لما دخل الرشيد الكوفة خرج الناس للنظر إليه، فناداه بهلول
ثلاثاً. فقال: من المجترىء علي في هذا الموضع ؟ قيل: بهلول المجنون. فرفع السجافة
وقال: بهلول ؟ قال: لبيك يا أمير المؤمنين، روينا عن أيمن بن نائل قال: حدثنا
قدامة عن ابن عبد الله العامري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة
العقبة لا ضرب ولا طرد ولا قيل بين يديه إليك إليك؛ وتواضعك في سفرك هذا خير لك من
تجبرك وتكبرك. قال: فبكى الرشيد حتى جرت دموعه على الأرض، وقال: أحسنت يا بهلول،
زدنا يرحمك الله.
قال: وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل آتاه الله مالاً وجمالاً
وسلطاناً فأنفق في ماله وعف في جماله وعدل في سلطانه كتب في خالص ديوان الله من
الأبرار. قال: أحسنت يا بهلول، وأمر له بجائزة سنية، فقال: يا أمير المؤمنين؛ ردها
على من أخذتها منه؛ فلا حاجة لي بها. فقال: يا بهلول؛ إن كان عليك دين قضيناه.
قال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء أهل الرأي بالكوفة أجمعوا على أن قضاء الدين بالدين
لا يجوز. قال: فنجري عليك ما يكفيك؛ فرفع رأسه إلى السماء وقال: يا أمير المؤمنين؛
أنا وأنت في عيال الله، ومحال أن يذكرك وينساني؛ فأرسل الرشيد السجف وسار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق