بسم الله الرحمن الرحيم
يؤمن المسلمين بنظرية المؤامرة
ومعناها ان المعركة بين الخير والشر مستمرة بدوام الدنيا فالخير متمثل بالاسلام
والشر متمثل بأهل الكفر من النصارى واليهود المتعصبين وغيرهم . فالآيات القرآنية
تدل بصراحة ان اليهود والنصارى لن يستطيعوا التعايش مع المسلمين ومستمرين في
عداوتهم للمسلمين والتآمر على ايذائهم ومحاولتهم ردهم عن الاسلام , والآيات في ذلك كثيرة منها قال تعالى (( ولن
ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم )) (البقرة) وقال تعالى (( يا اهل
الكتاب لما تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا )) .
اما الشواهد التاريخية على
هذه النظرية فلا تعد ولا تحصى فمنذ زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بدأت
محاولات اليهود لقتل الرسول والتآمر للقضاء على المسلمين كما حاول الروم القيام
بحملتين عسكريتين لمهاجمة المدينة في الجزيرة العربية فكانت معركة مؤتة وغزوة تبوك
وبعدها جهز الرسول جيش اسامة بن زيد لصد الروم وذلك قبل وفاته صلى الله عليه وسلم
بأيام ثم ظهرت عدوانية اهل الكتاب جلية بالحملات الصليبية التي رعتها الكنيسة و
التي استمرت لقرون في احدى عشر حملة صليبية وبعد ان عجزت هذه الحملات من تحقيق مقاصدها
تطور الفكر العدائي الصليبي واعطى لنفسه غطاءاً اخر تمثل بالحملات الاستعمارية
المتتالية على المنطقة العربية التي تغير اسلوبها من الحملات الصليبية الدموية
الرامية للقضاء على المسلمين الى اسلوب القضاء على الاسلام باستخدام الوسائل
الممكنة والمتوفرة لابعاد المسلمين عن القرآن وعن السنة وعن آداب وأخلاق الاسلام
وكان ابرزها حملة نابليون وقد اظهر فيها نزعاته الدينية المتطرفة وان كان اظهر
غطاء الاستعمار والتمدن ونقل الحضارة. وقد اظهرت حملات الفرنسة التي قام بها
الاستعمار الفرنسي نزعات الغرب في محاولة القضاء على الاسلام من خلال فصل المسلم
عن لغة القرآن.
كما لا ننسى المحاولات الحثيثة التي قام
بها كثير من المستشرقين الاجانب في التشكيك في القرآن والسنة من خلال مؤلفاتهم
وذلك كجزء من حملة فكرية لمحاربة الاسلام.
ثم كانت اقامة الدولة الصهيونية في فلسطين
كبديل عن الدولة الصليبية القديمة وما زالت المؤامرات مستمرة وستبقى مستمرة الى ان
يشاء الله.
وينقسم الناس في تصديق نظرية المؤامرة الى
ثلاث فئات فالمؤمنين من المسلمين يؤمنون بنظرية المؤامرة وفي الوقت نفسه يؤمنون
انه بالرغم من المؤامرات المستمرة من قبل الكفار الا ان الغلبة في النهاية هي لاهل
الاسلام يقول تعالى (( ان الذين كفروا
ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ))
والفئة الثانية وتشمل كثير من العلمانيين
والمتغربين وجهلة المسلمين يرفضون هذه النظرية ويعتقدون ان الدول الغربية تجاوزت
الفكر الصليبي والاستعمارى وانها تشجع الديمقراطية والحريات .
ولكن الفئة الثالثة وهي
الفئة الاكثر مأساوية هي الفئة من الناس التي حولت كل ما يجري في العالم الى
مؤامرة فالثورات العربية مؤامرة واسقاط الطغاة مؤامرة و الثوار والمجاهدون ضد
الظلم عملاء مأجورين وما من حدث يقع في العالم الا بتخطيط وبموافقة امريكا حتى قال
احدهم ( لو جاء صلاح الدين الآن لشككننا فيه ) وهكذا فهذه الفئة من الناس تجد
لنفسها عذرا في التقاعس والسلبية بان الكون من حولها كلها يدار من قبل امريكا وان
ما من حركة في الارض الا بارادة امريكا وعملائها حتى جعلوا امريكا ندا لله حاشا
لله عما يشركون وتناسوا قول الله (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع
الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير )), وان
الجهاد مستمر ما دام الظلم والطغيان موجود.
لقد اجاب الناطق باسم البيت الابيض عن سؤال
احد الصحفيين ( لماذا لم تتوقع الدوائر الاستخبارية الامريكية الثورات التي حدثت
في تونس ومصر ؟) فاجاب الناطق ( وكيف للاستخبارات الامريكية ان تتوقع ان بائع خضار
في تونس سيحرق نفسه ويشعل ثورة ) وقد صدق هذا الرجل فان الله سبحانه تعالى هو مسبب
الاسباب ولكن هناك من يتفاعل مع الاحداث بسرعة وهناك من يتفرج ينتظر نهاية هذه
الاحداث والدول الغربية بسبب عراقتها في السياسة وامتلاكها لخبرات قديمة وكبيرة في
السياسة واعتمادها على مراكز دراسات كبيرة فانها تتفاعل مع الاحداث بسرعة بشكل
يضمن المحافظة على مصالحها في مناطق الازمات على عكس كثير من الدول الاخرى ومنها
الدول العربية التي تتفرج تنتظر نهاية الاحداث او تنتظر ان تاتيها اوامر او
توجيهات من الخارج لتتحرك. لذلك يعتقد بعض الجهلة ان امريكا وراء كل شيء يحصل ,
ففي تونس تحركت مع الشعب التونسي لانها عرفت ان ابن علي لم يعد له مستقبل كما ان
تونس ليست ذات تأثير كبير في المنطقة وكذلك في ليبيا فانها دعمت المعارضة بعد ان
نسقت ورتبت لمن يخلف القذافي وضمنت ان الحكم الجديد لن يضر بمصالحها اما في مصر
فان العلاقة القوية التي تربط الدوائر الامريكية بالمؤسسة العسكرية المصرية وثيقة
وقديمة وهي في الواقع التي تسيطر على الوضع الداخلي في البلاد فقد قبلت امريكا
برحيل مبارك بالرغم من تمسك اسرائيل به
لآخر لحظة وما زالت تجري اتصالاتها المتميزة في مصر لضمان محافظة الجيش على
السيطرة الكاملة على الامن في مصر وعدم انفلاته بشكل يهدد اسرائيل وقناة السويس
الشريان الرئيس لمواردها النفطية وتنقلات اساطيلها العسكرية , اما في سوريا
المجاورة لحدود اسرائيل فان نظام الاسد حافظ لاكثر من ثلاثين عاما على حدود آمنة
لاسرائيل مكنت اسرائيل من خوض حروب في لبنان و غزة والقيام بحركات عسكرية متعددة
بدون ان تفكر بأي تهديد يأتيها من الحدود السورية لذلك فان امريكا غير متحمسة ان
تستبدل النظام السوري بنظام لا تستطيع ضمان ولائه لها او ضمان بقائه على سياسة
النظام السابق لذلك فهي ما ان تجد ان المعارضة السورية مسيطر عليها من جماعات قوية
تستطيع عقد صفقات سرية معها لضمان حدود اسرائيل فانها ستتخلى عن نظام الاسد وستزود
المعارضة بالسلاح اللازم لاسقاطه.
اما في العراق الجريح الضائع المقسم بين
امريكا وايران فخيراته منهوبة ومقسمة بين ايران وامريكا ولضمان بقاء الوجود
الامريكي والايراني في العراق يتم تقديم التسهيلات لما يسمى بالقاعدة من اموال
واسلحة للعمل في العراق لقتل الناس وتفجير الابرياء فباسم القاعدة تستقر القوات
الامريكية في العراق لحماية النظام السياسي وبأسم القاعدة تنتشر المليشيات الصفوية
مدججة بالسلاح لحماية الشيعة من القاعدة وبأسم القاعدة يتم تهميش السنة والتنكيل
بهم لانهم حواظن للارهاب وبأسم القاعدة تسرق اموال الشعب من قبل مافيات الفساد
التي ترعاها ايران وامريكا واسرائيل ومن يفتح فمه فهو فهو اما عميل للقاعدة او
مدعوم من دول خارجية وهكذا تم لامريكا القضاء على العراق الذي كان عمق العرب منذ
خلافة عمر رضي الله عنه ولكن نعود ونقول
(( ويمكرون ويمكر الله و الله خير الماكرين
)) فنرجوا ان يلهمنا الله الصبر وان يرينا يوما يعز به أهل الاسلام ويذل فيه أهل
الباطل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق