الخميس، 27 مارس 2014

من ذكاء الطفيليين



قال منصور بن علي الجهضمي كان لي جار طفيلي وكان من أحسن الناس منظراً وأعذبهم منطقاً وأطيبهم رائحة وأجملهم ملبوساً وكان من شأنه أني إذا دعيت إلى دعوة تبعني فيكرمه الناس من أجلي ويظنون أنه صاحب لي فاتفق يوماً أن جعفر بن القاسم الهاشمي أمير البصرة وأراد أن يختن بعض أولاده فقلت في نفسي كأني برسوله وقد جاء وكأني بهذا الرجل قد تبعني والله لئن تبعني لأفضحنه فأنا على ذلك إذ جاء الرسول يدعوني فما زدت على أن ليست ثيابي وخرجت فإذا أنا بالطفيلي واقف على باب داره قد سبقني بالتأهب فتقدمت وتبعني فلما دخلنا دار الأمير جلسنا ساعة ودعي بالطعام وحضرت الموائد وكان كل جماعة على مائدة والطفيلي معي فلما مد يده ليتناول الطعام قلت: حدثنا درست ابن زياد عن أبان بن طارق عن نافع عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار قوم بغير إذنهم فأكل طعامهم سارقاً وخرج مغيراً فلما سمع قال أثبت لك عثراً والله من هذا الكلام فإنه ما من أحد من الجماعة إلا وهو يظن أنك تعرض به دون صاحبه أولا تستحي أن تحدث بهذا الكلام على مائدة سيد من أطعم الطعام وتبخل بطعام غيرك على من سواك ثم لا تستحي أن تحدث عن درست بن زياد وهو ضعيف عن أبان بن طارق وهو متروك لحديث يحكم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون على خلافه لأن حكم السارق القطع وحكم المغير أن يعزر على ما يراه الإمام وأين أنت عن حديث. حدثنا أبو عاصم النبيل عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية وهو إسناد صحيح قال منصور بن علي فأفحمني فلم يحضرني له جواب فلما خرجنا من الموضع للانصراف فارقني من جانب الطريق إلى الجانب الآخر بعد أن كان يمشي ورائي وسمعته يقول:
-     ومن ظن ممن يلاقي الحروب ... بأن لا يصاب فقد ظن عجزا

ليست هناك تعليقات: