الجمعة، 9 مايو 2014

من كلمات بهلول



قال محمد بن خالد الواسطي أنشدني بهلول يقول:
دع الحرص على الدنيا ... وفي العيش فلا تطمع
ولا تجمع من المال     ... فما تدري لمن تجمع
فإن الرزق مقسوم ..          وسوء الظن لا ينفع
فقير كل ذي حرص .       .. غني كل من يقنع

بهلول والرشيد


من نوادر بهلول


قال رجل لبهلول المجنون: قد أمر أمير المؤمنين لكل مجنون بدرهمين. فقال له بهلول

الحلقة الاخيرة من مغامرة بين أشجار الأرز



القبض على الرأس المدبر

الأربعاء، 7 مايو 2014

الحلقة الخامسة من مغامرة بين أشجار الأرز



 الهروب من الموت

فتح احمد الباب لينزل من السيارة و شرطي المرور يشير اليه , قبل ان ينزل احمد قدمه من السيارة احس بلمعة من الضياء الشديد تغمر عينيه وتحيطه من كل جانب وصدمة من الضغط والحرارة تدفعه الى الخلف , بصورة لا ارادية اغلق احمد عينيه و غطى احمد وجهه خوفا من الزجاج المتطاير.
كان الصوت آخر ما صدح اذنيه , ثواني مرت قبل ان يستجمع احمد رباطة جأشه ليفتح عينيه .
كانت هناك كتلة من اللهب تلتهم عدد من السيارات والمحال واشلاء محترقة منتشرة في كل مكان وانقاض مباني وهياكل سيارات متحطمة. ترجل احمد من السيارة ونظر حوله , كانت معظم السيارات في المكان قد تحطم زجاجها وهناك اشخاص مصابين قد سقطوا على الارض اما شرطي المرور فقد اختفى. سار احمد باتجاه الانفجار , كان متأكداً ان السيارة الزرقاء قد فُجرت عن بُعد بعد ان فشلت في تأدية الغرض الذي جهزت منه.
بعد ان شاهد احمد حجم الدمار الذي احدثه الانفجار عاد الى السيارة ونظر اليها , كان قد تحطم زجاجها و تحطمت مقدمتها من الانفجار , ادرك احمد انه قد نجا من الموت بإعجوبة .
حمل احمد حقيبته واغراضه وقرر الانسحاب من المكان قبل تنتشر القوات الامنية. وسط الفوضى انسحب احمد بهدوء بعيدا عن مكان الانفجار , قرر احمد الابتعاد ببطء , كان احمد يدرك ان منفذيّ التفجير فارس وعزيز الذي لا شك انه كان مسؤولاً عن التفجير قد ادركا ان الشخص الذي اعترض طريق موكب "الهدف" وأفشل عملية الاغتيال هو شخص مطلع على العملية ولديه معلومات عنها ولا بد انهما ورئيسهما سيحاولون البحث عنه.
في الطريق اخرج احمد هاتفه المحمول الذي استخدمه للتبليغ عن السيارة المفخخة واخرج منه بطاقة الهاتف واتلفها ثم اتلف الهاتف , كان احمد يخشى ان يتم تتبعه والقبض عليه للتحقيق معه بسبب الابلاغ عن السيارة المفخخة.
سار احمد على قدميه حاملا حقيبته اليدوية , كان هناك بعض الجروح الطفيفة في يده وفي وجهه , تجنب احمد المناطق المزدحمة ولجأ لاحد الافرع الجانبية الضيقة والهادئة وهناك تطلع حوله وتأكد من عدم وجود مراقب فخلع شعره المستعار و الملامح الصناعية من على وجهه ووضعها في الحقيبة ثم اخرج زجاجة منظف سريع رش منها على يديه ووجهه , ثم مسح وجهه بمنديل , رتب شعره ثم انطلق يسير وهو يحرص على ان لا يتبعه احد.
عندما مر أحمد على مطعم شعبي صغير طلب وجبة فطور سريعة , جلس في المطعم بانتظار الوجبة واخذ يشاهد شاشة التلفاز التي كانت تعرض أخبار لقناة محلية تنقل مشاهد الانفجار المروع وشريط الاخبار ينقل عاجلها :
انفجار كبير في شارع الشجرة ... الانفجار يوقع اكثر من 20 اصابة في حصيلة اولية ... فرق الاطفاء والدفاع المدني تسرع لمكان الحادث...
تناول احمد فطوره بسرعة ودخل الى المغاسل وغسل وجهه وحاول ازالة أثر الجروح او الانفجار عن جسمه وملابسه وتأكد من ان شكله مناسب ولا تبدوا عليه اثار الانفجار ثم انسحب بهدوء , كانت الساعة تشير الى العاشرة صباحا , استأجر احمد سيارة اجرة الى الفندق.
في الفندق استكمل احمد ترتيب خططه التي كان يفكر فيها في طريق الرجعة. وبدأ يوضب امتعته لمغادرة الفندق حيث ادرك ان بقائه فيه قد اصبح خطراً.
فجأة احس احمد بصوت مفتاح باب الشقة يدور , بسرعة حمل احمد حقيبته اليدوية التي جمع فيها جوازاته والاجهزة ووضعها على كتفه واسرع الى الصالة وبقفزات سريعة , وقف بالقرب من الباب , امسك احمد طاولة صغيرة كانت موجودة في الصالة وحملها بكلتا يديه , ثم أخذ ينظر الى الباب وينتظر. فُتحت الباب بقوة ورأى احمد مسدس كاتم تمسكه قبضتين تتقدم عبر الباب , انتظر احمد اللحظة المناسبة حين دخل صاحب المسدس بجسده عبر الباب.
في تلك اللحظة اطلق احمد مخزون الطاقة القصوى في ذراعيه , ضرب احمد المسلح بالمنضدة التي يحملها بكل قوته محطما المنضدة ومسقطا المسلح على الارض الذي فقد مسدسه. توسط جسد المسلح فتحة الباب وتوقع احمد وجود مسلح آخر.
بقي احمد ممسكا بجزء من الطاولة المتحطمة واتجه ليقفز من فوق جسد المسلح الى خارج الشقة , في تلك اللحظة شاهد مسلحاً ثانياً موجها مسدسه الكاتم باتجاه وجهه , غطى احمد وجهه بقطعة المنضدة الخشبية و اندفع باتجاه المسلح الثاني مطلقا بصورة عفوية صرخة جندي من القوات الخاصة لارعاب العدو.
في حركته السريعة سمع صوت الاطلاقات المكتومة تنطلق , لكن جسده المندفع استمر باتجاه المسلح الذي تراجع ليرتطم ظهره بحائط الممر وفي حركة يسارية سريعة وجه احمد ضربة الى صدر المسلح فرغ فيها طاقة ذراعه اليسرى. ثم انطلق احمد هاربا باقصى سرعة , اتجه الى السلالم واخذ ينزلها قافزا متجاوزا الدرجات , كانت تفكيره الان مقصورا على الفرار من اعدائه باقصى سرعة. اثناء تلك الحركات السريعة احس احمد بألم في صدره من جهة  قلبه , تحسس صدره كان قميصه مخروقا باطلاقتين استقرتا في درعه الواقي الذي يرتديه , ولكن بسبب قرب المسدس الذي اطلقها من صدره فانهما كانتا تنخزان صدره وتؤلمه , لم يحس احمد في اللحظات الاولى بهذه الاطلاقات بسبب تركيزه على الافلات من الموت ولكنه مع مرور الوقت بدأ يتحسسهما.
وصل احمد سريعا الى الطابق الارضي. مشى بهدوء واسرع الى الخارج , سار مبتعدا عن الفندق واختفى في أحد الشوارع الفرعية ثم استقل اول سيارة اجرة صادفها.
ادرك احمد ان عملاء فواز استطاعوا بطريقة متطورة من تتبعه وانهم ربما استطاعوا كشف جهاز التجسس في ساعة اليد التي ارسلها الى فواز ومن ثم وبطريقة ما استطاعوا تتبع جهاز الاستلام الموجود في هاتفه المحمول او انهم ربما استعملوا نظاما من التصوير بالاقمار الفضائية مكنتهم من تتبعه اثناء انسحابه من موقع الانفجار وذهابه الى الفندق.
في سيارة الاجرة اخرج احمد محموله المميز وضغط عدة مفاتيح سوية ولعدة ثواني وذلك لتدمير بطاقة الاتصال الموجودة فيه وايقاف جميع العمليات الالكترونية التي قد تستغل لتتبعه , ثم اغلق الجهاز.
ترك احمد سيارة الاجرة في منطقة شعبية و اشترى قميص جديدا وهاتفا محمولا صغيرا مع بطاقة تعريف جديدة.
عن طريق الجوال الجديد اتصل بحسن:
-         كيف الاحوال ؟
-         بخير وانت ؟
-         اشكو من بعض الحساسية.
-         هل تناولت دواء ؟  
-         كلا.
-         هل تحتاج ان اجلب لك دواء ما ؟
-         نعم , احتاج الى مجموعة.
-         اين التقيك ؟
-         في مطعم التفاحة.
-         ساتيك في الرابعة.
-         حسنا ,  سانتظرك هناك.
-         مع السلامة.
كانت هذه الرسالة مشفرة متفق عليها بطريقة مسبقة.
لذلك فقد التقيا بعد ساعة في مول قريب.
كان احمد قبل وصول حسن قد ارتدى قميصه الجديد في مغاسل المول , وجلس في مقهى صغير يستطيع ان يراقب فيه بصورة جيدة ما حوله و يستطيع بسهولة ان يميز اي شخص مريب قد يقترب منه. كتب ما يحتاجه من حسن في ورقة صغيرة بطريقة الرموز.
في الوقت المحدد انفتح باب المصعد وظهر حسن خارجا من المصعد , ذهب حسن الى طرف ثاني في الطابق حيث جلس في مطعم و تناول وجبة سريعة فيما سمح ذلك لاحمد لمراقبته ومعرفة انه غير متبوع.
ثم تحرك احمد الى المصعد وتحرك بعده حسن ودخل معهم عدد من الشباب , ما ان اغلق المصعد بابه حتى سلم احمد ورقته خلسةً لحسن.
وما ان فتح المصعد حتى تفرق الاثنان.
في عصر ذلك اليوم وفي عاصمة اخرى اجتمع الرئيس مع لواء هاني المشرف عن القوة الضاربة في اجتماع ثنائي وسري:
-         لواء هاني , ماذا حدث في بيروت اليوم ؟
-         سيدي , في حوالي الساعة الثامنة من صباح اليوم بتوقيت بيروت , حاولت شبكة جاسوسية لدولة معادية اغتيال الوزير سليم سمحان المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة , وقد استطاع رقم 40 افشال العملية بمنع موكب الوزير من المرور في الشارع الذي تم وضع المتفجرات فيه , لكن منفذوا العملية قاموا بتفجير المتفجرات بعد علمهم بان العملية فشلت.
-          ما كان هدفهم من الاغتيال ؟
-         سيدي الرئيس , كما تعلم الوضع متأزم في بيروت , ولو نجحت عملية الاغتيال فانها كانت ستشعل حربا اهلية لو قدر الله. ونحن كانت لدينا معلومات مسبقة عن وجود مخطط لتنفيذ جريمة نوعية في بيروت لذلك نحن منذ مدة نتابع هذه التحركات و قد وجدنا ادلة على رئيس الشبكة التي حاولت تنفيذ العملية.
-         عمل جيد لواء هاني ... لا تعطوا فرصة للجواسيس من تدمير بلداننا ... امسكوهم بالادلة واقضوا على شرورهم.

الثلاثاء، 6 مايو 2014

الحلقة الرابعة من مغامرة بين أشجار الأرز



المطاردة

في مساء اليوم الخامس وقد اسدل الليل سدوله واحمد في فندقه يستمع الى التسجيلات جلب انتباهه جملة لافتة للاهتمام فقد حدثت على غير المعتاد في وقت متأخر من الليل , كان صوت فواز.
-         - سامي ... جهز لي السيارة.
ثم توقف التسجيل , كان جهاز التنصت يسجل الكلام البشري فقط , لذلك توقف ثم بدأ يعرض المحادثة التالية :
-        -  وصلنا سيدي.
...
-         - فارس ... هل اتممت كل شيء ؟
-         - نعم.
-         - كم الحمولة ؟
-         250.
-        -  متى ستتحرك ؟
-         - في الخامسة.
-         - اين ستتوقف ؟
-        -  هنا ...
-         - عزيز ... متى ستكون هناك ؟
-         - في السابعة.
-         - هل كل شيء وفق التعليمات ؟
-         - نعم.
-         - سيتم التأكيد وفق القاعدة المعتادة.
-        -  نعم.
...
بعدها سمع احمد تسجيلات تبين عودة فواز الى منزله. 
كان هذا التسجيل يؤشر على وجود تخطيط لامر ما ولكن لا يبين فحوى العملية فهناك حمولة وهناك مكان وهناك توقيتات ولكن ماهي حقيقة الامر هل هو تسليم لشحنة ام هي عملية تفجير او اغتيال لكن في كل الاحوال فان هذا التسجيل دليل على تورط فواز في اعمال مشبوهة . قام احمد باعادة توجيه التسجيل وارسله مشفرا الى القيادة.
ثم فتح برنامج الخرائط واظهر تحركات فواز في تلك الليلة كان هناك تحرك لفواز من بيته باتجاه الشرق من بيته وبمسافة تقرب من 7 كيلومترات حيث توقفت الاشارة ثم عاد الى نفس المكان. كان على احمد ان يعمل بسرعة للتوثق من الامر.
ارسل احمد رسالة مشفرة الى حسن يطلب منه احضار سيارة خاصة له قبل الرابعة فجرا و موافاته الى المقر الآمن. غيرَ احمد ملابسه و خرج من الفندق متوجها الى المقر الآمن.
عند وصوله  الى المقر كان حسن ينتظره فاستفهم منه الامر فشرح له بصورة سريعة الامر وطلب منه الاستعداد لاي طارىء. من احد الدواليب السرية اخرج احمد عدة التنكر وبدأ بالتنكر فلبس شعرا مستعارا اصفر واضاف الى وجهه بعض الملامح المصطنعة ثم غير ملابسه الخارجية بعد ان ارتدى تحت قميصه درعا واقيا.
تجهز احمد للخروج فاخذ هوية تعريفية محلية وبإسم مستعار وهاتفا جديدا ببطاقة مسجلة باسم صاحب الهوية المستعارة. بعد ان اكمل احمد تحضيراته اخذ عدة اغراض للتجسس واخذ من حسن مفتاح السيارة التي جهزها له و نزل من الشقة ليسير عشرات الامتار الى المكان الذي اوقف فيها حسن السيارة ليستقلها وينطلق.
كان احمد مستعجلا لان التسجيل يشير الى ان الحمولة ستتحرك في الخامسة ومن المؤكد انها الخامسة فجرا وهي ستحين بعد اقل من ساعة لذلك قرر احمد الذهاب الى المكان الذي ذهب اليه فواز واستطلاعه. انطلق احمد بسرعة عادية لكي لا تلفت الانظار. اتجه بها احمد الى خارج المدينة باتجاه الضواحي .كان الليل دامسا والقمر محاقا وكانت الاشجار تحيط بالطريق من الجانبين واشجار الارز منتصبة تلوح من بعيد .
فتح احمد جهاز دليل الخرائط الموجود على محموله واخذ يتتبع مسار الحركة الذي تحركه فواز وصولا الى موقع اللقاء المشبوه كانت السيارة تقترب والسماء تخترطها خيوط من ضياء الصباح , كان الطريق يخترق الغابات الخضراء ذات الاشجار العالية.
عندما اقترب احمد من الموقع لاح مع ضياء الصباح اسوار مبنية من الحجر , في الموقع المحدد مرت السيارة قرب بوابة حديدية صغيرة , بنظرة خاطفة من طرف عينيه استطاع احمد ان يلتقط صورة دقيقة للبوابة وما حولها. استطاع ان يلمح بوابة حديدة عالية بعرض ثلاث امتار لا تسمح برؤية ما خلفها مع كاميرة مراقبة فوقها لمراقبة مدخل البوابة و جانب الطريق.
واصل احمد سيره بدون توقف حتى تجاوز المكان بحوالي نصف كيلومتر ثم توقف. فتح حقيبته الجلدية واخرج علبة صغيرة اشبه بقطعة نقدية سميكة قليلا. شغل احمد السيارة وانطلق عائدا بالاتجاه المعاكس وبسرعة اكبر , امسك احمد بالعلبة الصغيرة وقبل وصوله الى البوابة بمسافة محسوبة رمى احمد العلبة في وسط المدخل وبسبب سيارة السرعة اندفعت العلبة الى المكان المطلوب واعاد يده التي رمى بها الى المقود وقاد السيارة الى احد الشوارع الفرعية وسط الاشجار واوقف سيارته هناك وأطفأ انوار السيارة .
كانت الساعة تقترب من الخامسة موعد انطلاق الشخص المدعو فارس. كانت العلبة التي رماها احمد عبارة عن جهاز تتبع صغير بامكانه بتقنية مغناطيسية الانجذاب الى اي سيارة تمر قربه او فوقه. كان الاحتمال الكبير في إن فارس سيستعمل سيارة لنقل الحمولة وانه سيتجه بها الى العاصمة.
كان المكان الذي توقف فيه احمد يبعد مئات الامتار فقط . وكان جهاز التعقب متوقف حيث رماه , كان احمد يأمل ان لا يكون الجهاز قد تم رؤيته بواسطة كاميرات المراقبة بفضل صغر حجمه وقلة الضوء في السماء.
كانت الساعة تقترب من الخامسة والجهاز ما زال مستمرا في عمله وسيتبين احمد مدى جدواه في خلال ثواني قليلة.
لحظات وبدأت إشارة جهاز التعقب بالتحرك , نجح الامر, كان احمد قد وضع كاميرة دقيقة للتصوير خلف الزجاجة الخلفية لتصور للوراء .
كانت الاشارة تتحرك عبر الطريق الرئيسي وتقترب من الطريق الفرعي الذي توقف فيه , في المرآة الجانبية استطاع احمد رؤية سيارة زرقاء نوع صالون تمر يقودها شخص لم يستطع احمد تبين ملامحه بسبب سرعة السيارة و قلة ضياء الصباح.
سحب احمد الكاميرة بسرعة من الخلف واوقف التسجيل واعاد الفيلم من البداية الى لحظة مرور السيارة الزرقاء ثم اوقف الصورة وكبرها ليدقق في طراز السيارة ثم شكل السائق.
كان السائق حليق الرأس ذو انف معقوف وقد ارتدى نظارات كبيرة , إذن هذا هو "فارس" , كان هذا كل ما استطاع احمد ان يتبينه لكن ذلك كان كافي ليكون صورة عن المشتبه به.
بدأت السيارة المشبوهة تتحرك باتجاه الضاحية الشرقية للعاصمة , تحرك احمد بسيارته لكنه لم يكن بمقدوره مراقبته عن قرب لان هذه الطرق الريفية خالية في هذه الساعات الاولى من الصباح وسينكشف امره بكل سهولة.
كان جهاز التتبع يسمح لاحمد بتتبع السيارة من بعيد , كانت خارطة المدينة ظاهرة على جهاز الارشاد , وكان جهاز التتبع يؤشر مسار السيارة المشبوهة , قرر احمد ان يتبع السيارة عن طريق السير في الطرق الموازية والقريبة للطريق الذي يسير فيه فارس .
كان من الواضح ان فارس يسير في طرق متفرعة وكثيرة من اجل التأكد من عدم وجود متتبع له. كانت الساعة ما تزال قبل السادسة واحمد يتتبع السيارة عن بعد , كان احمد يدرك انه عند توقف سيارة فارس في مكان ما سيكون عليه الوصول الى ذلك المكان باقصى سرعة ليراقب ما سيفعله فارس.
استمرت المطاردة اكثر من ساعتين ناور فيها احمد بسيارته كثيرا , كانت الشمس قد ارتفعت والطرق قد ازدحمت بالسيارت وكان فارس قد بدأ يقترب من من وسط المدينة وبدأت سرعته تبطىء وادرك احمد إن السيارة ستتوقف قريبا.
فجأة توقفت سيارة فارس و كان الطريق الذي توقفت فيه طريق رئيسي يسمى طريق الشجرة ذو اتجاهين.
قاد احمد سيارته بسرعة الى اقرب شارع فرعي يطل على الطريق , دخل احمد الشارع واسرع الى نهايته وتوقف هناك , كان الشارع مكتضا بالسيارات والمارة , نظر احمد الى الاتجاه الذي توقفت فيه السيارة المشبوهة وقبل ان يلمحها , فجأةً التقت نظراته مع نظرات وجه مألوف كان يسير على الرصيف.
كان وجه فارس نظر احدهما الى الأخر في لمحة قصيرة حاول كل منهما ان يظهر تجاهله للآخر.
تضجر احمد من هذه المفاجأة الخطيرة غير المحسوبة فلا بد ان هذا الشخص قد حصل له شك وانه على الاكثر سيذكر ملامح وجهه رغم التنكر.
كان فارس تاركا سيارته خلفه ويسير مع اتجاه حركة السير فعبر الشارع الفرعي امام احمد الى الجهة الجهة الاخرى , استمر احمد في مراقبته , سار بضع امتار ثم اتجه فارس الى سيارة متوقفة على جانب الرصيف ففتح باب السيارة من جهة السائق وركبها ثم انطلق , في تلك اللحظة ادرك احمد ان مخاوفهم تتحقق واسرع ينظر الى الاتجاه المعاكس بحثا عن السيارة الصالون الزرقاء , لمحها متوقفة على جانب الرصيف .
فتح احمد هاتفه المحمول الذي زوده حسن بها وطلب رقم الشرطة , ترك احمد فارس يبتعد وبقي مراقبا السيارة فلا بد انها مفخخة وانها موضوعة لتحدث كارثة .
-     -     الو طوارىء الشرطة !
-     -     تفضل.
-     -    اود ان ابلغ عن سيارة صالون زرقاء تحمل متفجرات متوقفة في شارع الشجرة.
اغلق هاتفه بسرعة وهنا لمح على الجانب الثاني من الطريق وعلى مسافة خمسين مترا موكب من السيارات الرباعية الدفع تقترب ومن النوع المدرع , ادرك احمد ان الهدف يقترب من المصيدة , و بطبيعته المعهودة لاحمد عمل بسرعة وبدون تردد , خبأ جهازه المحمول للتتبع في حقيبة يده و
ضغط على دواسة الوقود وامسك عجلة القيادة بقوة وحرر المكابح وانطلق بالسيارة قاطعا الطريق بالعرض متجاوزا السيارات باتجاه الجانب الثاني من الطريق ومكنته سيارته العالية والسرعة من تجاوز الرصيف الوسطي. عبرت السيارة الى الجانب الثاني وبكبحة قوية جعل احمد السيارة تدور في مكانها لتسد الطريق صادما خلال هذه المناورة عدد من السيارات القادمة من ذلك الاتجاه.
كانت الحركة مفاجئة واسفرت عن حادث تصادم بين سيارة احمد التي انطلقت فيها اكياس السلامة وبين ثلاث سيارات كانت تسير في طريقها.
استعاد احمد تركيزه بعد هذه الحركة القوية وانفجار اكياس الامان في وجهه والصدمة التي تلقاها من السيارات الاخرى . فتح الباب وترجل من السيارة , وجد احمد السواق الاخرون قد ترجلوا وهم يحدقون في وجهه بحقد وجاء بعض المارة ليشاهدوا الحادث ويشاهدون هذا السائق المتهور.
ما ان ترجل نظر الى الامام باحثا عن الموكب الرسمي القادم , لاحظ ان الموكب توقف بسبب الازدحام الحاصل من قطعه للطريق بينما كان يسمع صيحات الناس:
-         هل انت مجنون ... انه ثمل ... اين الشرطة ...
حاول احمد ان يحد من انفعال الحاضرين وتكلم باللهجة المحلية :
-         انا آسف ... انها المكابح  ... انها معطلة.
وصل شرطي مرور قريب من مكان الحادث وطلب من احمد ان يسحب سيارته بسرعة من وسط الطريق وان يصفها على جنب وطلب ممن تضررت سياراتهم الطلب نفسه.
انقاد احمد لامر الشرطي ونظره مصوب الى موكب السيارات , شاهد احمد موكب السيارات يتراجع منسحبا ليغير طريقه , لقد نجح الأمر فالحراس المحترفون لن يوقفوا موكبا لمسؤول في طريق مسدود بواسطة حادث مفتعل وستساورهم الشكوك وسيضطرون الى تغيير مسارهم.
اوقف احمد سيارته الى جنب وهو يراقب في المرآة الخلفية موكب السيارات يعود الى الوراء.