الجمعة، 19 يونيو 2015

قصة الموت بين بغداد و القاهرة ........ ٤

الفصل الرابع

كان "احمد" منذ شهور عدة قد استقر في اليمن بعد ان لجأ اليها بعد الغاء "القوة الضاربة" وقرار كابتن "سليم" بعدم العودة الى الوطن. استطاع احمد بمساعدة "سيف" ان يستقر في اليمن وان يستأجر له سكن لائق ويشتري سيارة أجرة للعمل عليها. بعد ذلك ووفقا لمتطلبات الامن قرر الاثنان قطع جميع الاتصالات بينهما.
كانت الايام الاولى في اليمن صعبة لاحمد بسبب التحول المفاجىء والغريب في حياته , فبين ليلة وضحاها تحول الى لاجأ وهارب و اضطر الى ترك عمله السري الاستخباري والتحول الى العمل كسائق أجرة لكسب عيشه. لكن مع الايام استطاع احمد ان يتكيف للعيش في اليمن ولكن شوقه و حنينه لبلده ولأهله كان يزداد يوما بعد يوم.
قبل خمسة ايام كان احمد يقود سيارته عندما رن هاتفه و كان الرقم المتصل غريبا , ليس رقما محلياً و لا يحمل مفتاحا دوليا .
تفاجأ احمد فهذه المرة الاولى التي يتلقى فيها اتصالا بهذا الشكل منذ وصوله الى اليمن وساوره شعور كان يراوده ايام عمله السري.
اوقف السيارة الى جانب الطريق وفتح الاتصال.
- السلام عليكم.
- السلام عليكم , كيف حالك أخي "ناصر". ؟.
كان الصوت الآتي من الهاتف مميزا ومعروفا ل"أحمد" كما إن اسم "ناصر" هو احد الاسماء المستعملة في شفرات التعارف المستعملة سابقا في القوة .. لذلك قرر "احمد" مجاراة الاتصال المجهول بانتظار استكشاف المزيد من المفاجآت.
-  بخير, من معي ؟
-  الم تعرفني ؟ , انا "سلمان ابو فهد".
-  اهلا وسهلا بك , اعذرني لاني لم اميز صوتك , كيف الاحوال ؟
-  بأفضل حال , كيف حال اخوك "كريم" ؟ كيف هي صحته ؟
-  اجرينا له عملية في "الامارات" وصارت صحته أفضل.
-  و "جابر" ما هي أخباره ؟
-  جابر ما زال يدرس في كلية "الهندسة" , انت كيف حالك و حال اولادك ؟
-  يقبلون يديك , جميعهم بخير , أخي العزيز , لدي صديق بحاجة الى مساعدتك سارسل لك رقمه , ارجو ان تتصل به و تقدم له المساعدة ؟
-  ان شاء الله سافعل ما في وسعي ؟
-  أشكرك كثيرا , ارجو ان اراكم بخير .. مع السلامة .
-  مع السلامة.
انقطع الاتصال مع آخر جملة ذكرها المتصل , ولم يعد ل"احمد" شك في إن المتصل كان "ابو عامر" الرئيس السابق لجهاز "القوة الضاربة" , كان صوته مميزا ويستطيع "احمد" تمييزه بسهولة . كانت شيفرة التعارف التي استعملها "ابو عامر" هي من الشيفرات القليلة المتداولة في القوة والتي تستعمل عند استعمال شبكات الاتصال المحلية و العالمية والاجهزة غير المؤمنة , كانت هذه الشيفرة تتضمن ذكر عدد من الاسماء المحددة بترتيب خاص , فتم ذكر اسماء "ناصر" و "كريم" و "جابر" وفق الشيفرة الخاصة و رد احمد بذكر اسماء "الامارات" و "الهندسة" وفق ترتيب الاسماء المذكورة , طبقا لهذه الشيفرة تم التعارف بين "ابو عامر" و "احمد" وتم تبادل الثقة بين طرفي المحادثة.
كانت هناك اسئلة كثيرة تدور في ذهن احمد :
-  كيف استطاع ابو عامر معرفة رقم هاتفه ؟
-  ولماذا استعمل الشيفرة للتعرف عليه ؟
-  و هل عادت القوة للعمل ؟ 
-  و هل هناك مهمة تنتظره ؟
أدرك "احمد" عند اتصاله الهاتفي باهله قبل اسابيع والذي كان هو الاول منذ وصوله الى اليمن أنه خرق اجراءا امنيا سيشكل خطرا جسيما عليه. ادرك ان ذلك الاتصال هو السبب في كشف مكانه ورقمه فرغم علمه ان الاتصال بالأهل في الوطن سيكون خطرا وسيسمح بتحديد مكانه بسهولة ولكن شوقه لاهله لم يمنعه من المخاطرة خصوصا ان القوة تم حلها وانه لم يعد لا هو و لا القوة يشكلان خطرا على احد كما كان يعتقد.
لكن كيف استطاع ابو عامر معرفة رقم الهاتف , عن طريق اهله ام عن طريق متابعة ورصد الاتصالات الواصلة اليهم.

ولو كانت القوة قد عادت للعمل لما اتصل ابو عامر بنفسه ولكان استخدم رقما او جهازا آمنا للاتصال به ولكن لماذا استعمل صوته المجرد بدون تحوير !! خلافا لاجراءات الامان , ربما لأتعرف عليه وأثق في مصدر الاتصال.
في اثناء انشغاله بالتفكير رن هاتفه منبها لوصول رسالة.
فتح الرسالة , حوت الرسالة اسم ورقم هاتف محلي ووفقا للشيفرة التي كان قد تدرب عليها و باجراء بحسابات معينة استخرج الرقم الحقيقي المفترض ان يقوم بالاتصال به وكذلك كان الامر بخصوص الاسم الوارد في محتوى الرسالة.
رغم شكوك احمد الكثيرة الا ان رغبته في العودة الى الوطن و الى عمله وترك هذه الحياة الرتيبة و المملة دفعته الى ترك هذه الشكوك جانبا وتجاوز ما تعلمه من احترازات الامن والسلامة.
اتصل احمد بالرقم وتكلم مع صاحب الرقم الذي حمل اسم "خالد" , كانت المكالمة عادية وتم التعرف بين الاثنان باسمي "خالد" و "ناصر" حيث طلب خالد من احمد اللقاء في احد مطاعم العاصمة في مساء ذلك اليوم. واستمر "احمد" بقية اليوم مزاولاً عمله كسائق أجرة .
اعاد احمد التفكير في الاتصال الهاتفي والأمر برمته مرات عدة و كان من الاحتمالات المطروحة في ذهنه وجود خدعة او مكيدة في الامر , فكر احمد في احتمالات ذلك وما هي الترتيبات التي عليه اتخاذها ليضع نفسه في موقف آمن.
في الموعد المحدد ذهب احمد للقاء "خالد" , كان احمد يجهل شكله وجنسيته وان كان تكلم في الهاتف بلهجة يمنية صرفة , و كان احمد منزعجا من طريقة اللقاء فهو سيقابل شخصا مجهولاُ بينما سيكون مكشوفا ومعروفا للمقابل الذي يجهل كل شيء عنه.

ليست هناك تعليقات: