الاثنين، 30 يونيو 2014

سعة رحمة الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على النبيّ
المصطفى
أما بعد
أخي الفاضل وأختي الفاضلة
تفضلوا وعلى بركة الله تعالى للاطلاع على النفحات المباركة التي تبين لنا
سعة رحمة الله تعالى
بعباده نسأله تعالى أن يعمنا جميعا برحمته وان يجزنا بأفضل الأعمال وأن يتجاوز عنا أسوئها آمين ياالله
قال تعالى
{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }غافر7
وفال تعالى
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه  قال قال رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم  لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي وعنه أيضا سمعت رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم    يقول جعل الله الرحمة مئة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية من أن تصيبه رواه مسلم
لقد وعد الله تعالى الجنة والنار بأن يملئهما
فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم    احتجت الجنة والنار فقالت النار فيّ الجبارون والمتكبرون وقالت الجنة فيّ ضعفاء الناس ومساكينهم فقضى بينهما فقال للجنة إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها
انفرد به مسلم  0 فبعد فصل القضاء بين الخلق ودخول أهل السعادة الجنة ( اللهم أجعلنا منهم برحمتك يا الله ) ودخول أهل الشقاء النار (اللهم أجرنا منها يا كريم ) آمين
تتجلى رحمة الله تعالى بخلقه حيث يخلق للجنة عبادا فيملئ بهم الجنة كما وعدها
ولم يخلق للنار خلقا بعد أن دخلها أهلها وهي تقول هل من مزيد ؟
فعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم    لاتزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا آخر فيسكنهم الله تعالى في فضول الجنة رواه مسلم
ثمّ أن من تجليات رحمة الله تعالى أن يضاعف حجوم أهل النار أضعافا عجيبة وحسبنا ما أخبر به سيدّنا رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم   من أن ضرس الكافر في النار بقدر جبل أحد وغلظ جلد الكافر فيها ما يعادل مسيرة ثلاثة أيام 0 فعن أبي هريرة قال قال رسول الله  صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم ضرس الكافر  أو ناب الكافر مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث  رواه مسلم
وعنه يرفعه قال ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع
رواه مسلم
وهذا يعني أن الله تعالى قد شغل جهنم بعدد قد ضاعف حجمه لكي يملؤها وإلا فأن جهنم لا تكتفي ! فقعرها عميق وأي عمق هو ؟
جاء في الحديث الشريف
عن عبد الله بن مسعود قال كنا مع رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم  إذ سمع وجبة فقال النبيّ صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم  تدرون ماهذا؟ قال قلنا الله ورسوله أعلم قال هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى أنتهى إلى قعرها  روى مسلم
ومن رحمته تعالى أن بعث الأنبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين
 صلي ياربّ عليهم وبارك وسلم ومن رحمته تعالى أن بعث سيدّنا رسول صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم الذي هو الرحمة المهداة إلى العالمين بل إلى كل مخلوق
في الدنيا والآخرة 0 فعندما يستشفع به الناس يوم القيامة ويؤذن له بالشفاعة ففي هذا المقام الرفيع له صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم   قد استفاد الكل من هذه الرحمة وأقول الكل وأعني بها المؤمن والكافر والمنافق والمشرك 0 كيف ذلك ؟
الجواب بيّن حيث انه صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم    بمقامه هذا قد قدم الحساب أي بدلا من وقوف الخلق بين يدي الله تعالى وتحت تلك الظروف العصيبة أحقابا من الزمن فانه بشفاعته صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم  يكون وقوف الخلق لفترة أقصر أي أن الكرب الشديد الذي حل بهم سوف يكون أهون وصدق الله تعالى حيث قال { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107
ومن رحمته تعالى أن يميت الذين كتب عليهم دخول النار من أهل التوحيد إماتة بحيث لا يشعرون بأهوال النار على عكس الذين كتب عليهم الخلود في النار والعياذ بالله تعالى من ذلك حيث قال تعالى فيهم
{ إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى }طه74
أي لا هو ميّت حتى لا يشعر بشيء ولا يحيى بحياة تنفعه
فعن أبي سعيد ألخدري قال قال رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم  أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أناس تصيبهم النار بذنوبهم فتميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة جيء بهم  ضبائر    ضبائر  فبثوا على أنهار الجنة فيقال يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل فقال رجل من القوم كأن رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم  كان بالبادية وهكذا أخرجه مسلم في كتابه الصحيح  قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى فقوله فأماتهم الله حقيقة في الموت لأنه أكده بالمصدر وذلك تكريما لهم وقيل يجوز أن يكون أماتهم عبارة عن تغييبهم عن آلامها بالنوم ولا يكون ذلك موتا على الحقيقة والأول أصح وقد أجمع النحويون على انك إذا أكدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازا وإنما هو على الحقيقة ومثله وكلم الله موسى تكليما
وقال تعالى
{  وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ 0 مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ 0  يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ  } إبراهيم الآيات 15-17
وقال تعالى
{  فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى 0  سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى 0 وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى 0  الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى 0  ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى  } الأعلى الآيات 9-13
ومن فيض رحمته وكرمه أنه تعالى يغفر الذنوب جميعا ما أجتنب الشرك
قال تعالى { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً }النساء48
جاء في الأحاديث الشريفة
من حديث عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم     يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رءوس الخلائق فينشر عليه  تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر ثم يقول الله تبارك وتعالى هل تنكر من هذا شيئا؟ فيقول لا يارب فيقول أظلمتك كتبتي الحافظون؟  فيقول لا ثم يقول ألك عذر ألك حسنة فيهاب الرجل فيقول لا فيقول بلى إن لك عندنا حسنات وإنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محّمدا عبده ورسوله فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة
 زاد الترمذي فلا يثقل مع أسم الله شيء وقال حديث حسن غريب
 وحسبنا قول الحبيب المصطفى صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم في الحديث الشريف فعن أبي سعيد ألخدري قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا ؟؟ قلنا لا  0 قال فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ثم قال ينادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغبرات من أهل الكتاب ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب فيقال لليهود ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد عزير بن الله فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون قالوا نريد أن تسقينا فيقال اشربوا فيتساقطون في جهنم ثم يقال للنصارى ما كنتم تعبدون فيقولون كنا نعبد المسيح بن الله فيقال كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون فيقولون نريد أن تسقينا فيقال اشربوا فيتساقطون 0 حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس  ؟ فيقولون فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا قال فيأتيهم الجبار في صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم قلنا يا رسول الله وما الجسر قال مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شكوة عقيفة تكون بنجد يقال لها السعدان المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسّلم وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا فما أنتم بأشد لي مناشدة في  
 الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون ربنا إخواننا كانوا فيقول الله تعالى اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ويحّرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا قال أبو سعيد فإن لم تصدقوني فاقرؤوا إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون 0  فيقول شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد امتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل قد رأيتموها إلى جانب الصخرة إلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر وما كان منه إلى الظل كان أبيض فيخرجون كأنهم اللؤلؤ فيجعل في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة فيقول أهل الجنة هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه رواه البخاري
   وعن أنس رضي الله عنه أن النبي  صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم  قال يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يهموا بذلك فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا فيأتون آدم فيقولون أنت آدم أبو الناس خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء لتشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا قال فيقول لست هناكم قال ويذكر خطيئته التي أصاب أكله من الشجرة وقد نهي عنها ولكن ائتوا نوحا أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتون نوحا فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب سؤاله ربه بغير علم ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن قال فيأتون إبراهيم فيقول إني لست هناكم ويذكر ثلاث كلمات كذبهن ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه وقربه نجيا قال فيأتون موسى فيقول إني لست هناكم ويذكر خطيئته التي أصاب قتله النفس ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وروح الله وكلمته قال فيأتون عيسى فيقول لست هناكم ولكن ائتوا محّمدا  صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم  عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني فيقول ارفع محّمد وقل يسمع واشفع تشفع وسل تعط قال فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة وسمعته أيضا يقول فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقول ارفع محّمد وقل يسمع واشفع تشفع وسل تعط قال فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه قال ثم أشفع فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة وسمعته يقول فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقول ارفع محّمد وقل يسمع واشفع تشفع وسل تعطه قال فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه قال ثم أشفع فيحد لي حدا فأخرج فأدخلهم الجنة قال قتادة وقد سمعته يقول فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة
 حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود
 قال ثم تلا هذه الآية عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم  صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم 
رواه البخاري
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ 0  رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
اللهم أجعلنا من الذين شملتهم بقولك الحق
  وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ 0 الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 0 قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

والحمد لله تعالى وحده وصلي يا ربنا على سيدنا محّمد عبدك ونبيك وخليلك وعلى آله وأزواجه وذريته وصحابته وعلى أهل الجنة وبارك وسلم كما تحبه وترضاه آمين.

اعداد : عبد الستار المشهداني

قصة سيدّنا ابراهيم صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم والأصنام

عصمة الأنبياء
           بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على النبيّ المصطفى
أما بعد

القضية العادلة لا ترهق الدفاع

وقضية اليوم
وان أخطأ كثير من الناس فهمها
قضية عادلة
إن إبراهيم الخليل
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
قاد الفكر الإنساني في أصعب المراحل لان نوحا
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم 
عاش قبله ألف سنة إلا خمسين عاما في كفاح دائم
 ومع ذلك قال تعالى فيه
{00000 وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }
هود40
لذلك رسم إبراهيم الخليل
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
  منهجا جديدا للدعوة إلى الله  تعالى
 استعمل الكلمة الطيبة
و استعمل الجدل الفطن
واستعمل الحيلة الخارقة
واستطاع بمنهجه الجديد أن يلزم أعدائه
الحجة
ثم بعد ذلك لا سلطان له على القلوب
الكلمة الطيبة :---
وتتجلى في حوار إبراهيم
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
  مع أبيه
قال تعالى

{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ .  إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ .  قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ .  قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ .  أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ .  قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ  }
الشعراء 69-74
وهو أكثر ما يكون ليّنا وأطيب قلبا إذا خلا بوالده
قال تعالى
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً .  إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً .  يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً .  يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً .  يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن
فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً  }
مريم 41-45
بهذا اللين واللطف بدأ الجولة مع قومه .
الحجة الملزمة:---
واستعمل الحجة القوية في شجاعة نادرة
عندما وقف إمام
 النمرود حاكم البلاد وطاغيتها .
قال تعالى

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
البقرة  258
ومع ذلك لم يرجع أصحاب الأهواء عن عبادة أهوائهم
 لذلك لجأ إبراهيم
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
إلى منهج جديد
الحيلة الخارقة
نظر في الكون فرأى بدائع صنع الله تعالى
وتمثلت أمام عينه الأصنام
إنها الستار الكثيف الذي يحجب الناس عن الله تعالى
لذلك فلا بد أن يفعل شيئا
قال تعالى

{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ .  إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ . إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ .  أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ .  فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ .  فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ .  فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ .  فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ  }
الصّافات 83-90
فقال
إني سقيم .......
إن سقم أصحاب الرسالات
 أن يروا الناس قد اعرضوا عن دعواتهم
لذلك عاد إبراهيم إلى ساحة الأصنام متهكما.....

{ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ .  مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ  }
الصّافات 91-92
ثم نفذ خطته وكسر الأصنام
 وجعل الفأس في رأس كبيرهم

{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ .  فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً

إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ }
الصّافات 57-58
أي لعلهم يرجعون إلى إبراهيم
لان عداوته للأصنام واضحة....
أو لعلهم يرجعون إلى كبيرهم
وفي ذلك نجاح لغرضه الذي يهدف له .
وجاء الناس ورأوا أصنامهم جذاذا .....وآلمهم ما شاهدوا.
وتساءلوا حائرين:--

{ قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ .  قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ .  قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ .  قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ .  قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ }
الأنبياء 59-63
وهنا يتساءل الناس :----
كيف يقول إبراهيم
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
فعله كبيرهم هذا.....مع أن إبراهيم هو الفاعل؟
والأمر سهل لمن يفهم لغة القرآن
أولا
لو قال إبراهيم

       من أول الأمر

أنا الفاعل فان هدفه لن يتمّ .
لانّ إبراهيم لا يريد الانتقام من الأصنام
ولكنه يريد أن يأخذ بيد الناس إلى معرفة الحقّ.
وهذا يحتاج إلى التواء في العرض وحيلة في الأداء.
ثانيا
إبراهيم عليه الصّلاة و السّلام
تهّكم منهم وسخر من عقولهم
فأنت إذا كتبت لافته جميلة وقال لك احد العوام
...أنت كتبت هذه ألافتة ؟
فقلت له لا !!
بل كتبتها أنت فهل في هذا كذب ؟!
لا
ولكنه التعريض بمن تتحدث معه
ثالثا
لو قال احد الناس لصاحبه :---
أنت سرقت ساعتي من بيتي ؟
فقال له المتهم :--
أنا سرقت ساعتك إن كنت ذهبت إلى بيتك ...
فإذا قام الدليل على انه لم يذهب إلى بيت صاحبه أبدا ...
فهل سرق الساعة ؟!
بدون تشبيه ولإبراهيم المثل الأعلى
إن إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام قال:--
بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ
فان كانوا ينطقون فالفاعل كبيرهم .
وان كانوا لا ينطقون – والحال كذلك –
فالفاعل إبراهيم .
بهذه الطريقة الذكية استطاع إبراهيم
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
 أن ينتزع منهم اعترافا خطيرا :---
لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ
قال تعالى

{ فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ .  ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ  .
.  قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ .  أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ . قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ .  قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ .  وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ }
الأنبياء 64-70
أقول هذا حتى لانخطيء فهم القرآن
من محاضرات الأستاذ الشيخ محمود غريب
نقلت بيسير من التصرف
اعداد عبد الستار المشهداني




الأحد، 29 يونيو 2014

العلم نعمة وعدم العلم أحيانا نعمة أكبر


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

وسلام على النبيّ

المصطفى

أما بعد

قالوا
 العلم نعمة
 فمتى يكون عدم العلم نعمة أكبر ؟

العلم نعمة هذه قضية لا تحتا ج إلى دليل
 وقد خلق الله تعالى وسائل العلم في الإنسان

قال تعالى

{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }
الإسراء 36

أكتفي هنا

بالعين

فقد قال العامة :-
 بها نعرف العدو من الحبيب

أقول :- وبالعين عرف الإنسان الكتابة وهي السبب في نقل معارف الماضي إلى من بعدهم
إن الحيوان يمكنه أن يتعلم
وقد شهد القرآن بهذا في الحيوانات وطيور الصيد
قال تعالى
{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }
المائدة 4

(يسألونك) يا محّمد

صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم

كما تحبه وترضاه آمين

 (ماذا أحل لهم) من الطعام (قل أحل لكم الطيبات) المستلذات (و) صيد (ما علمتم من الجوارح) الكواسب من الكلاب والسباع والطير (مكلِّبين) حال من كلَّبْتُ الكلب بالتشديد أي أرسلته على الصيد (تعلمونهن) حال من ضمير مكلبين أي تؤدبونهن (مما علمكم الله) من آداب الصيد (فكلوا مما أمسكن عليكم) وإن قتلنه إن لم يأكلن منه بخلاف غير المعلمة فلا يحل صيدها وعلامتها أن تسترسل إذا أرسلت وتنزجر إذا زجرت وتمسك الصيد ولا تأكل منه وأقل ما يعرف به ثلاث مرات فإن أكلت منه فليس مما أمسكن على صاحبهن فلا يحل أكله كما في حديث الصحيحين وفيه أن صيد السهم إذا أرسل وذكر اسم الله عليه كصيد المعلم من الجوارح (واذكروا اسم الله عليه) عند إرساله (واتقوا الله إن الله سريع الحساب)
ولكن حيوانات الصّيد والسّيرك وكلاب الشّرطة تتعلم ولكنها لا تستطيع أن تنقل معارفها المكتسبة لأولادها

وكل جيل منها يبدأ من حيث بدا من قبله لأنه لا يعرف الكتابة
من هنا أقسم الله تعالى بالقلم وما يسطرون
قال تعالى
 { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ }
القلم 1

فبالقلم يبدأ كل جيل من حيث انتهى من قبله فتتقدم الإنسانية
وبالعين
 دخلنا عالم الخشوع

فأصحاب الإيمان الراسخ يبكون لتغسل دموعهم ما أصاب نفوسهم من زلات
قال تعالى
{ وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً }
الإسراء 109
وقال تعالى

{ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً }
مريم 58

وقد بشر النبيّ
صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم
عينين
بعدم مس النار لهما
عين باتت تحرس في سبيل الله وألا يلج النار رجل بكى من خشية الله تعالى
رواه الترمذي والنسائي وأحمد

والدمع يجري في العين
يغسلها ويطهرها ويمنع احتكاك الجفن
بهما وهي جافة
وفي أسفل العين --- بالوعات --- توصل الدمع إلى الأنف
ففيها منبع ومصرف
فالعين
 بها نعرف العدو من الحبيب

وبها تعلمنا الكتابة لنقل معارف الأجيال
وبها ندخل عالم الخاشعين
والعين سر من أسرار الجمال
فالقزحية تعطي العين لونها وجمالها
 وقد يكون جمال العين ساترا لعيوب كثيرة في الحسناء
والله تعالى صمّم للعين خزينة تحفظها
 فهي تحت ارتفاعات ثلاثة
الجبهة
 وعظام تحت العين
 وهرم الأنف
ثمّ الجفن والدموع
وقد قالوا :---
 كفى برمش العين
 دليلا على وجود الله تعالى
أهداب العين تكسر أشعة الشّمس وتتشابك فتحافظ على العين من التراب وهي جمال يتغنى به أهل الغناء وتتاجر شركات عالمية تخصصت في خدمة --- رمش العين ---

تجربة عشتها
دعاني صاحب مصنع كبير للألبان
 ودخلت الثلاجة وكدت أشعر بالتجمد
فحاولوا غطاء ما أصاب البرد من جسدي ومع غطائه تحركت
أن كل عضو يصاب بالبرد يمكن أن تغطيه وتنتفع به
أما العين فلو حاولت غطائها لتدفئها
يتعطل النفع بها
من أجل ذلك أبدع ربّ العالمين سبحانه وتعالى لها جلدا لا يتأثر بالبرد
هذا خلق الله تعالى

فلماذا خلق الله تعالى
 أشعة لا ترى فيها العين ؟
منها أشعة جاما وأشعة فوق البنفسجية وأشعة تحت الحمراء ثمّ أشعة أكس
والدارس المتخصص
 يعرف أشعة أخرى لا ترى فيها العين المجردة

وفي حدود ما أعلم
 أن الله تعالى أراد أن يعلم الناس
 أن الذي لا نعلمه في الكون
أضعاف أضعاف ما نعلم
وأن الذي لا نراه لا يمكن أن يقول عالم
 انه غير موجود
لان عدم العلم ليس علما بالعدم

فالله تعالى لا نراه وهو أصل الوجود

الملائكة لا نراها والجّن لا نراه

وفي مجال المعامل العلمية الجاذبية لا نراها

والكهرباء لا نراها والقوى المغناطيسية كذلك

أمور نحسها ولا نراها

ولو رأيناها لفقدنا عقولنا

قال الله تعالى
{ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ .  لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ }
 الحجر 14-15

إن نسوة المدينة
 --- في قصة سيدّنا يوسف عليه الصّلاة والسّلام ---عندما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهنّ
لان يوسف
في تصورهن كالملك (بفتح ألام )الكريم

فكيف إذا رأين الملك حقيقة ؟

سوف نحتقر كل جمال في دنيانا !!

والجنّ منهم الشّياطين
 وقد شبّه القرآن الكريم شجرة الزّقوم بأنّ طلعها كرؤوس الشّياطين

فكيف إذا رأين الشيّطان ؟

والرجل يموت ولده أو أخوه فيقبره
 فكيف نتصوره يمر على قبر حبيبه
 فيراه يعذب في قبره ؟
هل تصلح حياة الناس وهم يرون كلّ شيء؟
أم أن الله تعالى رحمة منه
 حجب عنا رؤية بعض
 ما لا يريد سبحانه وتعالى أن نراه .

إننا نسميه سترا
ويدعو أحدنا لأخيه :--- الله يسترك

ان الله تعالى يكره عبده العاصي
 ولكنه يحب من يستر عليه .
إن الله تعالى لو كشف الستر عنا
 لما وجد أحدنا من يحمله إلى قبره عند موته
ولو كشف الله تعالى الستر
 لتبرأ الزوج من زوجته
وتبرأت الأم من وحيدها
ولفقدت الشعوب قدوتها
ولكن الله تعالى يحجب عنا
 ما يشاء من العلوم حتى تنتظم حياة الناس
إن الله تعالى سمى نفسه
– في أسمائه الحسنى –
بأسماء متقابلة
المحيّ المميت
القابض الباسط
المعز المذل
وسمى نفسه السّتار
ولم يسمي نفسه السّتار الفضّاح

أليس عدم العلم أحيانا نعمة ؟

هذا في حياتنا العامة
إن الله تعالى يستر على العاصي ليعطيه فرصة ليتوب
وفي دراسة قمت بها في بعض الفنادق العربية
خرجت منها بأن فضيحة المرأة تنقلها
 من --- منحرفة --- إلى --- محترفة ---

وهذه النتيجة تؤكدها قصة امرأة العزيز
وأقرأ آيات القرآن قبل أن يعلم النساء بمراودتها ليوسف عليه الصّلاة والسّلام وموقفها بعد أن قال النسوة في المدينة ما قالوه
قال الله تعالى

{ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ .  وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ .  وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .  قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ .  وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ .  فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ .  يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ .  وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ .  فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ .  قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ  }
يوسف 23-32
أما الأشعة التي لا نراها فهي رحمة مهداة من الله تعالى
إنها تحجب عنا الكثير من الأشياء حتى يكون للإيمان بالغيب مجال مدركاتنا العقلية
فنحن نحصل على أجر الإيمان
 ما دام الإيمان بالغيب
قال تعالى
{ الم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ .  الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ  }
البقرة 1-3

فإذا تحول عالم الغيب إلى عالم شهادة بطل الأجر

قال تعالى
{  فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ  }
 غافر 85

إن التلميذ إذا دخل لجنة الامتحان نأخذ ما معه من كتب
فإذا خرج أخذ الكتب
 وساعتها لا يستطيع أن يصحح ما أخطأ

فالله تعالى حجب رؤيته عنا وملائكته والجنّ حتى نحصل على أجر الإيمان بالغيب
ولو كنا نستطيع أن نرى
 في هذه الأشعة لفقدنا عنصر البهجة والجمال

تصور شابا تقدم لخطبة كريمتك الحسناء ونظر إليها بأشعة أكس ماذا سيرى ؟!!
سيرى العظام والأمعاء
أين ماقدمته القزحية من جمال العيون ؟!!
وما كان سببا في وصفها بالحسناء ؟!!
لقد ضاع الجمال
وكنترول الامتحان كيف تحفظ سرها
والطالب يمكنه أن يرى بهذه الأشعة ؟!!

والداهية الكبرى
كيف تلبي حاجة زوجتك في الفراش؟!!

وكل من يسير في الشّارع يرى بهذه الأشعة الفاضحة !!
سترك ياربّ

وأسألك أن تمنع عنا من العلم ما يفضح الآخرين

فالعلم نعمة

وعدم العلم أحيانا

نعمة أكبر

من محاضرات الأستاذ الشّيخ محمود غريب

مركز السّلطان قابوس للثقافة الإسلامية
سلطنة عمان - صلالة