سيدّنا داوود
عليه الصّلاة والسّلام
الحمد لله وسلام على عباده الذين
اصطفى وسلام على
النبيّ المصطفى
أما بعد............
مع القرآن الكريم
....
ومع النبيّ المظلوم......
سيدّنا داوود عليه الصّلاة والسّلام
نعيش هذا اللقاء
قال تعالى في سورة
(ص) :-----
{ وَهَلْ
أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ
إِذْ
تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ . إِذْ دَخَلُوا
عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا
عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ
وَلَا
تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ . إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ
وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا
وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ
قَالَ
لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ
وَإِنَّ
كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَقَلِيلٌ
مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ
رَاكِعاً وَأَنَابَ }
ص 21 -24
كثير من المسلمين أخطأ فهم هذه الآيات
مع أن ملامح الحق
فيها واضحة
وسبب هذا
الخطأ
هو رجوع المسلمين
إلـــــــى
كـــــــــــــتب الإسرائـــــــــــــــــــيليات
وأخذهم منها مع أنّها
سهام موجّهة للإسلام
وحفظا على وقت القارئ
الكريم
اكتفي بذكر الحقّ
الذي توحيه
الآيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات
وأضرب الذّكر صفحا عن
قول البعض من المفسرين
الذين شغلوا
أنفسهم بالنقل عن الإسرائيليات
- فشوهوا حقائق الإسلام -
فـــــــــــسامــــــــــــحهم الله
والبحث
عن الفهم السّليم للقصة يتطلب نظرة عامة إلى الآيات
السابقة
لنفهم القرآن فهما موضوعيا
أولا
نلاحظ أن هذه القصة وردت في سياق مدح القرآن
لسيّدنا
داوود عله الصّلاة والسّلام
ثانيا
ليس في ألفاظ القرآن
ولا في مفهومه العام ما يشير
إلى أن :---
القصــــــــــــــــــــــــــة
رمـــــــــــــــــــــــــــــزية
رتبها الله تعالى لعتاب داوود
عليه السّلام
على
فعل يخالف شريعة الفضيلة
التي جاء بها كلّ الأنبياء
عليهم الصّلاة والسّلام
وذلك لان
عصمة الأنبياء جزء
من عقيدة القرآن
والآن مع الآيات
:------
حتى لا نخطئ فهم
القرآن
1- ساق
القرآن هذه الآيات في مقام الأسوة
لنبينا
مـــــــحّــــمــــد
صلّ
ياربّ عليه وآله وبارك وسّلم
فكأنّ
الله يقول لنبينا محّمد صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسّلم
إن ضاق صدرك من كُفر قومك
فاذكر
عـــــــــــــــــــــــــــــبدنا داوود
وصف
القرآن داوود بأوصاف عظيمة
هي
قوله تعالى :----- (( عبدنا )) : وهذا اللفظ لا يستعمل إلا
في مقام التكريم
(( ذا الأيد )) .... أي القوة في
الحق
(( انّه أواب ))... كثير الرجوع إلى
الله
وقد اخبرنا القرآن
بان
الجبال
مسّخرة معه
{ فَفَهَّمْنَاهَا
سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً
وَسَخَّرْنَا
مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ }
الأنبياء79
والطير مجتمعة عنده
ورب العرش قوى ملكه
{ فَهَزَمُوهُم
بِإِذْنِ اللّهِ
وَقَتَلَ
دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا
يَشَاءُ
وَلَوْلاَ
دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ
لَّفَسَدَتِ
الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }
البقرة251
ومنحه الحكمة في الأفعال
وعلّمه فصل الخطاب
{ وَشَدَدْنَا
مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ }
ص20
وجعله خليفة في الأرض
{ يَا
دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ
فَاحْكُم
بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ
اللَّهِ
إِنَّ
الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا
يَوْمَ الْحِسَابِ }
ص26
ثمّ كشف اللثام عن مقامه في الآخرة
فقال تعالى :------
{...
وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ }
ص25
أقول يا داوود
طــــــــــــبت
حـــــــــــــــّيا ومـــــــــــــــــّيتا
هذا ما افهمه من
القرآن الكريم
كل هذه الأوصاف تصّحح فهم الذين ظلموا هذا
النبيّ وتقوّلوا عليه
فــــــــــــــما مــــــــــعنى
الآيــــــــــــــــات إذن ؟
ومـــــــــا
خــــــــــــــــــــــــبرالخـــــــــــــــــــــــــــــصمان
؟
أقول :------
سيّدنا داوود عليه
الصّلاة والسّلام
كـــــــــان نــــــبيّا وكــــــان ملـــــــــــكا
وكلاهما
عبء ثقيل
فكيف يقسم وقته
بين مطالب الرسالة وواجب الملك
؟؟
أضف إلى ذلك انّه كان يأكل من عمل يده
و من أشق الإعمال
البدنية
{ وَلَقَدْ
آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً
يَا
جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ
وَأَلَنَّا
لَهُ الْحَدِيدَ .أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ
وَاعْمَلُوا
صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
سبأ 10-11
وألنا له الحديد أن اعمل سابغات أي دروعا سابغات
وقدر في السّرد ( إشارة إلى دقة صناعته )
فكيف يقسم الوقت بين
:-----
النبوة
والملك
والمصنع ؟
لقد أعطى العبادة يوما لا يخرج فيه من المحراب
وأعطى الملك والمصنع يوما
ولكنّ الله تعالى أراد
أن يعرّف داوود انه في اليوم الذي يخلو فيه
للعبادة يقع بين الناس مظالم تحتاج إلى عدل داوود
فمكن الله الرجلين (
الخصمين) من الدخول عليه في يوم المحراب
يــــــــــــــــــوم
الــــــــــــــــــــــــــــــــــعبادة
وشرح احدهما قصته
واظهر ما فيه من ظلم أخيه له
وكيف انه وهو الثري
صاحب النعاج الكثيرة يطلب من أخيه
الفقير أن يعطيه
نعجته
ففصل داوود بين
المتخاصمين
وتنبّه أن الرعية يحدث بينها مظالم كثيرة في يوم العبادة
فلا
يجد المظلوم من يدافع عنه ...
إن الصّلح بين الناس
ونصرة المظلوم أفضل من عبادة المحراب
فظن داوود أنمّا
فتناه وشغلناه بعبادة المحراب عن نصرة المظلوم ..
فـــــــــــــــــاستغفر
ربـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
وخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرّ
راكــــــــــــعا
وأنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاب
فــــــــــــــــــــــــــغفرنا
لــــــــــــــــــــــــــه ذلك
إنّ حسنات الأبرار سيئات المقربين
وكلما اشتد قرب
العبد من ربه
أصبح موضع المؤاخذة
من سيّده ... !!
أقول هذا :----
حتى لا نخطئ
فهم القرآن...
من محاضرات الأستاذ
الشيخ محمود غريب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق