الجمعة، 19 فبراير 2016

توبة بشر الحافي

توبة بشر بن الحارث الحافي
أخبرنا محمد بن عبد الباقي أنا حمد بن أحمد قال: سمعت عبد الله بن محمد بن جعفر يقول: سمعت عبد الله بن محمد يقول: سمعت محمد بن الدينوري يقول: سمعت بشر بن الحارث وسئل: ما كان بدء أمرك لأن اسمك بين الناس كأنه اسم نبي؟ قال: هذا من فضل الله وما أقول لكم؟ كنت رجلاً عياراً صاحب عصبية فجزت يوماً فإذا أنا بقرطاس في الطريق فرفعته فإذا فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم " فمسحته وجعلته في جيبي وكان عندي درهمان ما كنت أملك غيرهما فذهبت إلى العطارين فاشتريت بهما غالية ومسحته في القرطاس فنمت تلك الليلة فرأيت في المنام كأن قائلا يقول: يا بشر بن الحارث! رفعت اسمنا عن الطريق وطيبته لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة! ثم كان ما كان وحكي أن بشراً كان في زمن لهوه في داره وعنده رفقاؤه يشربون ويطيبون فاجتاز بهم رجل من الصالحين فدق الباب فخرجت إليه جارية فقال: صاحب هذه الدار حر أو عبد؟ فقالت: بل حر! فقال: صدقت لو كان عبداً لاستعمل أدب العبودية وترك اللهو والطرب فسمع بشر محاورتهما فسارع إلى الباب حافياً حاسراً وقد ولى الرجل فقال للجارية: ويحك! من كلمك على الباب فأخبرته بما جرى فقال: أي ناحية أخذ الرجل؟ فقالت: كذا فتبعه بشر حتى لحقه فقال له: يا سيدي! أنت الذي وقفت بالباب وخاطبت الجارية؟ قال: نعم قال: أعد علي الكلام فأعاده عليه فمرغ بشر خديه على الأرض وقال: بل عبد! عبد! ثم هام على وجهه حافياً حاسراً حتى عرف بالحفاء فقيل له: لم لا تلبس نعلاً قال: لأني ما صالحني مولاي إلا وأنا حاف فلا أزول عن هذه الحالة حتى الممات .
من كتاب التوابين لابن قدامة