قال
عبدُ الرحمنِ بن عوفٍ : إني لَفي الصفِّ يومَ بدرٍ إذ التَفتُّ فإذا عن يميني و عن
يساري فَتَيانِ حَدِيثا السنِّ . فكأني لم آمَنْ بمكانهما [ فأشفقتُ أن يؤتى الناس
من ناحيتي لكوني بين غلامين حديثين ] ، إذ قال لي أحدُهما سِراً من صاحبهِ : يا
عَمِّ أرني أبا جهل . فقلت : يا ابنَ أخي و ما تَصنَعُ به ؟ قال : عاهدتُ الله أن
رأيته أن أقتُلَه أو أموتَ دُونَه . فقال لي الآخرُ سِرّاً من صاحبهِ مِثلَه . قال
: فما سرَّني أني بين رجلَين مكانَهما ، فأشرتُ لهما إليه، فشّدا عليه مثلَ
الصقرَين حتى ضربَاه ،وهما ابنا عَفراء [ معاذ ومعوذ رضيَّ اللهُ عنهما ]. [1]
عن
أنسٍ رضيَّ اللهُ عنه قال : قال النبيُّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم (( مَن يَنظرُ ما
صَنَع أبو جهل )) ؟ فانطَلَقَ ابنُ مسعود فوجَدَهُ قد ضرَبهُ أبنا عَفراء [ معاذ و
معوذ ] حتى بَرَد [ قارب على الموت ] ، قال : أ أنت أبو جهل ؟ قال فاخذَ بلحيتهِ
قال : و هل فوقَ رجلٍ قَتَلتموه ؟ أو رجُلٍ قتلَه قَومه .[2]
عن
أبي طلحةَ أنَّ نبيَّ اللهِ صلى اللهُ عليهِ و سلّم أمرَ يومَ بدرٍ بأربعةٍ و
عشرين رجلاً من صِناديدِ [ الصنديد : الشجاع ] قريشٍ فقُذِفوا في طَوِىٍّ من
أطواءِ [ جمع طوى : البئر المبني بالحجارة لكي تثبت ولا ينهار ] بَدرٍ خَبيثٍ
مُخْبِث . و كان إذا ظَهرَ على قومٍ أقامَ بالعَرْصةِ ثلاثَ ليالٍ . فلما كان
ببدرٍ اليومَ الثالثَ أمرَ براحِلتهِ فشُدَّ عليها رحلُها ، ثم مَشى و اتَّبَعهُ
أصحابهِ و قالوا : ما نرَى يَنطلِقُ إلاّ لبعضِ حاجته ، حتى قامَ عَلَى شَفةِ
الرَّكيّ [ البئر ] ، فجعلَ يُنادِيهم بأسمائهم و أسماء آبائهم (( يا فلانُ ابنَ
فلان ، و يا فلان ابنَ فلان ، أيسرُّكم أنكم أطعتُم اللهَ و رسوله ؟ فأنّا قد
وَجدْنا ما وعدَنا ربُّنا حقاً ، فهل وَجدْتم ما وَعدَ ربُّكم حقاً )). قال فقال
عُمر : يا رسولَ الله ، ما تُكلمُ من أجسادٍ لا أرواحَ لها ، فقال رسولُ اللهِ صلى
اللهُ عليهِ و سلّم (( و الذي نفسُ محمدٍ بيدِه ، ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم ))
.[3]
عن
البرَاءِ بن عازبٍ رضيَّ اللهُ عنه قال : كان النبيُّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم و
أصحابه أصابوا منَ المشركين يوم بدرٍ أربعين و مائةً : سبعين أسيراً ، وسبعين قتيلاً .[4]