السبت، 31 مايو 2014

ماهر في عدو الشمس (الحلقة الثالثة والأخيرة)




 ماهر في الأقصر من جديد
استمر العمل في مدينة الشمس بهدوء يوما بعد يوم وماهر مشغول في مشاريعه المتعددة المترامية الأطراف قبل أن تعود مشكلة المهربين للظهور.
تلقى ماهر مكالمة من كمال تخبره بتجدد الهجمات على المشروع.
اتصل ماهر بسالم ابن رئيس المهربين ليستوضح منه الأمر.
سالم : لقد قتل أبي وتولى آخر الرئاسة على المهربين وهو من آمر بمهاجمة المشروع.
ماهر : الكلام في الهاتف لا يفيد ، أريد أن أراك.
سالم : لا استطيع
ماهر : ثق بي يا سالم كما وثق أبوك بكلامي.
سالم : الوضع صعب و ....
ماهر : سأصل في اقرب وقت ويجب أن أراك.
وبعد ساعات كان ماهر في طريقه إلى مصر.
وفي الأقصر كرر ماهر اتصاله بسالم حتى أقنعه بمقابلته  واتفقا على اللقاء في احد المقاهي بعد أن طمأنه ماهر من ناحية الشرطة.
التقى الاثنان حسب الموعد.
ماهر : سالم احكي لي حكايتكم مع مدينة الشمس.
سالم : نحن ناس نعيش على التهريب ونقوم بذلك لأشخاص يعطونا نقود مقابل كل صفقة مواد نهربها وقد كان والدي يتصل به رجل عبر الهاتف الدولي يناديه والدي "الباشا" ويقوم "الباشا" بتوجيه  أبي بخصوص المواد المهربة ومكان استلامها وتسليمها ومن ثم نقوم نحن بتنفيذ العملية وإدخال المواد المهربة وتسليمها إلى الأشخاص المحددين في الفترة الأخيرة قبل مقتل والدي اقنع "الباشا: والدي إن مدينة الشمس هي قاعدة لحرس الحدود وإنها بنيت لمطاردة المهربين وتوقيفهم وشجعه على مهاجمة المدينة لمنع إكمالها .. وقد اقتنع أبي بذلك واخذ يرسل الرجال لمهاجمة المدينة وإخافة الحراس وإتلاف مواد البناء.. ولكن بعد أن قابلته أنت وأعجب بشجاعتك واقتنع بكلامك أمر الرجال بعدم التعرض للمدينة رغم محاولة "الباشا" إقناع أبي بالاستمرار بذلك.
وفجأة قُتل أبي على يد مجهول وتولى احد مساعديه رئاسة المهربين وعاد فأمر الرجال بمهاجمة المدينة.
ماهر : ولماذا قتل أبوك.
سالم : لا ادري !
ماهر : ألا تعتقد إن مقتل أبيك له علاقة بمدينة الشمس.
سالم  : كيف ؟
ماهر : ألا ترى انه عندما أوقف أبوك الاعتداء على المدينة قتل وبعدها عادت الاعتداءات على المدينة.
سالم : ماذا تعني !
ماهر : عندما رفض أبوك أوامر "الباشا" تعرض للقتل.
سالم : تقصد إن الباشا هو الذي قتل أبي ؟
ماهر : عن طريق احد رجاله أو احد رجال أبيك.
سالم : أنت تريد أن توقع العداوة بيني وبين المهربين.
ماهر : أنا أريد أن تدرك الواقع و تتأكد هل إن ذلك هو حقا ما حدث أو لا ؟ .. وإذا ظهر إن ظني صحيح عندها إذا أردت مساعدتي في القصاص من المجرمين فأساعدك.
انتهى اللقاء وقد توضحت أمام ماهر الصورة بينما راح سالم في بحر من الأفكار والتأملات.
توجه ماهر إلى الشرطة ليطلعهم على معلوماته وليدرس مع الشرطة طرق حماية المدينة من المهربين وسبل توفير الحماية للعمال والحراس.
بقي ماهر في الأقصر ينتظر حدوث تطورات ولمتابعة مراحل العمل في المدينة.
بعد أيام تلقى ماهر اتصال من سالم.
سالم : كان ظنك صحيح.
ماهر : أريد أن أراك.
التقى الاثنان من جديد وقص سالم ما توصل إليه من معلومات.
سالم : لقد قام بعض رجال أبي بقتله بتشجيع من "الباشا" وطمعا في رئاسة المهربين.
ماهر : وهل عرفوا انك عرفت.
سالم : لا اعتقد.
ماهر : سيدركون قريبا انك عرفت وعندها ستكون حياتك في خطر.
سالم : لذلك أريد أن انتقم منهم في أسرع وقت.
ماهر : الانتقام ليس عمل حميد ولكن القصاص من المجرمين ذلك هو الأهم. سالم أنت ما زلت شاب صغير ولا اعتقد انك اشتركت في جريمة ما ولكنت تبعت أبيك وفعلت ما طلبه منك. والتهريب جريمة وليست عمل شريف وان استمررت في التهريب فانك ستعيش خائفا من الشرطة أو القتل أو ستتعرض فعلا للقتل أو السجن وسيكون مستقبل حياتك كئيبا مظلما. وأنا أريد أن يكون لك مستقبل أفضل.
سالم : التهريب عمل أبي وجدي.
ماهر : وهل في ذلك فخر ، انتم خارجون على القانون تجلبون المخدرات والأسلحة والمواد الممنوعة التي تضر الناس والبلاد ومصيركم أما السجن أو القتل أو آن تعيش خائفا طوال حياتك. سأعطيك فرصة لتكون إنسان حر وصالح، اترك التهريب والمهربين ونفذ ما اطلبه منك وسأوفر لك عمل محترم ونافع ويضمن لك حياة طيبة و في أي مكان تختاره وسوف تعيش بأمان بدون خوف من الشرطة. فكر بالأمر واخبرني.
تركه ماهر بعد أن وضح له وذكره بالحق وعرض عليه فرصة ليتوب وليبدأ بداية حسنة وصحيحة.
لم ينتظر ماهر طويلا قبل أن يتصل به سالم ليطلب منه لقاءه.
عرض ماهر على سالم أن يشهد للشرطة على المهربين وان يخبر الشرطة بكل معلوماته عن المهربين وأماكن اختفائهم وطرق تهريبهم وكل ما يعلم مقابل أن يضمن له اعتباره شاهد من قبل الشرطة وان يضمن له عمل جيد ومكان إقامة جديد.
اتصل ماهر بالمحامي ليتصل بالشرطة ويتفق معهم على صيغة لشهادة سالم مقابل عدم سجنه و بعد ساعات كان سالم يشهد في مركز الشرطة ويدلي بمعلوماته عن المهربين. وفي سباق مع الزمن اتصل ماهر مع المسؤولين في البلد وعرض عليهم هذه الأحداث وطلب منهم المساعدة في حماية المدينة وتكثيف الجهود للقضاء على المهربين والاستفادة من معلومات سالم.
بعد أسبوع بدأت الشرطة وحرس الحدود حملة واسعة للقبض على المهربين ونجحت هذه الحملة في القبض على الرئيس ومعظم إتباعه والاستيلاء على كميات كبيرة من المواد المهربة.
أما سالم فقد حقق ماهر ما وعده إياه فوفر له عملا محترما له في شركته.
وقبل ان يغادر الاقصر التقى ماهر مدير المباحث واطمأن على امن مدينة الشمس وعلى النجاح في وضع حد لأعمال المهربين. وعلم ماهر إن الشرطة بدأت في تتبع "الباشا" للقبض عليه.
بعد عدة أشهر عاد ماهر ليفتتح مدينة الشمس وليتم تسليم المنازل والشقق لاصحابها ولتشرق الشمس بطاقتها النافعة النظيفة على المدينة معلنة ولادة الحياة في هذه المدينة الجميلة.

تمت بإذن الله

الجمعة، 30 مايو 2014

ماهر في عدو الشمس ( الحلقة الثانية )




ماهر ورئيس المهربين
ماهر : أريد أن أقابل رئيس المهربين !!!
كانت هذه آخر جملة نطق بها و أثارت استغراب كمال وعلي.
كمال : أستاذ ماهر ذلك خطير.
علي : نعم يا أستاذ هذا آمر خطير.
ماهر : يجب أن اعرف لماذا يهاجمون المشروع.
كمال : الشرطة ستتولى القبض عليهم وحمايتنا.
ماهر : لو كانوا يستطيعون لما حدث أمس ما حدث.
واستمر النقاش واستمر إصرار ماهر على ضرورة لقاء المهربين ومعرفة سبب اعتدائهم على المشروع ومحاولة إقناعهم بالتوقف عن ذلك.
عزم ماهر على لقاء المهربين وقرر إعلام ضابط الشرطة المسئول عن المنطقة
وطلب إلى علي محاولة الاتصال بالمهربين للاتفاق معهم على موعد للقاء رئيسهم.
                                          
بالرغم من تحذيرات ضابط الشرطة عزم ماهر على التوجه مع علي إلى قرية صغيرة كان قد رتب موعدا فيها مع احد المهربين الذي سيقوده إلى الرئيس.
انطلقت السيارة يقودها ماهر وبجواره علي بعد أن ودع كمال وطلب منه البقاء على استعداد لأي طارئ.
و طلب ماهر من علي أن يكلمه عن أحوال المنطقة والقرية المتوجهين لها. استفاض علي في الكلام عن أحوال الناس وكيف أن اغلبهم يعمل في التهريب بجميع أنواعه ويتخذون ذلك العمل حرفة يتوارثونها عن أبائهم وكيف إن الشرطة وحرس الحدود يحاولون وقفهم ومنعهم من الانتقال عبر الحدود.كان وصول السيارة الحديثة مع الأشخاص الغرباء مثيرا للانتباه في تلك القرية الصغيرة حيث وصلوا إلى مكان اللقاء !
انتظر الاثنان في السيارة ولكن لم يأت احد إلى أن قرر الاثنان العودة من حيث أتوا وجدد علي الموعد وذهب الاثنان مرة ثانية وثالثة وفي كل مرة كان الموعد وهميا !!
ورغم ذلك أصر ماهر على الذهاب وفي المرة الرابعة وصل الاثنان حسب الموعد.
لم يتقدم الاثنان كثيرا حتى أوقفهم مسلحان ظهروا أمام السيارة شهرا البنادق في وجهيهما وبشيء من الخشونة قاد المسلحان ماهر وعلي سيرا على الإقدام بين المنازل الصغيرة والشوارع الضيقة ، بعد عشر دقائق من السير دخلوا إلى منزل طيني صغير امتلأ بالرجال المدججين بالسلاح . توسطهم رجل ظهر عليه علامات الرئاسة.
بعد التحية جرى الحوار التالي:
رئيس المهربين : ماذا تريد ؟
ماهر : أنا مدير شركة بناء مدينة الشمس و أريد أن اعرف لماذا هاجمتوا المدينة ؟
الرئيس : أنت تبني معسكر للجيش.
تفاجأ ماهر من هذه الكلمة.
ماهر : ذلك غير صحيح نحن نبني مدينة سكنية.
الرئيس : انأ معلوماتي مؤكدة.
ماهر : لدينا عقود بيع لموظفين وشركات سياحية لتأجير فندق ومرافق الترفيه في المدينة وعقود مع شركات لتوفير الخدمات في المدينة.
الرئيس : هل تريدني أن أصدقك.
ماهر : نعم صدقني ، انأ استطيع أن احضر لك نسخ من كل العقود واثبت لك إن الذي نقل لك تلك المعلومات غير صادق.
الرئيس : ومن يثبت لي إن أوراقك غير مزورة.
ماهر : لم أجازف وأتحمل مشقة الحضور إلى هنا لأكذب عليك أو لآتيك  بأوراق مزورة. ولو إني كنت ابني معسكر للجيش لما وجدتني هنا ولكن لوجدت الجيش المصري كله هنا.
ساد الصمت وظهر أن ماهر اثر في الرئيس وظهرت على وجهه إمارات الإعجاب والتصديق ! بعد ذلك دار حديث عام استفسر فيه رئيس المهربين عن المدينة وما فيها وأجاب ماهر عن الأسئلة بأجوبة مفصلة ليبين له صدق كلامه ذاكرا عدد المنازل وعدد السكان المتوقع أن يسكنوا فيها وحجم المرافق الخدمية واعتمادها على محطات الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء والتكيف وتصفية المياه وتكلم عما توفره المدينة من فرصة لإسكان ذو الدخل المحدود من الموظفين وأصحاب المشاغل الصغيرة .
بعد حوار طويل ومجادلة استطاع ماهر الحصول على وعد من الرئيس بعدم مهاجمة المدينة مرة أخرى ودعا ماهر لتناول الغداء.
الرئيس : الم تخف من الحضور إلينا ؟
ماهر : أنا ضيف عندكم و لا اعتقد إنكم تؤذون الضيف ! كما إن محاولتي لإنجاح العمل في مشروع مدينة الشمس يستحق التضحية.
الرئيس : ألا تخاف أن تدخل الشرطة فتقبض عليك معنا ؟
ماهر : أنا واثق إني لا ارتكب خطأ كما إن الشرطة تعرف ما تعرضت إليه المدينة وسيتفهمون الحال.
أصر ماهر على الحصول على رقم هاتف الرئيس لكي يمكن الاتصال به عند حدوث طارئ.
تردد رئيس المهربين في ذلك ولكنه أخيرا طلب من ابنه سالم إعطاء رقم هاتفه إلى ماهر.
ودع ماهر رئيس المهربين وعاد مع علي قبل حلول الظلام.
عاد ماهر وهو يشعر بالنجاح والفخر في انه استطاع تحقيق الأمان لمدينة الشمس وان بناء مدينة الشمس سيستمر وسيتم انجازها في الوقت المحدد بمشيئة الله.
في اليوم التالي كان ماهر في مركز الشرطة حيث أعطى للضابط فكرة عن اليوم السابق وعن لقائه برئيس المهربين والوعد بعدم مهاجمة المدينة.
غادر ماهر وهو في غاية السعادة لنجاحه في حل المشكلة .
ولكن هل انتهت المشكلة !!!
(نهاية الحلقة الثانية)

الخميس، 29 مايو 2014

ماهر في مغامرة عدو الشمس



مقدمة
ماهر : رجل أعمال شاب يقوم ببناء المشاريع الرائدة في مختلف الدول العربية والإسلامية يطمح لتقديم الخير وتحقيق النمو والازدهار الاقتصادي وفي سبيل ذلك يواجه المصاعب بشجاعة وهمة لتجاوز العقبات والمشاكل ويتعامل معها بحكمة وعقلانية.


ماهر في الأقصر
وصل ماهر إلى الأقصر وكان كمال في استقباله في المطار، وبعد تبادل السلام والتحية استقلا سيارة كمال.
ماهر : كيف يجري العمل في مدينة الشمس ؟
كمال : الحمد لله أنجزنا 90 بالمئة من المنازل وبدأنا بنصب شبكة الطاقة الشمسية.
ماهر: هل سننجزها في الوقت المحدد.؟
ماهر: إن شاء الله ، العمل يجري حسب المخطط له.
ماهر : هل هناك مشاكل ما ؟
ماهر: كلا العمل جاري حسب المتوقع والمشاكل الفنية يقوم المهندسين بتجاوزها في وقتها.
ماهر : حسب المواصفات العالمية ؟
كمال : حسب المواصفات.
ماهر: ألا يوجد مشاكل من نوع ما ؟
كمال : كلا على العموم ... قبل يومين حاول لصوص الدخول إلى موقع البناء ولكن الحراس أطلقوا النار في الهواء وأجبروهم على الفرار.
ماهر : هل حدث هذا من قبل ؟
كمال : كلا هذه أول حالة من نوعها.
ماهر : هل أخبرتم الشرطة ؟
كمال : نعم وهي تحقق في الأمر.
وصلت السيارة إلى مدينة الشمس . كانت مدينة الشمس تمثل اكبر مدينة تعمل بالطاقة الشمسية في الوطن العربي و يتم بناءها من قبل شركة الماهر الاستثمارية في صعيد مصر.
بعد جولة تفقد فيها ماهر المدينة ذهب إلى الفندق مودعا كمال المدير العام لمشروع مدينة الشمس. كانت العلاقة بين ماهر وكمال علاقة صداقة أكثر من أن تكون علاقة رئيس بمرؤوس.
في صباح اليوم التالي رن هاتف ماهر مبكرا.
كمال : السلام عليكم.
ماهر : وعليكم السلام كمال ! خير ؟
كمال : تعرض موقع البناء لهجوم من قبل اللصوص وتم إتلاف كميات من مواد ومعدات البناء.
ماهر : كيف ؟ متى ؟
كمال : أمس ليلا دخل اللصوص وضربوا الحراس وقاموا بإحراق معدات للطاقة الشمسية وأشياء أخرى.
ماهر : قيّم لي الأضرار سآتي على الفور.
بعد دقائق كان ماهر في موقع البناء.
كمال : قام اللصوص بإتلاف مواد بقيمة 15 ألف جنيه.
ماهر : ماذا سرقوا ؟
كمال : لم يسرقوا شيء يذكر.
ماهر : ماذا فعلت الشرطة ؟
كمال : إنها تحقق في الأمر .
ماهر : والحراس أين كانوا ؟
كمال : لقد تعرضوا للضرب وسرق سلاحهم ويبدوا إن عدد اللصوص كان كثيراً.
ماهر : لنذهب إلى الشرطة.
وفي قسم الشرطة التقى ماهر الضابط فتحي المسؤول عن التحقيق.
الضابط فتحي : لقد حققنا مع الحراس ويبدوا إن عصابة من المخربين قامت بهذا العمل.
ماهر : وما سبب تعرضهم لموقع المشروع.
الضابط فتحي: سنحاول القبض على العصابة وحينها سنعرف هدفهم من ذلك وعندها سيلاقون جزاؤهم.
خرج ماهر من القسم بعد أن تلقى وعودا بالقبض على العصابة وتوفير الحماية لموقع المشروع.
عاد ماهر إلى موقع المشروع وأمر كمال بدفع تعويض مالي إلى الحراس على ما تعرضوا له من ضرب. ولكنهم تفاجئوا أن بعضهم تركوا العمل.
ماهر : لماذا ترك الرجال العمل ؟
استدعى كمال علي رئيس الخفراء.
علي : الرجال خائفين.
ماهر : ممن ؟
علي : الرجال يقولون إن الذين هاجمونا أمس هم المهربين.
ماهر : المهربون ولماذا يهاجمنا المهربون ؟
علي : وهددوا الخفراء بالقتل إذا بقوا في المكان.
ماهر : علي .. ماذا تتوقع ؟ ما هو سبب قيام المهربين بذلك ؟
علي : لا اعرف.
ماهر : الشرطة عرفت هذا الموضوع ؟
علي : الرجال قالوا ذلك في التحقيق .
ماهر : هل تستطيع الشرطة القبض عليهم أو حمايتنا منهم ؟
علي : الحقيقة ...
ماهر : ماذا علي ! تكلم ؟
علي : أستاذ ماهر المشروع قريب من الصحراء وهي ارض المهربين وهي واسعة .. وإذا استطاعت الشرطة القبض على جماعة منهم فلن تستطيع القبض على كل المهربين.
ماهر : ماذا يجري يا علي هل كل المهربين يريدون مهاجمة المشروع.
علي : أستاذ ماهر أنا ابن هذه الأرض ، المهربون لا يهجمون على احد إلا إذا أمرهم رئيسهم فسيستمرون بذلك .. وربما إذا تكررت هذه الحوادث يخاف العمال ويتركون العمل.
ماهر : كلامك خطير معنى ذلك إن المشروع ممكن يتوقف !
كمال : نستطيع طلب قوة من الشرطة تحمي لنا المشروع.
ماهر : الموقع كبير وستحتاج إلى المئات من رجال الشرطة لحمايته.
أطبق الصمت على الثلاثة فيما استغرق ماهر في تفكير عميق قبل يتلفظ ببضع كلمات ,
ماهر : أريد أن أقابل رئيس المهربين !!!.

( نهاية الحلقة الاولى ) ... ( الحلقة القادمة  .... ماهر ورئيس المهربين )

الثلاثاء، 27 مايو 2014

الدعاء

أَتَهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيهِ    وَمَا تَدْرِي بِما صَنَعَ الدُّعَاءُ
سِهَامُ اللَّيلِ لا تُخْطِي وَلَكِنْ      لها أمدُ وللأمدِ انقضاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ   وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثة الليالي  فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً  وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ
وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا  وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب  يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ
ولا ترجُ السماحة ََ من بخيلٍ  فَما فِي النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي   وليسَ يزيدُ في الرزقِ العناءُ
وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرورٌ   ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ
وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا   فلا أرضٌ تقيهِ ولا سماءُ
وأرضُ الله واسعة ً ولكن   إذا نزلَ القضا ضاقَ الفضاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ  فما يغني عن الموت الدواءُ

قالوا في الشافعي

قال المبرد: كان الشافعي أشعر الناس وآدبهم وأعرفهم بالفقه والقراآت، وقال الإمام ابن حنبل: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منّة.
كان من أحذق قريش بالرمي، يصيب من العشرة عشرة، برع في ذلك أولاً كما برع في الشعر واللغة وأيام العرب ثم أقبل على الفقه والحديث وأفتى وهو ابن عشرين سنة.

الاثنين، 26 مايو 2014

الفرق بين الهدية و الرشوى

عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ اسْتَعْمَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِى . قَالَ 
(( فَهَلاَّ جَلَسَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ - ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ ، حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ - اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاَثًا )).

السبت، 24 مايو 2014

لمسات بيانية في قصة موسى في سورة الاعراف والشعراء للدكتور فاضل السامرائي

في الأعراف والشعراء

قال تعالى في الأعراف:
{ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم موسى بآياتنآ إلى فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين * وَقَالَ موسى يافرعون إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين * حَقِيقٌ على أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى الله إِلاَّ الحق قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بني إِسْرَائِيلَ * قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين * فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ الملأ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هاذا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قالوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي المدآئن حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * وَجَآءَ السحرة فِرْعَوْنَ قالوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين * قَالُواْ ياموسى إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ الملقين * قَالَ أَلْقَوْاْ فَلَمَّآ أَلْقُوْاْ سحروا أَعْيُنَ الناس واسترهبوهم وَجَآءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الحق وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وانقلبوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ * قالوا آمَنَّا بِرَبِّ العالمين * رَبِّ موسى وَهَارُونَ * قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هاذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي المدينة لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قالوا إِنَّآ إلى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} .
***
وقال في سورة الشعراء:
{وَإِذْ نادى رَبُّكَ موسى أَنِ ائت القوم الظالمين * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ * قَالَ رَبِّ إني أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إلى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ * قَالَ كَلاَّ فاذهبا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ * فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فقولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بني إِسْرَائِيلَ * قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الكافرين * قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضالين * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ المرسلين * وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ * قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العالمين * قَالَ رَبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ الأولين * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الذي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ المشرق والمغرب وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتخذت إلاها غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين * فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هاذا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قالوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وابعث فِي المدآئن حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ * فَجُمِعَ السحرة لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السحرة إِن كَانُواْ هُمُ الغالبين * فَلَمَّا جَآءَ السحرة قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ المقربين * قَالَ لَهُمْ موسى أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ * فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون * فألقى موسى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ} .
***
إن موضوع القصة في سورة الأعراف هو تاريخ من بني إسرائيل، بدءاً من قصة موسى مع فرعون إلى ما بعد ذلك من أحداث. أما موضوعها في الشعراء فهو في ذكر قصة موسى مع فرعون بالتفصيل إلى غرق فرعون وقومه. ومعنى ذلك أن ما في سورة الشعراء إنما هو جانب مما في الأعراف. ونحن يعنينا هنا ذكر الجانبين المتشابهين اللذين يتضح فيهما الحشد الفني من النظر في أوجه التشابة والاختلاف بين النصوص في الموطنين.
إن القصة في سورة الشعراء تتسم بسمتين بارزتين هما:
1- التفصيل في سرد الأحداث.
2- قوة المواجهة والتحدي.
وقد بنيت القصة على هذين الركنين، وجاءت كل ألفاظها وعباراتها لتحقيق هذه الأمرين.
أم القصة في سورة الأعراف فقد بنيت على الاختصار من ناحية، كما أنها ليس فيها قوة المواجهة التي في الشعراء. وبملاحظة النصوص الواردة في كل الموطنين يتجلى ما ذكرناه واضحاً.
تبدأ القصة في الأعراف بدعوة موسى فرعون إلى الهدى بأقصر كلام: {إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين * حَقِيقٌ على أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى الله إِلاَّ الحق قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بني إِسْرَائِيلَ} .
أما في الشعراء فقد بدأت بالأحداث السابقة لذلك، فقد بدأت بأمر الرب لموسى أن يذهب إلى فرعون ليبلغه دعوة ربه وليرسل معه بني إسرائيل. فأظهر موسى خوفه من أن يكذبه وأن لا ينطلق لسانه. وذكر أن لهم عليه ذنباً خاف أن يقتلوه به وطلب أن يُعينه بهارون. فطمأنه ربه بأنه معهما.
ثم ذكر المحاورة بينه وبين فرعون، وقد ذكر فرعون منّته عليه بتربيته في بيته وأنه فعل ما فعل من قتل المصري، فأقرّ بذلك موسى وذكر من أمر فراره منهم ما ذكر. ثم ذكر المحاجّة بينهما في أمر الألوهية والربوبية. فقد سأل فرعون مومسى قائلا: {وَمَا رَبُّ العالمين} .
فأجابه موسى: {رَبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ} . فلا يرد عليه فرعون بالحجة ولكن حاول أن يُؤلّب عليه من حوله ليسخروا منه. {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ} فيمضي موسى قائلاً: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ الأولين} فيضيق فرعون بموسى ويرميه بالجنون قائلاً: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الذي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} .
فيمضي موسى يعرض دعوته من دون أن يلتفت إلى ما رماه به من الجنون. فقد أدرك موسى أن فرعون حاول أن يصرفه عن الكلام في العقيدة إلى الانتصار لنفسه، ففوّت الفرصة عليه ومضى فيما هو فيه فقال مُعَرِّضاً بعقولهم: {رَبُّ المشرق والمغرب وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} ، فما مُلْكُكَ من هذا؟
فانظر كيف ناسب قوله: {إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} ما رماه به من الجنون وعدم العقل. ولما أَعْيَتهُ الحيلةُ وأعوزه المنطق تَوعَّدهُ وتَهدَّده بالسجن قائلاً: {لَئِنِ اتخذت إلاها غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين} .
ولم يشر إلى هذه المحاجّة في الأعراف لأن القصة بنيت هناك على الاختصار وعدم التفصيل كما ذكرنا. كما أنها ليس فيها مثل هذه القوة في المواجهة.
ولننظر إلى الفروق التعبيرية بين القصة في السورتين لنتبيّن كيف بنيت كل قصة بحسب السياق الذي وردت فيه:
في الأعراف في الشعراء
ــــــــــــــــ
قال الملأ من قوم فرعون فقال للملأ حوله
يريد أن يخرجكم من أرضكم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره
وأرسل في المدائن وابعث في المدائن
بكل ساحر بكل سحار
قالوا قالوا فرعون
إن لنا لأجراً إن لنا لأجراً
وإنكم لمن المقربين وإنكم إذن لمن المقربين.
وألقى السحرة ساجدين فألقى السحرة ساجدين
قال فرعون آمنتم به قال آمنتم به.
فسوف تعلمون فلسوف تعلمون
ثم لأصبلنكم أجمعين ولأصلبنكم أجمعين
قالوا إنا إلى ربنا منقلبون قالوا لا ضير أنا إلى ربنا منقلبون
وإليك إيضاح ذلك:
1- قال في الأعراف: {قَالَ الملأ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هاذا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} .
وقال في الشعراء: {قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هاذا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} .
فالقائلون في آية الأعراف هم ملأ فرعون. في حين أن الذي قال في آية الشعراء هو فرعون نفسه. وذلك أن المحاجّة كانت معه. ففي الآية الأولى كان فرعون في مقام غطرسة الملك والترفع عن الكلام. وأما في آية الشعراء فإن انقطاعه أمام موسى أنساه غطرسة الملك وكبرياءه ودفعه إلى أن يقول هو وأن يتكلم هو وأن يستعين بِمَلَئِه. وزاد كلمة (بسحره) لمناسبة مقام التفصيل في الشعراء وللتأكيد على السحر فيها.
2- جاء في الأعراف: {قالوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي المدآئن حَاشِرِينَ} وجاء في الشعراء: {قالوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وابعث فِي المدآئن حَاشِرِينَ} فقال في الأعراف: (وأرسل) وقال في الشعراء: (وابعث) وذلك لكثرة تردد فعل الإرسال في الأعراف كما سبق أن ذكرنا، فقد تردد فعل الإرسال ومشتقاته ثلاثين مرة في الأعراف، وتردد في الشعراء سبع عشرة مرة، فناسب ذلك ذكر الإرسال في الأعراف دون الشعراء.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن المقام في الشعراء يقتضي ذكر الفعل (ابعث) دون (أرسل) ذلك أن البعث فيه معنى الإرسال وزيادة، فإن فيه معنى الإثارة والإنهاض والتهييج.
جاء في (لسان العرب) أن "البعث في كلام العرب على وجهين:
أحدهما: الإرسال كقوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم موسى} معناه: أرسلنا. والبعث إثارة باركٍ أو قاعد تقول ... بعث البعير فانبعث، حل عقاله فأرسله أو كان باركاً فهاجه. وفي حديث حذيفة: أن للفتنة بَعَثات.. قوله: (بعثات) أي: إثارات وتهييجات".
وفي (مفردات الراغب) أي: إثارات أن "أصل البعث أثارة الشيء وتوجيهه يقال: بعثته فانبعث".
والبعث قد لا يكون بأرسال شخص من مكان إلى آخر بل يكون بإنهاض شخص من المجتمع، وذلك نحو قوله تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [النحل: 84] وهذا إنما يكون يوم القيامة، ومعناه: يوم ننهض ونقيم، وليس معناه: يوم نرسل ومن ذلك قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ مِن بني إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ موسى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابعث لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله} [البقرة: 246] .
ومعناه: "أَنهِض للقتال منا أميراً نصدر في تدبير الحرب عن رأيه وننتهي إلى أمره".
فأجاب الله طلبهم قائلاً: {إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً} [البقرة: 247] ومعناه: أنهضه فيهم، وليس معناه: أنه أرسله إليهم.
فالبعث قد يكون فيه معنى الإرسال وقد يكون فيه معنى الإنهاض. فلما كان المقام في الشعراء مقام زيادة تحدٍّ وقوة مواجهة قال ملأ فرعون: {وابعث فِي المدآئن حَاشِرِينَ} فلم يكتفوا بالإرسال بل أرادوا أن يُنهضوا من المجتمع حاشرين علاوة على الرسل، وهؤلاء من مهمتهم الإثارة وتهييج الناس على موسى. وهذا المعنى لا يؤديه لفظ (أرسل) . فاقتضى كل مقام اللفظة التي وردت فيه.
3- قال في الأعراف: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} وقال في الشعراء: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ} .
فقد جاء في الأعراف بضيغة اسم الفاعل (ساحر) ، وجاء في الشعراء بصيغة المبالغة (سحّار) ، وهذه الصيغة في الشعراء تتناسب مع المبالغة في قوة التحدي وشدة المواجهة بين فرعون وموسى، وتتناسب مع غضب فرعون البليغ واندفاعه للنيل من موسى. فهم أرادوا سحاراً بليغاً في السحر لا مجرد ساحر. وهذا يتناسب أيضاً مع مقام التأكيد على السحر، فإن السحر أكد وكرر في الشعراء أكثر مما في الأعراف، فقد ذكر في الأعراف سبع مرات وفي الشعراء عشر مرات. فانظر كيف اقتضى كل مقام اللفظة التي وردت فيه.
4- زاد في الشعراء قوله: {فَجُمِعَ السحرة لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السحرة إِن كَانُواْ هُمُ الغالبين} وهو المناسب لمقام التفصيل ومقام التأكيد على السحر.
5- جاء في الأعراف: {وَجَآءَ السحرة فِرْعَوْنَ قالوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين} .
وجاء في الشعراء: {فَلَمَّا جَآءَ السحرة قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ المقربين} .
فانظر إلى الفرق بين التعبيرين، وكيف أن كل تعبير يتناسب مع السياق الذي ورد فيه.
أ- قال في الأعراف: (قالوا) وقال في الشعراء: (قالوا لفرعون) .
فذكر في الشعراء أنهم قالوا لفرعون، ولم يذكر في آية الأعراف أنهم قالوا له، وكل تعبير يتناسب مع السياق الذي ورد فيه، وذلك أنه ذكر في الأعراف أن ملأ فرعون هم الذين قالوا: {إِنَّ هاذا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} . وذكر في الشعراء أن فرعون هو الذي قال ذلك وأنه هو الذي تولى هذه المهمة بنفسه، فناسب ذلك أن يواجهوا فرعون بالقول، بخلاف ما في الأعراف.
ولا يفهم من هذا أن ثمة تناقضاً بين الموقفين، فقد قال فرعون هذا القول ورَدَّدهُ مَلَؤُه، فذكر القول عنه مرة وذكره عن الملأ مرة أخرى بحسب ما يقتضيه السياق.
ب- قال في الأعراف: {قالوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين} . وقال في الشعراء: {قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين} .
فقد حذف همزة الاستفهام في الأعراف وذكرها في الشعراء، وذلك أنه لما كان المقام مقام إطالة ومبالغة في المحاجّة جيء بهمزة الاستفهام لتشترك في الدلالة على قوة الاستفهام والتصريح به.
ففي الآية الأولى أضمر المقول له وأضمر همزة الاستفهام، وفي الثانية صرح بالمقولِ له وبهمزة لاستفهام.
ج- قال في الأعراف: {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين} . وقال في الشعراء: {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ المقربين} .
فزاد كلمة (إذن) في الشعراء لتدل على قوة الوعد وتوكيده وربط تقريبهم بالغلبة، وذلك أن (إذن) حرف جواب وجزاء، وذِكْرُها يدل على أن ما بعدها مشروطٌ حصولُه بحصول ما قبلها. وذلك نحو أن يقول لك شخص: (سأزورك) فتقول له: إذن أكرمك.
فـ (إذن) تدل على أن إكرامك له مشروط بالزيارة. المعنى: إن زرتني أكرمتك وإلا فلا.
ونحو قوله تعالى: {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إلاه بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون: 91] . والمعنى: إنه لو كان معه إله لذهب كل إله بما خلق. فـ (إذن) أفادت معنى الشرط. والمجيء بها في آية الشعراء أكد اشتراط تقريب السحرة بالغلبة. وذلك أنهم سألوا فرعون: أَإِنْ غَلبنا أُعطينا أجراً؟ فقال لهم: نعم وإنكم إذن لمن المقربين؟ فذكر الشرط في السؤال وفي الجواب. وأما في الأعراف فكان الجواب ما يأتي: {نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين} .
فلم يُعد الشرط في الجواب، وإنما اكتفى بالشرط الذي في السؤال. ولا شك أن إعادة الشرط في الجوب تفيد التوكيد وزيادة الاهتمام. وهذا نظير أن يقول لك شخص: أَإِنْ فعلت ذاك أكرمتني؟ فتقول له: نعم أو تقول له: نعم إن فعلت ذاك.
فأنت كررت الشرط في جوابك الثاني للاهتمام به وتوكيده، بخلاف الجواب الأول. وهذا التكرار يدل على لهفة فرعون على غلبة موسى من ناحية، ومن ناحية أخرى إن مقام التحدي وقوة المواجهة في الشعراء اقتضى ذكرها فيها بخلاف الأعراف.
ثم إنهم لما أكدوا السؤال بزيادة الهمزة في الشعراء أكد لهم الجواب في بذكر (إذن) .
وعلاوة على ذلك كله فإن ذكرها مناسب لمقام التفصيل في الشعراء دون مقام الأعراف المبني على الإيجاز والاختصار.
6- أقسم السحرة بعزة فرعون في الشعراء. قال تعالى: {فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون} .
ولم يقل مثل ذلك في الأعراف، ذلك أن المقام ههنا مقام الانتصار لعزة فرعون التي نال منها موسى في مواجهته ومحاجّته له. وهم في مقام التزلف إليه والحظوة برضاه.
ثم انظر كيف ذكر الحبال والعصيّ في الشعراء وهو المناسب لمقام التفصيل فيها، ولم يذكر ذلك في الأعراف لأن المقام مقام إجمال.
7- ثم انظر بعد تأكيد الوعود وتمنيته السحرة. بالقربى منه والقسم بعزته كيف انقلب الأمر فجأة من دون مهلة: {فألقى موسى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ} .
هكذا بالترتيب والتعقيب من دون فاصل زمني بين اللقف والسجود: {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ} .
وهذا المشهد هو المناسب لقوة التحدي، فإن سرعة النصر الحاسم بعد قوة التحدي هو المناسب لمثل هذا المقام.
في حين لا تجد مثل هذا التعقيب في الأعراف: قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الحق وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وانقلبوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ} .
ولا ندري كم مضى من الوقت بين انقلابهم صاغرين وسجودهم، فإنه جاء بالواو، والواو لا تفيد التعقيب كما هو معلوم، ولم يأت بالفاء كما فعل في الشعراء، وذلك لأن الموقف ليس فيه تلك المواجهة وذلك التحدي، فجعل كل تعبير في الموطن اللائق به.
وليس ثمة تناقض بين القولين فإن الفاء لا تناقض الواو وإنما هي واقعة في أحد أزمنتها المحتملة.
فانظر هذا الاختيار العجيب في استعمال الألفاظ والحروف.
8- قال في الأعراف: {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ} وقال في الشعراء: {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} ومعنى (آمنتم به) : آمنتم بالله. ومعنى (آمنتم له) : انقدتم لموسى وصدّقتم به.
فالضمير في (به) يعود على الله وفي (له) يعود على موسى. وذلك أن موسى أغضبه في الشعراء أكثر مما في الأعراف، فقد نال منه بالقول وأفحمه بالحجة، ولذا تصديقهم به أكثر إغاظة له، فذكره في الشعراء ولم يذكره في الأعراف.
9- قال في الشعراء: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذي عَلَّمَكُمُ السحر} ولم يقل مثل ذلك في الأعراف، ذلك لأن في الشعراء كان على موسى فإنه قال: (آمنتم له) . أي لموسى، والكلام في الأعراف كان على الله، فإنه قال: (آمنتم به) وواضح أنه لا يصح أن يقال مثل هذا القول في الأعراف، فإنه لا يصح أن يقال في الله تعالى: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذي عَلَّمَكُمُ السحر} . وهو يدل أيضاً على شدة غضبه من موسى.
10- قال في الأعراف: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} . وقال في الشعراء: {فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} فأكد تهديده باللام، وذلك لأن الموقف موقف غضب زائد وتميز من الغيظ.
11- قال في الأعراف: {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} وقال في الشعراء: {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} فأعطاهم مهلة في الأعراف ذلك أنه قال: {ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} . و (ثم) تفيد التراخي، ولم يُعطهم مهلة في الشعراء وذلك لزيادة غضبه واحتراق قلبه من الغيظ.
12- قال في الأعراف: {قالوا إِنَّآ إلى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} وقال في الشعراء: {قَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إلى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ} . فزاد (لا ضير) في الشعراء وهو المناسب لمقام التفصيل من ناحية، ثم إنه المناسب لمقام التهديد الشديد والوعيد المؤكدة. فإن تهديده في الشعراء أشد وآكد مما في لأعراف، فلو أنهم قالوا في الأعراف: (لاضير) دون الشعراء لظن أنهم هابوا التهديد الشديد فلم ينطقوا بما يدل على عدم الاكتراث، إذ من المعتاد أن يرهب الإنسان التهديد الكبير دون الصغير، أما إذا استهانوا بالتهديد الكبير ولم يكترثوا به فإن ذلك يدل - ولا شك - على أنهم أقل اكتراثاً بالتهديد الأدنى وأقل ربهة له. فناسب هذا أن يقولوه في موطن التهديد الشديد دون الأدنى.
وقد تقول: ولماذا لم يذكروه في المواطنين؟
والجواب: إن ذكره في موطن التهديد الكبير يغني عن ذكره في الموطن الأدنى، وذلك من باب الأولى فيكون كأنهم ذكروه في الموطنين.
ثم إن ذكره في الموطنين مُخِلٌّ بالإيجاز، إذ إن ذلك مفهوم من الموطن الأول. ثم إن بناء القصة في الشعراء قائم على التفصيل، وبناءها في الأعراف قائم على الاختصار، وذلك يقتضي أن يفصّل ما يقتضي التفصيل، ويختصر ما هو معلوم وما لا حاجة لذكره؟ فاقتضى ذلك أن يذكر القول من الشعراء الذي هو مقام الرهبة الشديدة ومقام التفصيل دون الأعراف الذي هو مقام التهديد الأدنى ومقام الاختصار.
ثم إن ذكره في المواطنين على السواء معناه أن المقامين متشابهان ولا فرق بينهما، ومن المعلوم أنهما ليسا متشابهين، فاقتضى أن يذكر في كل موطن ما تناسب معه من الأمور، فوضع كل تعبير في مكانه اللائق به تماماً. ثم يمضي في الشعراء في غير الوجهة التي يمضي بها في الأعراف، فيمضي في الأعراف لذكره أحوال بني إسرائيل وتاريخهم والآليات التي أُروها ومعاصيهم واستهانتهم بالنعم والآليات.
ويمضي في الشعراء لنهاية فرعون ونجاة بني إسرائيل.
وغني عن القول أن اختيار الألفاظ والعبارات كان مقصوداً لخدمة الناحية الفنية في أدق معانيها وأكمل صورها.