الخميس، 19 نوفمبر 2015

سفراء الإسلام والكلمة الشجاعة و الصادقة


سفراء الإسلام والكلمة الشجاعة و الصادقة
كان سعد (رضي الله عنه) قد بعث طائفة من اصحابه الى كسرى يدعونه الى الله قبل الوقعة فاستاذنوا على كسرى فاذن لهم وخرج اهل البلد ينظرون الى اشكالهم وارديتهم على عواتقهم وسياطهم بأيديهم والنعال في ارجلهم وخيولهم الضعيفة وخبطها الارض بارجلها وجعلوا يتعجبون منها غاية العجب كيف مثل هؤلاء يقهرون جيوشهم مع كثرة عددها وعددها ولما استاذنوا على الملك يزدجرد اذن لهم واجلسهم بين يديه وكان متكبرا قليل الادب ثم جعل يسالهم عن ملابسهم هذه ما اسمها عن الاردية والنعال والسياط ثم كلما قالوا شيئا من ذلك تفاءل فرد الله فاله على راسه ثم قال لهم ما الذي اقدمكم هذه البلاد اظننتم انا لما تشاغلنا بأنفسنا اجترأتم علينا فقال له النعمان بن مقرن ان الله رحمنا فأرسل الينا رسولا يدلنا على الخير ويامرنا به ويعرفنا الشر وينهانا عنه ووعدنا على اجابته خير الدنيا والآخرة فلم يدع الى ذلك قبيلة الا صاروا فرقتين فرقة تقاربه وفرقة تباعده ولا يدخل معه في دينه الا الخواص فمكث كذلك ما شاء الله ان يمكث ثم امر ان ينهد الى من خالفه من العرب ويبدا بهم ففعل فدخلوا معه جميعا على وجهين مكروه عليه فاغتبط وطائع اياه فازداد فعرفنا جميعا فضل ما جاء به على الذي كنا عليه من العداوة والضيق وامرنا ان نبدأ بمن يلينا لكم قوتا الى خصبكم واكرمنا وجوهكم وكسوناكم وملكنا عليكم ملكا يرفق بكم فاسكت القوم فقام المغيرة بن شعبة فقال ايها الملك ان الأشراف الأشراف ويعظم حقوق الأشراف الأشراف وليس كل ما ارسلوا له جمعوه لك هؤلاء رؤس العرب وجوههم وهم اشراف يستحيون من الأشراف وإنما يكرم ولا كل ما تكلمت به اجابوك عليه وقد احسنوا ولا يحسن بمثلهم الا ذلك فجاوبني فاكون انا الذي ابلغك ويشهدون على ذلك انك قد وصفتنا صفة لم تكن بها عالما فاما ما ذكرت من سوء الحال فما كان اسوا حالا منا واما جوعنا فلم يكن يشبه الجوع كنا ناكل الخنافس والجعلان والعقارب والحيات ونرى ذلك طعامنا واما المنازل فانما هى ظهر الارض ولا نلبس الا ما غزلنا من اوبار الابل واشعار الغنم ديننا ان يقتل بعضنا بعضا وان يبغى بعضنا على بعض وان كان احدنا ليدفن ابنته وهى حية كراهية ان تاكل من طعامه وكانت حالنا قبل اليوم على ما ذكرت لك وفي المعاد على ما ذكرت لك فبعث الله الينا رجلا معروفا نعرف نسبه ونعرف وجهه ومولده فارضه خير ارضنا وحسبه خير احسابنا وبيته خير بيوتنا وقبيلته خير قبائلنا وهو نفسه كان خيرنا في الحال التى كان فيها اصدقنا واحلمنا فدعانا الى امر فلم يجبه احد اول ترب كان له الخليفة من بعده فقال وقلنا وصدق وكذبنا وزاد ونقصنا فلم يقل شيئا الا كان فقذف الله في قلوبنا التصديق له واتباعه فصار فيما بيننا وبين رب العالمين فما قال لنا فهو قول الله وما امرنا فهو امر الله فقال لنا ان ربكم يقول انا الله وحدي لا شريك لي كنت اذ لم يكن شىء وكل شىء هالك الا وجهي وانا خلقت كل شىء والى يصير كل شىء وان رحمتي ادركتكم فبعثت اليكم هذا الرجل لادلكم على السبيل التى انجيكم بها بعد الموت من عذابي ولاحلكم داري دار السلام فنشهد عليه انه جاء بالحق من عند الحق وقال من تابعكم على هذا فله مالكم وعليه ما عليكم ومن ابى فاعرضوا عليه الجزية ثم امنعوه مما تمنعون منه انفسكم ومن ابى فقاتلوه فانا الحكم بينكم فمن قتل منكم ادخلته جنتى ومن بقي منكم اعقبته النصر على من ناوأه فاختر ان شئت الجزية وانت صاغر وان شئت فالسيف او تسلم فتنجي نفسك فقال يزدجر اتستقبلني بمثل هذا فقال ما استقبلت الا من كلمنى ولو كلمنى غيرك لم استقبلك به فقال لولا ان الرسل لا تقتل لقتلتكم لا شىء لكم عندى وقال ائتوني بوقر من تراب فاحملوه على اشرف هؤلاء ثم سوقوه حتى يخرج من ابيات المدائن ارجعوا الى صاحبكم فاعلموه اني مرسل اليه رستم حتى يدفنه وجنده في خندق القادسية وينكل به وبكم من بعد ثم اورده بلادكم حت اشغلكم في انفسكم باشد مما نالكم من سابور ثم قال من اشرفكم فسكت القوم فقال عاصم بن عمرو واقتات ليأخذ التراب انا اشرفهم انا سيد هؤلاء فحملنيه فقال اكذلك قالوا نعم فحمله على عنقه فخرج به من فحمله عليها ثم انجذب في السير لياتوا به سعدا وسبقهم عاصم فمر باب قديس فطواه وقال بشروا الامير بالظفر ظفرنا ان شاء الله تعالى ثم مضى حتى جعل التراب في الحجر ثم رجع فدخل على سعد فأخبره الخبر فقال ابشروا فقد والله اعطانا الله اقاليد ملكهم وتفاءلوا بذلك اخذ بلادهم ثم لم يزل امر الصحابة يزداد في كل يوم علوا وشرفا ورفعة وينحط امر الفرس سفلا وذلا ووهنا ولما رجع رستم الى الملك يساله عن حل من راى من المسلمين فذكر له عقلهم وفصاحتهم وحدة جوابهم وانهم يرومون امرا يوشك ان يدركوه وذكر ما امر به اشرفهم من حمل التراب وانه استحمق اشرفهم في حمله التراب على راسه ولوشاء اتقى بغيره وانا لا اشعر فقال له رستم انه ليس احمق وليس هو باشرفهم انما اراد ان يفتدي قومه بنفسه ولكن والله ذهبوا بمفاتيح ارضنا وكان رستم منجما ثم ارسل رجلا وراءهم وقال ان ادرك التراب فرده تداركنا امرنا وان ذهبوا به الى اميرهم غلبونا على ارضنا قال فساق وراءهم فلم يدركهم بل سبقوه الى سعد بالتراب وساء ذلك فارس وغضبوا من ذلك اشد الغضب واستهجنوا راي الملك.

ليست هناك تعليقات: