من صيد الخاطر
وإن اللذات لتعرض على المؤمن، فمتى لقيها في صف حربه وقد تأخر عنه عسكر التدبر للعواقب، هزم. وكأني أرى الواقع في بعض أشراكها، ولسان الحال يقول له: قف مكانك، أنت وما اخترت لنفسك. فغاية أمره الندم والبكاء، فإن أمن إخراجه من تلك الهوة، لم يخرج إلا مدهونا بالخدوش. وكم من شخص زلت قدمه، فما ارتفعت بعدها. ومن تأمل ذل إخوة يوسف عليه السلام يوم قالوا: {وتصدق علينا} [يوسف: 88] ، عرف شؤم الزلل، ومن تدبر أحوالهم، قاس ما بينهم وبين أخيهم من الفروق، وإن كانت توبتهم قبلت؛ لأنه ليس من رقع وخاط كمن ثوبه صحيح. ورب عظم هيض1 لم ينجبر، فإن جبر، فعلى وهي2. فتيقظوا -إخواني- لعرض المشتهيات على النفوس، واستوثقوا من لجم الخيل، وانتبهوا للغيم، إذا تراكم بالصعود إلى تلعة3، فربما مد الوادي فراح بالركب4.
...-............
1 هيض: كسر. 2 الوهي: الضعف. 3 التلعة: من الأضداد: ما ارتفع من الأرض، وما انخفض منها. 4 أي: جاء سيل فأهلك القافلة.