السبت، 20 يونيو 2015

قصة الموت بين بغداد والقاهرة ...... ٥

الفصل الخامس

ذهب احمد الى المطعم واختار طاولة في طرفه ليسهل عليه مراقبة المكان في انتظار خالد. كان المطعم مليء بالزبائن المحليين و تصعب ملاحظة اي شخصية غريبة في المكان. اقترب احد مضيفي المطعم من احمد وسلم عليه ثم ترك له قائمة الط
عام على الطاولة. استطاع احمد بخبرته اكتشاف ان مضيفه لم يكن مضيفا عاديا.
سحب احمد قائمة الطعام ولاحظ انها كانت ثقيلة وممتلئة , فتح القائمة فوجد في داخلها ضرفاً ابيضاً كتب عليه اسم "ناصر". اخذ احمد الظرف ووضعه في جيبه وقلّب في القائمة , اختفى مضيفه وجاء آخر ليستلم الطلب , طلب احمد وجبة خفيفة ليتناولها لكي تجري الامور بصورة طبيعية. كان احمد يعلم ان المدعو خالد لن يظهر تلك الليلة مرةً ثانية.
كان ذهنه مشغولا باحداث ذلك اليوم المتسارعة. تحسر احمد على الزمن الماضي , فقبل شهور عندما كان في القوة كان عدد الذين يعرفون هويته السرية لا يزيدون عن عدد الاصابع حتى اقرب المقربين كانوا لا يعرفون حقيقته , و عند سفره في مهمة كانت تُتخذ جميع الاحترازات الامنية لحمايته و للمحافظة على سرية هويته. اما اليوم فقد باتت جميع هذه الاجراءات في مهب الريح فابو عامر يتصل به مباشرة على هاتفه المحمول ثم يلتقي بشخص مجهول يتعرف عليه ولا يعرفه , وفوق كل ذلك هو لا يعلم ما هو المطلوب منه.
كان احمد يدرك ان الامر مثير للريبة ولكنه عندما لجأ لليمن فكر في البقاء آمنا فيه لحين توفر فرصة للعودة للبلد او العودة للعمل مع الجهاز حتى ولو خارج الوطن , لذلك كان هم احمد منصبا في ان هذه المهمة قد تكون تلك الفرصة المنتظرة وربما الفرصة الاخيرة لذلك حاول التمسك بها رغم الشكوك التي في داخله تجاهها.
عاد احمد الى بيته وكانت المفاجأة حين فتح الظرف فوجد جوازاً ونقوداً وتذكرة طائرة , وقصاصة صغيرة. امسك احمد بالقصاصة كان مكتوبا فيها : اربيل , "روكان" وتحت اسم روكان دُوّن رقم هاتف محمول , اما التذكرة فقد كانت رحلة ذهاب وإياب الى اربيل في العراق و تاريخها يشير الى تاريخ اليوم التالي والساعة الى الثانية ظهراً.
كان الجواز يمنياً , فتحه احمد و كانت المفاجأة الأخرى فقد وجد فيه صورته الشخصية الحقيقية الرسمية , المستعملة في ارشيف القوة و كان الجواز يحمل اسم "ناصر سالم". ازدادت شكوك احمد ومخاوفه الامنية فهذا الجواز يحمل صورته الشخصية على خلاف الحال في جميع الجوازات التي كان يحملها في مهماته فقد كان يجري عليها تحوير الكتروني تناسب تنكره والهوية التي يتقمصها.
ادرك احمد ان ما جرى في بلده من حل للقوة ومحاسبة افرادها قد رفع غطاء السرية عنها وكشف جميع اسرارها.
لم يستطع احمد النوم في تلك الليلة فقد اثر توالي مفاجآت ذلك اليوم على طمأنينة نفسه ولم يستطع الوقوف على حقيقة الامر المقبل عليه , كان امام خيارين عليه ان يقرر تنفيذ احدهما : اما الذهاب في تلك الرحلة الى المجهول ومواجهة جميع المخاوف والمخاطر المتوقعة , والخيار الثاني التخلي عن هذه المهمة ومحاولة تغيير هويته من جديد والهرب الى مكان اخر للحفاظ على حياته وبالتالي ربما التخلي عن آخر فرصة له لاستعادة مهنته التي احبها وتدرب عليها وبذل الكثير من اجلها.

ليست هناك تعليقات: