة , كانت تحوي ما يقرب من 40 مريضا.
بدأت دكتورة "نوال" بتفحص احدهم وبدأت
تناقش حالته مع دكتور "عبد الصمد" وبكثير من المصطلحات الطبية التي لم
يستطع "علاء" فهم اكثرها , كان الاهتمام باديا على وجه "نوال"
اثناء الكلام ومن ثم انتقلوا الى مريض آخر تبدوا حالته اسوأ , ثم اسأذنت من
الدكتور "عبد الصمد" لاخذ عينات من دم المرضى ففتحت حقيبتها ثم استخرجت
انابيب وأخذت بها عينات من دم ثلاث مصابين و وضعتها في انابيب طبية خاصة بجهاز
الكتروني متطور خاص بفحص البصمة الجينية للفايروسات موجود في حقيبتها.
قامت
"نوال" بتسجيل النتائج , ثم اخرجت مجموعة من الادوية واعطتها للدكتور "عبد
الصمد" وتناقشت معه عنها واقترحتها كعلاج مؤقت لعلاج الحالات المتقدمة.
أشار
"علاء" لها بان تسرع لانهاء عملها , خرج الاثنان بعد ان ودعا مدير
المشفى وركبا مع "ادريس" الذي ينتظرهما في السيارة .