لغز رقم 37
في ساعة متأخرة من الليل , في بيت احمد رن هاتفه
برنة خاصة , استيقض من النوم ... فتح عينيه ونظر الى الهاتف وقرأ رقم الهاتف
المتصل , كان الرقم هو رقم الاستدعاء الفوري.
في اقل من خمس دقائق غير احمد ملابسه وركب سيارته
مغادرا المنزل ومنطلقا الى المقر. ذهب مباشرة الى غرفة الاجتماعات السرية وهناك
اجتمع احمد مع رئيس القوة و مسؤول العمليات حيث تكلم الرئيس بصورة مقتضبة :
-
ارسلت
اليكم على عجل لانه منذ ساعة بعث لنا الرقم 37 اشارة النجدة ثم بعد ذلك بثوان انقطعت
جميع الاتصالات معه وفقدنا موقعه على الخارطة ...حاول قسم المتابعة والاتصالات
تحديد موقعه والاتصال به خلال الساعة الماضية ولكن من دون جدوى ...انتم الاثنان
ابقوا في هذه الغرفة وضعوا خطة محكمة لايجاد رقم 37 وانقاذه , في الصباح اريد ان
تعرضوا عليّ تلك الخطة ، واضح ؟
-
نعم
سيدي.
اجاب الاثنان في صوتٍ واحد. انهى رئيس القوة كلامه بدون
أن ينتظر أي رد و غادر الغرفة تاركاً الاثنين لتنفيذ الأمر.
نظر "ابو
رامز" الى أحمد وقال :
-
لنبدأ
...
أخرج "ابو رامز " محفضته ومن جيب سري
فيها اخرج بطاقة ذاكرة صغيرة. كانت طاولة الاجتماعات عبارة عن شاشة عرض كبيرة تعمل
باللمس , وضع ابو رامز بطاقة الذاكرة في المكان المخصص لها من الشاشة وضغط عدة مفاتيح
فانارت الشاشة وبدأت بالعمل.
-
مشروع
17 هو عملية تحقق وجمع معلومات عن ارخبيل دهلك التابع لدولة ارتيريا والتحقق من
المعلومات المتداولة عن وجود قواعد اسرائيلية في جزر ذلك الارخبيل.
ظهرت على شاشة العرض خارطة ارخبيل دهلك , ثم تابع
"ابو رامز" شرحه :
-
أرخبيل
دهلك تجمع
جزر في البحر الأحمر قبالة الشواطئ الإريترية قرب مدينة مصوع،
عدد الجزر 126 جزيرة , اثنتين منها جزر كبيرة وهي دهلك الكبرى ونهلق
، تشتهر هذه الجزر بصيد اللؤلؤ من الحقبة الرومانية وما
زالت تنتج كميات كبيرة منه، من أصل 126 جزيرة أربع جزر فقط تسكن وبشكل دائم وهي دهلك الكبرى وهي
الأكبر والاكثر سكانا ونهلق ونورا وحرمل.
-
الحياة البحرية المتنوعة والطيور البحرية تجذب العديد من
السياح، ويقطن هذا الارخبيل 2500 إلى 3000 نسمة ويمتهنون صيد الاسماك والمرجان
واللؤلؤ بالإضافة إلى تربية الماعز والجمال واللغات السائدة هي التغري والعفر ولغة الدهالكة ويمكن
الوصول للجزر عن طريق ميناء مصوع.
وهي عبارة عن جزر صحراوية بتربتها الصلبة , وتقل المياه العذبة لدرجة جعلت عدد الجزر المأهولة
لا يزيد عن أربعة جزر فقط ,
لعبت هذه الجزر دور هام كنقطة
تجمع وانطلاق للهجرات العربية القديمة المتجه صوب اليابسة باتجاه الشاطىء الإرتري ,
وعن طريقها كان يتم نقل التجارة واستقبالها, وبعد الفتح الإسلامي
ازدهرت جزر دهلك وقامت إمارة إسلامية كان لها شأن كبير وشجع العرب على استيطانها
وتعميرها ومن جزر أرخبيل دهلك وأهمها:
أ- جزيرة "دهلك الكبير": هي أكبر الجزر الإرترية
فمساحتها تزيد على 700 كم2. وتبعد
عن الساحل حوالي 43 كم شرقاً. , وعدد سكانها 1500نسمة بقراها أو أحياءها الثمانية وهي تشبه سطح القمر
في قسوتها لذلك
يصعب التصديق إنها كانت محطات الهجرات القادمة من الجزيرة العربية, وعلى ساحلها عدد من المراسي للسفن
التي تتجه إلى ميناء مصوّع، وأراضيها صالحة للزراعة. وأغلب سكانها مسلمون من أصل عربي، ويعملون في
الزراعة والصيد والرعي حيث تنتشر بها المها العربية والغزلان والسلاحف الضخمة, ونظراً
إلى موقع الجزيرة الإستراتيجي، القريب من باب المندب، ومن خطوط الملاحة الرئيسية في
البحر الأحمر، فقد حاولت القوى العالمية الكبرى التمركز فيها، لإنشاء قواعد عسكرية
، خاصة أن في الجزيرة مطارا ومهبطا للطائرات العمودية وأرصفة عائمة ومحطات
للاتصالات ومنارات, فنارات لإرشاد
السفن، إلى جانب ثروات اقتصادية، كالزراعة ومصايد الأسماك واللؤلؤ.
ب- جزيرة"ديسي": تقع على ثغر خليج
"زولا" في طرف الساحل البعيد عن تأثير الرياح في جزيرة دهلك الكبير , وتعطى
الصخور ذات الأشكال الغريبة والنتوءات ملمحا خاصا لهذا الساحل, وحول كل امتداد أرضي يوجد
كهف أو خليج محاط بتلال من الرمال البيضاء.
ج- جزيرة" نخرة" : تقع غرب جزيرة دهلك الكبير واتخذت كمنفى
وسجن في الاستعمار الايطالي والإثيوبي.
د - جزيرة
"فاطمة" :
تقع عند مدخل خليج عصب. وتبعد عن الساحل 10 كم، وعن جزيرة بريم اليمنية حوالي 60 كم.
ومساحتها 8 كم2. وهي ذات أهمية استراتيجية، لمجاوَرتها
الممر الملاحي في جنوبي البحر الأحمر، وهي تصلح للاستخدام كميناء عسكري، وفيها مطار.
ر- جزيرة "حالب": أكبر جزر خليج عصب. وتقع
جنوبي جزيرة فاطمة بمسافة 5 كم. وتبلغ مساحتها 22 كم2، وتكسوها الأشجار.
وفيها قاعدة بحرية، ولهذا ، فهي ذات موقع إستراتيجي مهم.
وتابع ابو رامز :
-
قبل
75 يوما تمت الموافقة على المشروع 17 وهكذا بدأ تنفيذ عملية لجمع المعلومات عن
ارخبيل دهلك وقد تم اختيار رقم 37 لاداء المهمة ... هذه هي المعلومات المتعلقة ب
37 ...
على شاشة العرض استعرض ابو رامز على مهل صور رقم 37
و بيانات عن طوله ووزنه ومواليده و تحصيله العلمي ومهاراته . ثم استطرد قائلاً :
- وحسب الخطة وبعد تم ارسال رقم 37 الى جزيرة
دهلك حيث استطعنا الحصول له على عمل في مشروع استثماري هناك و كانت التعليمات ان
يبتعد عن اي نشاط لمدة شهرين لكي يكّون له غطاء جيد لنشاطه ذاك , وقد التزم 37
بالتعليمات والاوامر وعمل بجد ليكسب ثقة رؤسائه في العمل , قبل خمسة ايام اعطيناه
الضوء الاخضر لبدء نشاطه في جمع المعلومات , وكانت جميع تحركاته خلال الايام
الخمسة الماضية محسوبة ولم يبتعد عن مكان عمله او خط سير تنقلاته العادية , انظر هنا
الى الخارطة.
على خارطة الجزيرة ظهرت مخططات ورسوم توضيحية للمشروع
الاستثماري وطرق التنقل في الجزيرة.
-
هنا
موقع المشروع وهنا مكان سكن الرقم 37 وهذا الطريق المعتاد الذي يسلكه للانتقال بين سكنه
وموقع المشروع واليوم عن طريق متابعة تحركاته سلك نفس الطريق و في أثناء رجوعه
توقف هنا وفي هذا المكان وفي الساعة العاشرة و واحد وخمسين دقيقة اطلق نداء النجدة
ثم بعد 7 ثوان انقطعت اشارة تحديد الموقع وانقطعت جميع اشارات الاتصال معه !
-
انقطعت الاتصالات
والاشارات ! لانه وضع في مكان آمن وعازل ؟
-
لماذا لم تتوقع أحتمال
آخر ؟
-
لأن هذه الاشارات لن
تنقطع الا إذا سقط في جوف الأرض او في أعماق البحر ... بينما هو اختفى في طريق
صحراوي وبعد ان ارسل اشارة نجدة تدل على انه يتوقع وقوعه في خطر حقيقي.
-
ومن يكون من الممكن ان
يمتلك تلك التجهيزات الالكترونية في ذلك المكان ؟
-
عزيزي ابو رامز من خبرتي
المتواضعة عرفت انني يجب ان اتوقع الاسوء وان اتوقع من العدو اكثر بكثير مما نعلم
عنه ... انا لا اقصد ان ابالغ في امكانياته ولكنه يفوقنا بسنوات في الامكانيات
والتجهيزات والخبرات ولا استبعد إن رقم 37 كان مراقبا طيلة الفترة السابقة وانهم
انتظروا منه نشاطا ملحوضا لكي يقبضوا عليه.
-
لكننا تفوقنا عليهم في
عمليات عديدة من قبل رغم ذلك!
-
ذلك صحيح , انا اقصد اننا
يجب ان نستعمل ذكاءنا وعقولنا للتفوق على امكانياتهم وان نحسب لهم الف حساب.
-
حسنا لنعود الى موضوعنا
الحالي , انت تعتقد ان رقم 37 ربما تم كشفه واعتقاله من قبل العدو ؟
-
وهذا هو اعتقاد الرئيس
ايضا لذلك ارسل علينا بسرعة في هذا الوقت المتأخر , فرقم 37 سيتعرض للتحقيق
والتعذيب للاعتراف بما يعرف عن القوة.
-
اذن يجب ان تكون الخطة
سريعة و محكمة !
-
وان نتحسب ان العدو
سيتوقع ارسال نجدة الى رقم 37 وسيكون بانتظارنا ...
سكت الاثنان قليلا في لحظات من الاستغراق في التفكير قطعها احمد
بكلمات غير متوقعة :
-
سأعد قدحاً من الشاي , هل
أعد قدحا لك ؟
* * *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق