عن أبي الطفيل عامر بن وائلة، حدثني سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه قال: كنت رجلاً من أهل جي، وكان أهل قريتي يعبدون الخيل البلق، فكنت أعرف أنهم ليسوا على شيء فقيل لي: إن الدين الذي تطلب إنما هو قبل المغرب، فخرجت حتى أتيت أداني أرض الموصل، فسألت عن أعلم أهلها فدللت على رجل في قبة، أو في صومعة، فأتيته، فقلت: إني رجل من المشرق، وقد جئت في طلب الخير، فإن رأيت أن أصحبك وأخدمك وتعلمني مما علمك الله. قال: نعم، فأجري على مثل الذي يجري عليه من الحبوب والخل والزيت، فصحبته ما شاء الله أن أصحبه، ثم نزل به الموت، فلما نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي. قال: ما يبكيك؟ قلت: انقطعت من بلادي في طلب الخير، فرزقني الله تعالى صحبتك فأحسنت صحبتي وعلمتني مما علمك الله، وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أذهب؟ قال: إإلى أخ لي بمكان كذا وكذا فائته فاقرأه مني السلام وأخبره أني أوصيت بك إليه واصحبه، فإنه على الحق، فلما هلك الرجل خرجت حتى أتيت الذي وصف لي، قلت: إن أخاك فلاناً يقرئك السلام، قال: وعليه السلام ما فعل؟ قلت: هلك، وقصصت عليه قصتي ثم أخبرته أنه أمرني بصحبته فقبلني وأحسن صحبتي وأجري على مثل ما كان يجري علي عند الآخر، فلما نزل به الموت جلست عند رأسه أبكيه، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: أقبلت من بلادي فرزقني الله تعالى صحبة فلان فأحسن صحبتي، وعلمني مما علمه الله فلما نزل به الموت أوصى بي إليك، فأحسنت صحبتي وعلمتني مما علمك الله، وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أتوجه؟ قال: إلى أخ لي على درب الروم، ائته فاقرأه مني السلام وأخبره أني أمرتك بصحبته فاصحبه فإنه على الحق، فلما هلك الرجل خرجت حتى أتيت الذي وصف لي، فقلت: إن أخاك فلاناً يقرئك السلام، قال: وعليه السلام مافعل؟ قلت: هلك، وقصصت عليه قصتي وأخبرته أنه أمرني بصحبتك فقبلني، وأحسن صحبتي، وعلمني مما علمه الله عز وجل. فلما نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقصصت عليه قصتي ثم قلت: رزقني الله عز وجل صحبتك وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أذهب؟ قال: لا أين إنه لم يبق على دين عيسى بن مريم عليه السلام أحد من الناس أعرفه، ولكن هذا أوان، أو إبان، نبي يخرج، أو قد خرج، بأرض تهامة فالزم قبتي، وسل من مر بك من التجار، وكان ممر تجار أهل الحجاز عليه إذا دخلوا الروم، وسل من قدم عليك من أهل الحجاز هل خرج فيكم أحد يتنبأ. فإذا أخبروك أنه قد خرج فيهم رجل فأته الذي بشر به عيسى عليه السلام، وآيته أن بين كتفيه خاتم النبوة، وإنه يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، قال: فقبض الرجل ولزمت مكاني لايمر بي أحد إلا سألته من أي بلاد أنتم حتى مر بي ناس من أهل مكة فسألتهم من أي بلاد أنتم؟ قالوا: من الحجاز، فقلت: هل خرج فيكم أحد يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم، قلت: هل لكم أن أكون عبداً لبعضكم على أن يحملني عقبه ويطعمني الكسرة حتى يقدم بي مكة فإذا قدم بي مكة فإن شاء باع وإن شاء أمسك، قال رجل من القوم: أنا، فصرت عبداً له فجعل يحملني عقبه، ويطعمني من الكسرة حتى قدمت مكة، فلما قدمت مكة جعلني في بستان له مع حبشان، فخرجت خرجة فطفت مكة فإذا امرأة من أهل بلادي، فسألتها وكلمتها فإذا مواليها وأهل بيتها قد أسلموا كلهم، وسألتها عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يجلس في الحجر، إذا صاح عصفور مكة، مع أصحابه حتى إذا أضاء له الفجر تفرقوا. قال: فجلست أختلف ليلتي كراهية أن يفتقدني أصحابي، قالوا: مالك؟ قلت: أشتكي بطني، فلما كانت الساعة التي أخبرتني أنه يجلس فيها أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو محتب في الحجر وأصحابه بين يديه، فجئته من خلفه صلى الله عليه وسلم فعرف الذي أريد، فأرسل حبوته فسقطت، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه، قلت في نفسي: الله أكبر هذه واحدة، فلما كان في الليلة المقبلة صنعت مثل ما صنعت في الليلة التي قبلها لاينكرني أصحابي، فجمعت شيئاً من تمر، فلما كانت الساعة التي يجلس فيها النبي صلى الله عليه وسلم أتيته فوضعت التمر بين يديه، فقال: " ما هذا؟ " قلت: صدقة، قال: " لأصحابه: كلوا ولم يمد يديه. قال: قلت في نفسي: الله أكبر هذه ثنتان، فلما كان في الليلة الثالثة جمعت شيئاً من تمر ثم جئت في الساعة التي يجلس فيها فوضعته بين يديه، قال: " ما هذا؟ " قلت: هدية فأكل وأكل القوم، قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فسألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصتي فأخبرته. فقال: " لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انطلق فاشتر نفسك " فأتيت صاحبي فقلت: بعني نفسي. قال: نعم، أبيعك نفسك بأن تغرس لي مائة نخلة إذا أنبتت وتبين نباتها، أو نبتت وتبين نباتها، جئتني بوزن نواة من ذهب. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته. قال: " فأعطه الذي سألك " وجئني بدلو من ماء البئر الذي يسقى، أو تسقى به، ذلك النخل " ، قال: فانطلقت إلى الرجل فابتعت منه نفسي فشرطت له الذي سألني، وجئت بدلو من ماء البئر الذي يسقي به ذلك النخل، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فانطلقت فغرست به ذلك النخل. فوالله ما غدوت منه نخلة واحدة. فلما تبين ثبات النخل، أو نبات النخل، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنه قد تبين ثبات النخل، أو نباته، فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوزن نواة من ذهب فأعطانيها، فذهبت بها إلى الرجل فوضعتهافي كفة الميزان، ووضع له نواة في الجانب الآخر، فوالله ما قلت من الأرض. فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لو كنت شرطت له وزن كذا وكذا لرجحت تلك القطعة عليه فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكنت معه.تان، فلما كان في الليلة الثالثة جمعت شيئاً من تمر ثم جئت في الساعة التي يجلس فيها فوضعته بين يديه، قال: " ما هذا؟ " قلت: هدية فأكل وأكل القوم، قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فسألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصتي فأخبرته. فقال: " لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انطلق فاشتر نفسك " فأتيت صاحبي فقلت: بعني نفسي. قال: نعم، أبيعك نفسك بأن تغرس لي مائة نخلة إذا أنبتت وتبين نباتها، أو نبتت وتبين نباتها، جئتني بوزن نواة من ذهب. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته. قال: " فأعطه الذي سألك " وجئني بدلو من ماء البئر الذي يسقى، أو تسقى به، ذلك النخل " ، قال: فانطلقت إلى الرجل فابتعت منه نفسي فشرطت له الذي سألني، وجئت بدلو من ماء البئر الذي يسقي به ذلك النخل، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فانطلقت فغرست به ذلك النخل. فوالله ما غدوت منه نخلة واحدة. فلما تبين ثبات النخل، أو نبات النخل، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنه قد تبين ثبات النخل، أو نباته، فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوزن نواة من ذهب فأعطانيها، فذهبت بها إلى الرجل فوضعتهافي كفة الميزان، ووضع له نواة في الجانب الآخر، فوالله ما قلت من الأرض. فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لو كنت شرطت له وزن كذا وكذا لرجحت تلك القطعة عليه فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكنت معه.
من كتاب حلية الاولياء