الأحد، 29 يونيو 2014

روائع الكلمة العربية في الآيات القرآنية

( اعداد عبد الستارالحسيني المشهداني )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على النبيّ المصطفى
أما بعد
فان هذا البحث المتواضع حول كلمة
- الاسراف -
في كتاب الله تعالى وكيف نجد أن هذه الكلمة أو إحدى مشتقاتها
يتغير معناها بحسب وجودها في الجملة من آيات القرآن العظيم
فتفضلوا معي للتعرف على ذلك
وقد رتبت الآيات بحسب ترتيب سورها في القرآن العظيم
هذا فهمي للموضوع بعونه تعالى
فما كان من صواب فبتوفيقه تعالى
وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان
و أسأله تعالى أن
يعلمنا من علمه وأن ينفعنا بما علمنا
ويرزقنا العمل به وأن يجنبنا الرياء والعجب آمين يا رحمن
تنبيه
لقد أعتمدت في توضيح معاني الآيات على التفسير الميّسر إلا إذا ذكر غير ذلك
قال تعالى في سورة المائدة الآية 32
{ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }
بسبب جناية القتل هذه شَرَعْنا لبني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص, أو فساد في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد, الموجب للقتل كالشّرك والمحاربة فكأنما قتل الناس جميعًا فيما استوجب من عظيم العقوبة من الله, وأنه من امتنع عن قَتْل نفس حرَّمها الله فكأنما أحيا الناس جميعًا; فالحفاظ على حرمة إنسان واحد حفاظ على حرمات الناس كلهم. ولقد أتت بني إسرائيل رسلُنا بالحجج والدلائل على صحة ما دعَوهم إليه من الإيمان بربهم, وأداء ما فُرِضَ عليهم, ثم إن كثيرًا منهم بعد مجيء الرسل إليهم لمتجاوزون حدود الله بارتكاب محارم الله وترك أوامره.

1) لَمُسْرِفُونَ = لمتجاوزون حدود الله في القتل بلا حقّ            أنظر الفقرة 6
وقال تعالى في سورة الانعام الآية 141
{ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }
والله سبحانه وتعالى هو الذي أوجد لكم بساتين: منها ما هو مرفوع عن الأرض كالأعناب, ومنها ما هو غير مرفوع, ولكنه قائم على سوقه كالنخل والزرع, متنوعًا طعمه, والزيتون والرمان متشابهًا منظره, ومختلفًا ثمره وطعمه. كلوا - أيها الناس - مِن ثمره إذا أثمر, وأعطوا زكاته المفروضة عليكم يوم حصاده وقطافه, ولا تتجاوزوا حدود الاعتدال في إخراج المال وأكل الطعام وغير ذلك. إنه تعالى لا يحب المتجاوزين حدوده بإنفاق المال في غير وجهه.

2) الْمُسْرِفِينَ = المتجاوزين الحدود في الاكل    أنظر الفقرة 3
وقال تعالى في سورة الاعراف الآية 31
{ يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }
يا بني آدم كونوا عند أداء كل صلاة على حالة من الزّينة المشروعة من ثياب ساترة لعوراتكم ونظافة وطهارة ونحو ذلك, وكلوا واشربوا من طيبات ما رزقكم الله, ولا تتجاوزوا حدود الاعتدال في ذلك. إن الله لا يحب المتجاوزين المسرفين في الطعام والشراب وغير ذلك.

3) تُسْرِفُواْ = تتجاوزوا حدود الاعتدال في الاكل والشرب   أنظر الفقرة 2
وقال تعالى
{إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ }
الأعراف81
إنكم لتأتون الذكور في أدبارهم, شهوة منكم لذلك, غير مبالين بقبحها, تاركين الذي أحلَّه الله لكم من نسائكم, بل أنتم قوم متجاوزون لحدود الله في الإسراف. إن إتيان الذكور دون الإناث من الفواحش التي ابتدعها قوم لوط, ولم يسبقهم بها أحد من الخلق.

4) مُّسْرِفُونَ = متجاوزون لحدود الله في الشّهوات الجنسّية المحّرمة  أنظر الفقرة 19
وقال تعالى  في سورة يونس الآية 12
{ وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
وإذا أصاب الإنسانَ الشدةُ استغاث بنا في كشف ذلك عنه مضطجعًا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا, على حسب الحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرِّ به. فلما كشفنا عنه الشدة التي أصابته استمرَّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر, ونسي ما كان فيه من الشدة والبلاء, وترك الشكر لربه الذي فرَّج عنه ما كان قد نزل به من البلاء, كما زُيِّن لهذا الإنسان استمراره على جحوده وعناده بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر, زُيِّن للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به.

5) لِلْمُسْرِفِينَ = للمتجاوزين في الإفساد و الكفر
وقال تعالى
{ فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ }
يونس83
فما آمن لموسى عليه السّلام مع ما أتاهم به من الحجج والأدلة إلا ذرّية من قومه من بني إسرائيل, وهم خائفون من فرعون وملئه أن يفتنوهم بالعذاب, فيصدُّوهم عن دينهم, وإن فرعون لَجبار مستكبر في الأرض, وإنه لمن المتجاوزين الحد في الكفر والفساد.

6) لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ = لمن المتجاوزين في القتل الباطل    أنظر الفقرة 1
وقال تعالى في سورة الاسراء الآية 33
{ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }
ولا تقتلوا النفس التي حرم الله قَتْلها إلا بالحق الشّرعي كالقصاص أو رجم الزاني المحصن أو قتل المرتد. ومن قُتِل بغير حق شرعي فقد جعلنا لولي أمره مِن وارث أو حاكم حجة في طلب قَتْل قاتله أو الدية، ولا يصح لولي أمر المقتول أن يجاوز حدَّ الله في القصاص كأن يقتل بالواحد اثنين أو جماعة، أو يُمَثِّل بالقاتل، إن الله معين وليَّ المقتول على القاتل حتى يتمكن مِن قَتْله قصاصًا.

7) يُسْرِف = يتجاوز حدَّ الله في القصاص
قال تعالى في سورة طه الآيات 124-127
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى 0  قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً 0  قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى 0  وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى  }
وهكذا نعاقب مَن أسرف على نفسه فعصى ربه, ولم يؤمن بآياته بعقوبات في الدنيا, ولَعذاب الآخرة المعدُّ لهم أشد ألمًا وأدوم وأثبت; لأنه لا ينقطع ولا ينقضي.

8) أَسْرَفَ = تجاوز الحد في التكذيب بآيات الله تعالى والاعراض عنها
قال تعالى في سورة الانبياء الآيات 1-9
{  اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ 0  مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ 0  لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ 0  قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 0  بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ 0 مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ 0  وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ 0  وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ 0  ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ }
ثم أنجزنا للأنبياء وأتباعم ما وعدناهم به من النصر والنجاة, وأهلَكْنا المسرفين على أنفسهم بكفرهم بربهم.

9) الْمُسْرِفِينَ = المتاجوزين الحد في معاندة أنبيائهم
قال تعالى في سورة الفرقان الآية 67
{ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }
والذين إذا أنفقوا من أموالهم لم يتجاوزوا الحد في العطاء، ولم يضيِّقوا في النفقة، وكان إنفاقهم وسطًا بين التبذير والتضييق.

10)  يُسْرِفُوا = يتجاوزوا الحد في العطاء
قال تعالى في سورة الشعراء الآيات 146-151
{  أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ 0 فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ 0  وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ 0  وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ 0  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ 0  وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ 0  الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ  }
ولا تنقادوا لأمر المسرفين على أنفسهم المتمادين في معصية الله

11) الْمُسْرِفِينَ = المتمادين في معصية الله
قال تعالى في سورة يس الآية 19
{ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ }
قال المرسلون: شؤمكم وأعمالكم من الشّرك والشّر معكم ومردودة عليكم, أإن وُعظتم بما فيه خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في العصيان والتكذيب.

12) مُّسْرِفُونَ = متجاوزون في انكار الرسل
قال تعالى في سورة الزمر الآية53
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي, وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم, إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت, إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده, الرحيم بهم.

13) أَسْرَفُوا = تمادَوا في المعاصي
قال تعالى في سورة غافرالآية 28
{ وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ }
وقال رجل مؤمن بالله من آل فرعون, يكتم إيمانه منكرًا على قومه: كيف تستحلون قَتْلَ رجل لا جرم له عندكم إلا أن يقول ربي الله, وقد جاءكم بالبراهين القاطعة مِن ربكم على صِدْق ما يقول؟ فإن يك موسى كاذبًا فإنَّ وبالَ كذبه عائد عليه وحده, وإن يك صادقًا لحقكم بعض الذي يتوعَّدكم به, إن الله لا يوفق للحق مَن هو متجاوز للحد, بترك الحق والإقبال على الباطل, كذَّاب بنسبته ما أسرف فيه إلى الله.

14) مُسْرِفٌ = متجاوز للحد, بترك الحق والإقبال على الباطل
وقال تعالى
{ وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ }
غافر34
ولقد أرسل الله إليكم النبيَّ الكريم يوسف بن يعقوب عليهما السلام من قبل موسى, بالدلائل الواضحة على صدقه, وأمركم بعبادة الله وحده لا شريك له, فما زلتم مرتابين مما جاءكم به في حياته, حتى إذا مات ازداد شككم وشرككم, وقلتم : إن الله لن يرسل من بعده رسولا ، مثل ذلك الضلال يُضِلُّ الله كل متجاوز للحق, شاكٍّ في وحدانية الله تعالى, فلا يوفقه إلى الهدى والرشاد.

15) مُسْرِفٌ = متجاوز الحد في الشّك
وقال تعالى
{  لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ }
غافر43
حقًا أن ما تدعونني إلى الاعتقاد به لا يستحق الدعوة إليه, ولا يُلجأ إليه في الدنيا ولا في الآخرة لعجزه ونقصه, واعلموا أن مصير الخلائق كلها إلى الله سبحانه, وهو يجازي كل عامل بعمله, وأن الذين تعدَّوا حدوده بالمعاصي وسفك الدماء والكفر هم أهل النار.

16) الْمُسْرِفِينَ = الذين تعدَّوا حدوده بالمعاصي وسفك الدماء
قال تعالى في سورة الزخرف الآية 5
{ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ }
جاء في تسير الجلالين
(أفنضرب) نمسك (عنكم الذكر) القرآن (صفحا) إمساكا فلا تؤمرون ولا تنهون لأجل (أن كنتم قوما مسرفين)

17) مُّسْرِفِينَ = متجاوزون الحد في الشرك
قال تعالى في سورة الدخان الآيات 30-31
{  وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ 0  مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ الْمُسْرِفِينَ  }
ولقد نجَّينا بني إسرائيل من العذاب المُذلِّ لهم بقتل أبنائهم واستخدام نسائهم.
من فرعون, إنه كان جبارًا من المشركين, مسرفًا في العلو والتكبر على عباد الله.

18) مِّنَ الْمُسْرِفِينَمن المتجاوزين في العلو والتكبر
قال تعالى في سورة الذاريات الآيات 31-37
{  قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ 0  قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ 0  لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ 0  مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ 0  فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 0  فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ 0  وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ  }
جاء في تفسير الجلالين
(مسومة) معلمة عليها اسم من يرمى بها (عند ربك) ظروف لها (للمسرفين) باتيانهم الذكور مع كفرهم

19) لِلْمُسْرِفِينَ = للمتجاوزين الحد في الشّهوات المحّرمة    أنظر الفقرة 4
والحمد لله ربّ العالمين رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ اللهم صلّ على سيدّنا محّمد وعلى آله وأزواجه وذرّيته وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه آمين

** ألأمانة **


الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على النبيّ

المصطفى

أما بعد

أولا:----

قال تعالى : -

{ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ

فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ

 ظَلُوماً جَهُولاً }

الأحزاب 72

هذه الآية الكريمة يبين الله فيها

مكانة الإنسان

ومنزلته

ويظهر فيه السّر

الذي من اجله رفع هذا المخلوق الضعيف إلى

درجة الخلافة.........

وقد سمّى القرآن هذا السر ...(( الأمانة ))......

فما هي الأمانة ؟؟؟؟


إنّها تكليف الإنسان بما يخالف غريزته البشرية

ذلك لانّ النفس الإنسانية تريد أن تنطلق في إشباع غرائزها

والتكاليف الشرعية

تمنعها من الهبوط إلى المستوى الحيواني

فيحدث بينهما صراع

هذا الصراع

هو الشّيء الذي يتميز به الإنسان في عبادته على سائر

المخلوقات

إن السّموات بأفلاكها وأهلها.......

ما فيها ومن فيها

يسبح بحمد الله تعالى ....

ولكن ّذلك لا يعدل عبادة الإنسان.......

لماذا ؟؟


لانّ عبادة السّموات وأهلها

قد خلت من الصراع بين التكاليف وبين طبيعتها

إن الملائكة تتعبد في الليل والنهار

لأنها لا تستطيع ترك العبادة

.. فهي تفعل الخير........... لأنها لا تعرف الشر .

لذلك لا ثواب لها!!

لعدم الصراع بين التكاليف وطبيعتها التي خلقت عليها.....

وكذا كلّ شيء في الوجود غير الإنسان

لأنه الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يفعل النقيضين

باختياره ...

قال تعالى في شأن عبادة السّموات والأرض :-

{ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ

كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }

فصلت11

وعرض الأمانة على

السّموات

والأرض

والجبال

إما مجاز قرآني لإظهار عظمة التكاليف الشّرعية التي تحملها

الإنسان

ولم تستطع السّموات والأرض أن تتحملها

وإما عرض على أهل السّموات والأرض.

وسواء كان هذا المعنى أو ذاك

فان إباء السّموات والأرض إباء اعتذار

لــــضـــعـــفـــهـــــــــــــــن

وليس من نوع

إباء إبليس لعنه الله تعالى عن سجوده لآدم عليه السّلام لان إباء

إبليس كبر وتعال

{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ

 وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }

الأعراف12

وحملها الإنسان

ذلك الكائن الضعيف تحمل ما لم تستطع السّموات أن تتحمله ولا

الأرض ولا الجبال...

ونتج عن هذا التحمل أن انقسم الناس إلى قسمين :-

قسم حافظ على الأمانة وألزم نفسه خلاف ما عاليه طبيعتها فحافظ

على نسبه السّماوي وعلى خلافة الله في ارض الله..

وقسم انسلخ عن التكاليف الشّرعية واتبع نفسه هواها فانحدر إلى

حيوانية سافلة

{ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }

التين5

لأنّه هرب من نور اليقين وغيّر فطرة الله التي اوجده عليها والتي

عناها القرآن في قوله تعالى

{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }

التين4

{ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }

التين5

فإذا أراد النهوض

فباب التوبة مفتوح


{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

التين6


وعلى هذا فقول الله تعالى  :-

(( وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا ))

يبين نتيجة تحمل الإنسان للأمانة وما ترتب على هذا التحمل من

إهمال وخيانة

(( انه كان ظلوما ))

لنفسه عندما اتبعها هواها

((جهولا ))

بعواقب الأمور ..

وبعد أخي القاري الكريم :------

إن دوائر التكاليف الشرعية

وحدها هي التي ترفع الإنسان إلى درجة الملائكة

أو تهبط به إلى أسفل سافلين

ثانيا :----

هناك تفاسير أخرى لتحمل الأمانة منها

ما يقول إن التحمل معناه عدم الالتزام بما حمّل به

وعلى هذا

فوصف الإنسان بأنه كان ظلوما جهولا لخيانته

الأمانة .

ثالثا :---

كل شيء في الوجود يعبد الله بدون صراع ذاتي أو

اختيار

لذلك فلا ثواب لعبادتهم

إلا الإنسان فانه يستطيع إن يفعل النقيضين باختياره

ومن هنا كان الثواب والعقاب ..


وذلك حتى لا نخطئ فهم القرآن.. 
للشيخ محمود غريب
 ( اعداد عبد الستار المشهداني )


السبت، 28 يونيو 2014

أسباب ( التكرار في القرآن )


الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى

وسلام على النبيّ

المصطفى

أما بعد

قال لي :--------

ما سبب التكرار في القرآن ؟

قلت له :

هل يمكن أن تصور الجامع صورة واحدة

تظهر كل جوانبه ؟

قال لا ...

لا بد من عدة لقطات من جوانب مختلفة

قلت : هذا سر التكرار في القرآن

حتى قول الله تعالى في سورة الرحمن

{ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

وهي أكثر آية تكررت في سورة واحدة

فانّ كلّ مرّة تذكر فيها

تشير إلى أمر يغاير ماسبقت له في المرة السابقة

فهي بعد كل مقطع قرآني في السورة

تـــــــــــــــذّكــــــــر

بالنعمة التي أشار لها المقطع

والقارئ الفاهم للقرآن

لا يصعب عليه إدراك ذلك

أما التكرار في القصة القرآنية

فيمكنك

     قارئي الكريم

أن تدرك سره  أدناه


والقصة التي اخترتها لك:-

قــــــــــــــــــــــصة الــــــــــــــــــــــــــــناقة

   وقد ذكرت في السّور الآتية –

الأعراف – هود – الإسراء - الشّعراء – القمر
-       الشّمس -

ثم ذكرت في

النمل -  الحجر - فصلت- الحاقّة

إشارة لا تصريحا

وألان مع الآيات :----

{  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .  وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ .  قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ .  قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ .  فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ .  فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ .  فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ }

الأعراف 73 -79

والدارس  للآيات  يراها تكلمت عن النقاط الآتية

أولا

ذكرت أن الناقة هي - ناقة  الله - نسبها الله إليه تعظيما لها

ثانيا

ذكرت الجانب الحضاري في عهد ثمود

((  وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ))

ثالثا

ذكرت الحوار الذي دار بين المستكبرين والمستضعفين

من قوم صالح واستهانة المستكبرين بالمعجزة ثمّ عقرهم الناقة

ثم تأتي صورة هود آية 61 - 68

فتضيف جانبا جديد من الأخبار


{  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ .  قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ .  قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ .  وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ .  فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ .   فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ .  وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ .  كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ }

أولا

حوار القوم مع صالح عليه السّلام ورده عليهم

ثانيا

تحدد المدة التي عاشها القوم بعد عقر الناقة

بثلاثة أيام  ثم أخذتهم الصيحة

ثالثا

بينت أن الله نجى صالحا والذين آمنوا معه

((  فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً
وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ))

وكل هذه الأخبار جديدة لم تذكر في سورة الأعراف

ثمّ تأتي سورة الحجر آية  80 -  84

{ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ . وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ . فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

وتذكر المكان الذي دارت عليه حوادث القصة

ان اسم المكان

-       الحجر -–

بكسر الحاء

وهو مكان بين الحجاز والشّام وتسمى مدائن صالح ...

وفي سورة الشّعراء تبرز ملامح جديدة في الآيات   141 - 159

{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ .  إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ .  إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ .  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ .  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ .  أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ .  فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ .  وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ .  وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ .  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ .  وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ .  الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ .  قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ . مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .  قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ . وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ .  فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ .  فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ .
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }

أولا

تبين أن صالحا لم يطلب أجرا على دعوته

(( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ))


ثانيا

تخبرنا عن الجانب الزراعي في بلادهم

(( أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ .  فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ .  وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ))

ثالثا

تبين أن القوم هم الذين طلبوا معجزة من النبي صالح

((  قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ . مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ))

رابعا

تظهر ندم القوم بعد عقر الناقة

((  فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ  ))

ومعلوم أنه ندم مشاهدة العذاب وليس ندم التوبة

سورة النمل  من الآية  45 -  53

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ . قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ .  قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ .  وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ .  قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ .  وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ .  فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ .  فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .  وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }


تحدّثنا السّورة :-------

عن مؤامرة  لزعماء القوم أرادوا قتل صالح عليه السّلام وأهله

ولكنّ الله تعالى أبطل مكرهم وعذبهم....

(( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ .  قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ))


وفي سورة فصلت والذاريات والحاقة

لمحات سريعة كالتذكرة والعبرة .....


ثمّ تأتي سورة القمر آية  23 - 32


{  كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ .  فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ .  أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ .  سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ .  إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ .  وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ .  فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ .  فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ .  إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ .  وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }

فتذكر لنا

أنّ القوم جميعا قد اشتركوا في عقر الناقة

وذلك لأنهم ذهبوا إلى صاحبهم لعقرها ....

(( فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ))

كما تذكر للمرة الأولى أن الذي عقر الناقة

قد شرب الخمر قبل أن يرتكب جريمته

لأن الخمر تهّون الجرائم (( فَتَعَاطَى فَعَقَرَ )) أي تعاطى الخمر ...


وتأتي سورة الشّمس آية 11 - 15


{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا .  إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا .  فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا .  فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ

رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا .  وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا }

وهنا تظهر الملامح الأخيرة وتتلخص في نقطتين : -

الأولى

أن الرجل الذي عقر الناقة هو أشقى القوم....

(( إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ))

الثانية

أن القوم قد أهلكوا بذنوبهم لم يظلمهم الله تعالى

(( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا .  وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا )) .


وبعد : ----

هذه لمحة سريعة

أتقدم بها بين يديك أيها القارئ الكريم حول هذا الموضوع العظيم

تاركا لك الإجابة على هذا

السؤال :-----

هل في القرآن تكرار ؟


وأظنه قد وضح لك  ذلك :------

أنّ مجموع آيات القرآن قي الموضوع الواحد تعطي صورة كاملة عن

الموضوع

أقول ذلك......          حتى لا نخطي فهم القرآن


من محاضرات الأستاذ الشيخ محمود غريب