الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام
على النبيّ
المصطفى
أما بعد
أولا:----
قال تعالى : -
{ إِنَّا
عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ
فَأَبَيْنَ
أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ
ظَلُوماً جَهُولاً }
الأحزاب 72
هذه الآية الكريمة
يبين الله فيها
مكانة الإنسان
ومنزلته
ويظهر فيه السّر
الذي من اجله رفع
هذا المخلوق الضعيف إلى
درجة الخلافة.........
وقد سمّى القرآن هذا
السر ...(( الأمانة ))......
فما هي الأمانة ؟؟؟؟
إنّها
تكليف الإنسان بما يخالف غريزته البشرية
ذلك لانّ النفس الإنسانية
تريد أن تنطلق في إشباع غرائزها
والتكاليف الشرعية
تمنعها من الهبوط إلى
المستوى الحيواني
فيحدث بينهما صراع
هذا الصراع
هو
الشّيء الذي يتميز به الإنسان في عبادته على سائر
المخلوقات
إن السّموات بأفلاكها
وأهلها.......
ما فيها ومن فيها
يسبح بحمد الله
تعالى ....
ولكن ّذلك لا يعدل
عبادة الإنسان.......
لماذا ؟؟
لانّ
عبادة السّموات وأهلها
قد
خلت من الصراع بين التكاليف وبين طبيعتها
إن الملائكة تتعبد
في الليل والنهار
لأنها لا تستطيع ترك
العبادة
.. فهي تفعل الخير........... لأنها لا تعرف الشر .
لذلك لا
ثواب لها!!
لعدم الصراع بين
التكاليف وطبيعتها التي خلقت عليها.....
وكذا كلّ شيء في
الوجود غير الإنسان
لأنه الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يفعل النقيضين
باختياره ...
قال تعالى في شأن
عبادة السّموات والأرض :-
{ ثُمَّ
اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا
طَوْعاً أَوْ
كَرْهاً
قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }
فصلت11
وعرض الأمانة على
السّموات
والأرض
والجبال
إما مجاز قرآني لإظهار
عظمة التكاليف الشّرعية التي تحملها
الإنسان
ولم تستطع السّموات والأرض
أن تتحملها
وإما عرض على أهل
السّموات والأرض.
وسواء كان هذا
المعنى أو ذاك
فان إباء
السّموات والأرض إباء اعتذار
لــــضـــعـــفـــهـــــــــــــــن
وليس
من نوع
إباء إبليس لعنه
الله تعالى عن سجوده لآدم عليه السّلام لان إباء
إبليس كبر وتعال
{ قَالَ
مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ
خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ
وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }
الأعراف12
وحملها الإنسان
ذلك الكائن الضعيف
تحمل ما لم تستطع السّموات أن تتحمله ولا
الأرض ولا الجبال...
ونتج عن هذا التحمل أن
انقسم الناس إلى قسمين :-
قسم حافظ
على الأمانة وألزم نفسه خلاف ما عاليه طبيعتها فحافظ
على
نسبه السّماوي وعلى خلافة الله في ارض الله..
وقسم انسلخ عن التكاليف الشّرعية
واتبع نفسه هواها فانحدر إلى
حيوانية
سافلة
{ ثُمَّ
رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }
التين5
لأنّه
هرب من نور اليقين وغيّر فطرة الله التي اوجده عليها والتي
عناها
القرآن في قوله تعالى
{ لَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }
التين4
{ ثُمَّ
رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }
التين5
فإذا أراد النهوض
فباب التوبة مفتوح
{إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }
التين6
وعلى هذا فقول الله
تعالى :-
(( وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا ))
يبين نتيجة تحمل الإنسان
للأمانة وما ترتب على هذا التحمل من
إهمال وخيانة
(( انه كان ظلوما ))
لنفسه
عندما اتبعها هواها
((جهولا ))
بعواقب
الأمور ..
وبعد أخي القاري
الكريم :------
إن دوائر التكاليف
الشرعية
وحدها هي التي ترفع الإنسان
إلى درجة الملائكة
أو تهبط به إلى أسفل
سافلين
ثانيا :----
هناك تفاسير أخرى
لتحمل الأمانة منها
ما يقول إن التحمل
معناه عدم الالتزام بما حمّل به
وعلى هذا
فوصف الإنسان بأنه
كان ظلوما جهولا لخيانته
الأمانة .
ثالثا :---
كل شيء في الوجود
يعبد الله بدون صراع ذاتي أو
اختيار
لذلك
فلا ثواب لعبادتهم
إلا الإنسان
فانه يستطيع إن يفعل النقيضين باختياره
ومن
هنا كان الثواب والعقاب ..
وذلك حتى لا نخطئ
فهم القرآن..
للشيخ محمود غريب
( اعداد عبد الستار المشهداني )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق