الجمعة، 12 فبراير 2016

من حكمة علي بن ابي طالب ( رضي الله عنه ) .... 1

حدثنا أحمد بن السندي، حدثنا الحسن بن علوية القطان، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار، حدثنا اسحاق بن بشر، أخبرنا مقاتل، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، ، قال: كنا جلوساً عند علي بن أبي طالب إذ أتاه رجل من خزاعة، فقال: يا أمير المؤمنين، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينعت الإسلام. قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول: " بني الإسلام علي أربعة أركان: علي الصبر، واليقين، والجهاد، والعدل. وللصبر أربع، شعب: الشوق، والشفقة، والزهادة، والترقب. فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن الحرمات، ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات. ولليقين أربع شعب: تبصره الفطنة، وتأويل الحكمة، ومعرفة العبرة، واتباع السنة. فمن أبصر الفطنة تأول الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة اتبع السنة، ومن اتبع السنة فكأنما كان في الأولين، وللجهاد أربع شعب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين. فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهي عن المنكر أرغم أنف المنافق. ومن صدق في المواطن قضي الذي عليه وأحرز دينه، ومن شنأ الفاسقين فقد غضب لله، ومن غضب لله يغضب الله له. وللعدل أربع شعب: غوص الفهم، وزهرة العلم، وشرائع الحكم، وروضة الحلم. فمن غاص الفهم فسر جمل العلم، ومن رعي زهرة العلم عرف شرائع الحكم، ومن عرف شرائع الحكم ورد روضة الحلم، ومن ورد روضة الحلم لم يفرط في أمره، وعاش في الناس وهم في راحة.
 عن ثابت بن أبي صفية، عن أبي الزغل، قال: قال علي بن أبي طالب: احفظوا عني خمساً فلو ركبتم الإبل في طلبهن لأنضيتموهن قبل أن تدركوهن، لا يرجو عبد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه، ولا يستحي جاهل أن يسأل عما لا يعلم، ولا يستحي عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم. والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له.
 عن مهاجر بن عمير، قال: قال علي بن أبي طالب: إن أخوف ما أخاف اتباع الهوي وطول الأمل. فأما اتباع الهوي فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة. الآخرة وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، ألا وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون. فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.عن أبي أراكة، قال: صلي علي الغداة ثم لبث في مجلسه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح كأن عليه كآبة، ثم قال: لقد رأيت أثراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أري أحداً يشبههم، والله إن كانوا ليصبحون شعثاً غبراً صفراً، بين أعينهم مثل ركب المعزي، قد باتوا يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجرة فى يوم ريح، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين.
عن علي، قال: ألا إن الفقيه كل الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمه الله، ولا يؤمنهم من عذاب الله، ولا يرخص لهم في معاصي الله، ولا يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره، ولا خير في عبادة لا علم فيها، ولا خير في علم لافهم فيه، ولا خير في قراءة لا تدبر فيها.

من كتاب حلية الاولياء