الفصل السادس
بعد ساعات من التفكير العميق اتحذ احمد قراره , وفي مساء اليوم التالي كان احمد قد وصل مطار اربيل , اكمل احمد اجراءات الدخول واستاجر سيارة الى احد فنادق المدينة.
في الفندق استراح من عناء السفر ثم تناول وجبة عشاء خفيفة , كانت الساعة تشير الى التاسعة ليلاً عندما اتصل احمد بالرقم الذي اُرسل اليه في الظرف الابيض :
الو سيد روكان !
من معي
ناصر .
اهلا بك سيد ناصر في اربيل. اين انت الان ؟
انا في فندق "الجبل".
سارسل لك سيارة لتقلك الي . مع السلامة.
كان الصوت حادا ومميزاً و آثر التكلم باختصار.
بعد عشر دقائق تلقى احمد اتصالا من ادارة الفندق تعلمه بوجود شخص ينتظره في الاسفل.
نزل احمد من غرفته الى بهو الفندق فوجد شخصاً في بزة انيقة ينتظره, سلم على احمد و طلب منه مرافقته. كان هذا الرجل سائق لدى المدعو "روكان". انطلقت السيارة الحديثة تنهب الطريق , كان احمد يشاهد مدينة اربيل لاول مرة وكانت جميلة وهادئة بالنسبة لمدينة في العراق يسمع ويشاهد في الاخبار ما يحدث فيه من حرب وقتل و دمار.
وصلت السيارة الى ضواحي المدينة , حيث لاح الى ناظريه قصر كبير التمع بالاضواء , يحيطه سور حديدي يكشف محتواه . توقفت السيارة عند المدخل فاقترب احد الحراس الشباب منها , كان طويلا وضخما فتح الباب وطلب بادب من احمد النزول من السيارة , اخرج الشاب من تحت سترته جهازاً لكشف المعادن وقام بتفتيش احمد بحثا عن سلاح ثم طلب منه مرافقته , قاده الحارس عبر ممرات مرصوفة بالحجر الاحمر , عبر حديقة مزهرة بالورد و مضاءة بشكل انيق.
في وسط الحديقة كانت هناك مساحة دائرية مرصوفة بحجر اصفر توسطتها طاولة من المرمر و توزعت حولها خمسة مقاعد معدنية جميلة.
على احداها جلس رجل اشيب الشعر في حلة زاهية من الملابس الكردية المحلية. كان رجلاً قد تجاوز الستين حاد القسمات , عندما رآى احمد قام من كرسيه ورحب به وطلب منه الجلوس قربه ثم طلب من الحارس الذهاب.
- لقد اتصل بي "ابو عامر" وطلب مني ان اساعدك في مهمتك.
- استميحك عذرا , ولكنني لم التق بابو عامر منذ فترة واود ان اعرف منك كيف تعرفه ؟
- انا كنت ضابطا سابقا في المخابرات العراقية قبل الاحتلال الامريكي وكنا في تلك الفترة نتعاون مع "ابو عامر" في اعمال استخبارية مشتركة لذلك لذلك فنحن لدينا علاقة عمل قديمة , وعندما اتصل به طلب مني المساعدة في نجدة شخص يتواجد الان في سامراء في العراق. ولكني في الحقيقة اعتذرت منه لان المنطقة خطرة جدا ولن يقبل احد من رجالي المخاطرة بحياته للذهاب الى تلك المنطقة. لذلك اتصل بي مرة ثانية واخبرني انه سيرسل احد اصدقائه ليقوم بالمهمة وطلب مني توفير المساعدة و التسهيلات له.
- سيد "روكان" وما المهمة المطلوبة مني بالتحديد !
- هناك عالم عراقي يعيش في سامراء , و مهمتك بالتحديد الذهاب اليه واخراجه بسلام من هناك وايصاله الى كردستان وبعد ذلك مرافقته الى الجزائر حيث ستلتقون هناك ب"ابو عامر".
كان سماع ان "ابو عامر" متواجد الان في الجزائر يشكل معلومة جديدة كما ان خبر اللقاء به كان خبرا سعيدا جدد الآمال لاحمد ولكن تفاصيل العملية ما زالت غير واضحة لاحمد.
- هل استطيع ان اعرف تفاصيل اكثر عن المهمة وعن الوضع هناك ؟
- حسنا , من واجبي ان اوضح لك الحقيقة كاملة فاني ارى انك يجب ان تعرفها بدقائقها وان تقرر على ضوء ذلك القيام بها ام لا ... تقع سامراء في محافظة صلاح الدين ومعظمها الان تحت سيطرة داعش بينما سامراء بيد قوات الحكومة والمليشيات التابعة لايران. و المنطقة باكملها منطقة قتال مستمر ليلا ونهارا لذلك الذهاب الى تلك المنطقة هو كالذهاب الى الموت ..
نظر كمال الى وجه "احمد" ليرى ردود افعاله وتأثير كلماته الاخيرة على وجهه , لكن وجه احمد لم يظهر ردود الافعال المتوقعة ولكن احمد سأل بهدوء وبرود :
- اليس هناك طريق اخر للوصول اليها ؟
- هناك طريق من بغداد ولكن الشخص ذاك يخشى على حياته , ولا يود الذهاب الى بغداد ويريد الخروج عبر اربيل.
- وهل هناك خطة للوصول اليه.
- هناك خطة لايصالك اليه , سازودك بهوية شخصية كردية تظهر انك كردي الجنسية ثم ستشتري سيارة صغيرة و ساجعل احد اصحابي يوصلك الى صلاح الدين الى ابعد مسافة يمكن الوصول اليها بأمان , عندها سيكون عليك اكمال الرحلة بنفسك... سنزودك بجهاز محمول يحوي نظام التموضع العالمي GPS سيقوم بارشادك باتجاه سامراء , في حال تم اعتراضك من افراد "داعش" ستخبرهم انك من طرف "شيخ سامان الكردي" وعليك ان تقنعهم بذلك لكي يسمحوا لك بالمرور ويرشدوك الى طريق آمن الى سامراء واخبرهم ان عندك اخ يشكو من مرض خطير وانك بحاجة ماسة لايصاله الى اربيل للعلاج , في حال عبرت منطقة داعش ستتجه الى سامراء ولا بد انه ستقابلك قوات حكومية وميليشيات شيعية على الغالب سيعتقدون انك داعشي و سيكون عليك محاولة اقناعهم بنفس قصة أخيك المزعوم , و ستظهر لهم بطاقة هوية مختلفة باسم شيعي ليسمحوا لك بدخول سامراء. اذا فشلت في اقناعهم بقصتك فستكون في خطر ... حاول ان تتكلم اللهجة العراقية ... اذا شكوا في انك اجنبي ايضا ستكون في خطر ...
صمتً قليلا "روكان" مرة اخرى وبصره مركز على وجه احمد وقال :
بعد ما سمعت كل هذا هل ما زلت مصرا على تنفيذ المهمة ؟
صمت احمد للحظات , عندما قرر احمد المجيء الى العراق رغم الشكوك التي ساورته كان قد عزم على الذهاب رغم المخاطر ليعود الى سابق وظيفته وعمله لذلك كان قد تجاوز موضع التفكير في الاخطار.
نعم ما زلت.
في حال دخلت سامراء اتجه مباشرة الى الشخص المطلوب واجلبه بدون ادنى تأخير. هذا ظرف فيه بطاقات الهوية ...
فتح احمد الظرف واستخرج بطاقات الهوية , كانت الهوية البطاقات كالجواز تحمل صورته الشخصية الحقيقية.
عند الفجر سارسل لك "كمال" ليزودك بباقي المعلومات و ليسهل عليك المهمة.
شكر احمد "روكان" وودعه و عاد بنفس السيارة التي جاءت به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق