الجمعة، 27 يونيو 2014

قصة سيدنا إبراهيم والكواكب

صل يارب عليه واله وبارك وسلم
 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على النبي المصطفى
أما بعد
واصل إبراهيم  الخليل صل يارب عليه واله وبارك وسلم رحلته في الدعوة ورسم منهجه لتسامي الفكر البشري ونجح في انتزاع الاعتراف من قومه بان الأصنام لا تنطق فهي لا تستحق العبادة بعد ذلك بدأ رحلته الثانية مع الكواكب في السماء وألان مع الرحلة الثانية
قال تعالى {فَلَما جَن عَلَيْهِ الليْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبي فَلَما أَفَلَ قَالَ لا أُحِب الآفِلِينَ }الأنعام76 لما انتهى إبراهيم صل يارب عليه واله وبارك وسلم من الذين يعبدون الأصنام تفرغ للذين يعبدون الكواكب فلما ستره الليل بظلامه و سطع فيه كوكب لامع سأل إبراهيم الذين  يعبدون الكواكب هذا ربي !! فَلَما أَفَلَ قَالَ لا أُحِب الآفِلِينَ و كلمة لا  أحب ألآفلين تبين طبيعة ألإيمان في نفس إبراهيم صل يارب عليه واله وبارك وسلم إن العلاقة بين العبد وربه هي الحب فإذا انتفى الحب انتفت حلاوة العبادة لان العبادة ظلال للحب في قلوب العارفين { فَلَما رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبي فَلَما أَفَلَ قَالَ لَئِن لمْ يَهْدِنِي رَبي لأكُونَن مِنَ الْقَوْمِ الضالينَ }الأنعام77 كرر التجربة مع القمر ليتسامى بالعقل البشري إلى ما هو أكبر في نظرهموأوضح في حياتهم - { فَلَما أَفَلَ قَالَ لَئِن لمْ يَهْدِنِي رَبي لأكُونَن مِنَ الْقَوْمِ الضالينَ }و حتى لانخطيء فهم القرآن أحب أن أوضح معنى الهداية التي يطلبها إبراهيم صل يارب عليه واله وبارك وسلم في هذه  ألآية :- إنها العون من الله على فعل الخير ومواصلة الطريق والهداية لها معنيان
 أولا :- الإرشاد إلى الخير والدلالة عليه وهذه قد من الله تعالى بها على إبراهيم فعرفه به قبل أن يجند حياته لدعوة الناس إلى الله تعالى
ثانيا :- هداية التوفيق والعون من الله وهذه هي الهداية التي طلبها إبراهيم من ربه وهو في وسط الطريق 0
{فَلَما رَأَى الشمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبي هَـذَا أَكْبَرُ
فَلَما أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِني بَرِيءٌ مما تُشْرِكُونَ }الأنعام78 هنا نهاية الطريق أمامهم فهم لا يعرفون أكبر من الشمس في الكواكب فإذا أفلت كغيرها فليس بين الكواكب ما يستحق العبادة انه منهج الخليل في الحوار لم يعبد غير ربه لحظة واحدة ولكنه كتم عقيدته حتى يترفق بالناس وأؤكد هذا الفهم بالأدلة الآتية
أولا :-
إن الحديث عن الكواكب جاء بعد الحديث عن ألأصنام { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِني أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مبِينٍ }الأنعام74 ومعلوم أن الحديث عن ألأصنام يدل على معرفة كاملة بالله تعالى
ثانيا :-
الحديث عن النجوم جاء بعد أن أطلع الله تعالى إبراهيم على ملكوت السماوات و الأرض ....{ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ } الأنعام75 فكيف يتصور من إبراهيم عليه السلام الشك ؟؟ وقد رأى - بعين اليقين - ملكوت السموات والأرض { إِني وَجهْتُ وَجْهِيَ لِلذِي فَطَرَ السمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }الأنعام79
أجل إن إبراهيم ليس مشركا لكنه معلم فهو يذكر عقيدة الخصم ثم يرتب عليها المستحيل ليثبت بطلانها وهذه الطريقة من أرقى طرق الجدل الحديث
إن إبراهيم ليس مشركا ولا شاكا في الله لأنه أجرى حواره على أمثلة ثلاثة فقط هي الــكوكب الــقمر الــــشمس ثم اصدر حكما عاما  ينطبق على كل شيء في الوجود فقال { إِني وَجهْتُ وَجْهِيَ لِلذِي فَطَرَ السمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } فكيف يبني حكما عاما على استقراء ناقص ؟؟ الحق أن  إبراهيم قصد بهذا الحوار العظيم تعليم بطلان عبادة النجوم مع
علمه السابق بعظمة الله رب العالمين...وبعد  : - إن بقايا عبادة النجوم لم تزل في قلوب بعض  الناس فما زلنا نرى من الناس حتى من المسلمين من يحسب النجم ليطمئن على مستقبله ومن يدرس النجوم ليتعرف على المغيبات... ولما كان ذلك من بقايا عبادة النجوم وهي شرك حرمها الإسلام وبشدة وسفه عقول من يعتقد بها فلا الكواكب والنجوم ولا العقول العشرة التي آمن بها الفلاسفة ولا الصالحون من البشرتغني عني من الله شيئا لأن الله وحده فــــــــــــــعال لـــــما يــــــــــــــــــــــــــــريد قال تعالى :- { وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُر فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍفَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدُيرٌ }الأنعام17 { وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُر فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآد لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرحِيمُ }يونس107
فـــــراقـــــب قــــــــــــلبك فإذا شعرت بأن غير الله تعالى ينفع أو يضر فــقلبك يحتاج إلى عــــلاج 0
أقول ذلك ..... حتى لا نخطئ فهم القرآن .....


من محاضرات الأستاذ الشيخ محمود محمد غريب

ليست هناك تعليقات: