الاثنين، 14 يوليو 2014

يوم من أيام الإسلام

في سنة 462 للهجرة
أقبل ملك الروم أرمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والكرج والفرنج وعدد عظيم وعُدد ومعه خمسة وثلاثون ألفا من البطارقة مع كل بطريق مائتا ألف فارس ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفا ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية خمسة عشر ألفا ومعه مائة ألف نقاب وحفار والف روز جاري ومعه أربعمائة عجلة تحمل النعال والمسامير والفا عجلة تحمل السلاح والسروج والغردات والمناجيق منها منجنيق عدة ألف ومائتا رحل وأهله ومن عزمه قبحه الله أن يبيد الاسلام وقد أقطع بطارقته البلاد حتى بغداد واستوصى نائبها بالخليفة خيرا فقال له ارفق بذلك الشيخ فإنه صاحبنا ثم إذا استوثقت ممالك العراق وخراسان لهم مالوا على الشام وأهله ميلة واحدة فاستعادوه من أيدي المسلمين والقدر يقول
( لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون )
 فالقتاه السلطان ألب ارسلان في جيشه وهم قريب من عشرين ألفا بمكان يقال له الزهوة في يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة وخاف السلطان من كثرة جند ملك الروم فأشار عليه الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري بأن يكون وقت الوقعة يوم الجمعة بعد الزوال حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين فلما كان ذلك الوقت وتواقف الفريقان وتواجه الفتيان نزل السلطان عن فرسه وسجد لله عز و جل ومرغ وجهه في التراب ودعا الله واستنصره فأنزل نصره على المسلمين ومنحهم أكتافهم فقتلوا منهم خلقا كثيرا وأسر ملكهم أرمانوس أسره غلام رومي فلما أوقف بين يدي الملك ألب أرسلان ضربه بيده ثلاث مقارع وقال لو كنت أنا الأسير بين يديك ما كنت تفعل قال كل قبيح قال فما ظنك بي فقال إما أن تقتل وتشهرني في بلادك وإما أن تعفو وتأخذ الفداء وتعيدني قال ما عزمت على غير العفو والفداء فافتدى نفسه منه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار فقام بين يدي الملك وسقاه شربة من ماء وقبل الأرض بين يديه وقبل الأرض إلى جهة الخليفة إجلالا وإكراما وأطلق له الملك عشرة آلاف دينار ليتجهز بها وأطلق معه جماعة من البطارقة وشيعه فرسخا وأرسل معه جيشا يحفظونه إلى بلاده ومعهم راية مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما انتهى إلى بلاده وجد الروم قد ملكوا عليهم غيره فأرسل إلى السلطان يعتذر إليه وبعث من الذهب والجواهر ما يقارب ثلاثمائة ألف دينار وتزهد ولبس الصوف ثم استغاث بملك الأرمن فأخذه وكحله وأرسله إلى السلطان يتقرب إليه .
(من كتاب البداية والنهاية لابن كثير )


ليست هناك تعليقات: