الاثنين، 17 مارس 2014

الحلقة الاولى من : مطاردة في الصحراء

بسم الله الرحمن الرحيم


القوة الضاربة
في
مطاردة في الصحراء
بقلم
ح . ح.
3-2014

تنبيه :
حقوق النشر محفوظة للكاتب ولا يجوز ويحرم نشر هذه القصة بأية وسيلة كانت بدون إذن المؤلف.
اللقاء الأول
يقع اقليم الساحل الغربي في غرب القارة الافريقية وهو منطقة صحراوية تطالب منذ فترة طويلة بالاستقلال بالوسائل العسكرية احيانا و بالوسائل السلمية أحيانا أخرى , وبقيت هذه المناطق طيلة هذه الفترة تعاني من عدم الاستقرار الامني وتعاني من التدخل الخارجي.
تقع بعض مناطق الساحل تحت سيطرة المسلحين والمناطق الاخرى تحت سيطرة الدولة المركزية وكان شعب هذه المنطقة هو المتضرر الاول دائما.
على بعد آلاف الكيلومترات وفي موقع عسكري في غرفة اجتماع صغيرة جلس شخصان في ملابس مدنية كان احدهما في الاربعين من عمره وقد خط الشيب شعره و ارتسم الهدوء والوقار على محياه , والشخص الثاني كان شاباً في اوائل العشرين من عمره و قد تملكته الحماسة و هو يجلس مستمعا الى رئيسه.
اصغى احمد بانتباه الى رئيسه وهو يفصل العملية التي قرر ارساله فيها . كانت رحلة الى الساحل الغربي لافريقيا لجمع معلومات عن وباء غريب ينتشر ويفتك بالنساء والاطفال , كانت الكلمات تخرج من فم الرئيس بهدوء وحرص , ومع انسياب هذه الكلمات المتتابعة كانت هناك اسئلة تتبلور في ذهن احمد , ما ان انتهى رئيسه من كلامه وسمح له بالاسئلة حتى القاها مستفسراً :
احمد – سيدي لماذا لم يكلف فريق علمي اكاديمي بهذه المهمة ؟
الرئيس – المنطقة تشهد تمردا من الثوار وحصاراً من قوات الدولة التي تمنع دخول فرق الاغاثة الدولية للمنطقة لذلك لن يستطيع فريق عادي من الدخول.
احمد – لهذا السبب سندخل من طريق البحر ؟
الرئيس – نعم.
احمد – سيدي .. فهمت ان امرأة من ضمن الفريق , اليست بيئة الصحراء ستكون صعبة عليها وربما ستقيدنا في حركتنا في تلك الصحراء ؟
-         انها عميلة في الاستخبارات ومتدربة جيدا كما انها دكتورة اختصاصية في علم الامراض وكونها إمرأة سيمكنها ذلك من التواصل بسهولة مع النساء والاطفال في مجتمع متحفظ كالذي ستذهبون اليه.
بعد النقاش في عدة تفاصيل لوجستية اخرى انفض الاجتماع , وفي مساء ذلك اليوم جهز احمد حقيبته للرحلة المقبلة.
في صباح اليوم التالي حملته طائرة عمودية الى قاعدة بحرية في جنوب البلاد , حيث التقى هناك لاول مرة بزملائه في المهمة , النقيب علاء وهو قائد المهمة ومسؤول الاتصالات وهو من جهاز الاستخبارات العسكري والدكتورة نوال من جهاز المخابرات.
كان علاء طويل القامة قوي البنية قارب الثلاثين , بشرته بيضاء اسود الشعر , حاد القسمات , تظهر عليه صرامة الضباط واضحة , بينما كانت الدكتورة نوال في نهاية العشرينات من العمر , متوسطة الجمال , هادئة , قصيرة الطول , رشيقة القوام ذات اطراف ناعمة , وشعر اصفر قصير.
التقى الثلاثة في غرفة صغيرة بعد ان سلموا حقائبهم لاحد الجنود المرافقين لهم , دار حديث تعارف بسيط بين الثلاثة لدقائق قبل ان يظهر على الباب كابتن بحري عرفّت به بزته الزرقاء وشارات البحرية المشهورة , سلم عليهم ووقف الثلاثة احتراما له وعرّف نفسه لهم بالكابتن "سليم" , صافحوه بحرارة وقد علت وجهه ابتسامة لطيفة. جلس خلف المكتب وامامه جلس افراد المهمة.
-         انا سعيد بلقاءكم .. اتمنى لكم مهمة موفقة وناجحة.. ستكون هذه اول عملية مشتركة لقيادة العمليات الخاصة وسلاح البحرية , ارجو ان ننجح بالتعاون فيما بيننا .. سننطلق بعد ساعتين .. حاولوا ان ترتاحوا وان تراجعوا احتياجاتكم , وان احتجتم اي شيء فساكون على استعداد لتوفيره لكم .. سأرسل لكم الملازم عماد ليكون قربكم في حال احتجم لشيء.
كان الكابتن "سليم" قائد غواصة "القرش الازرق" و هي مصنوعة في المصانع البحرية المحلية وبمواصفات متقدمة لتلبي احتياجات القوة البحرية الوطنية.
وقف الكابتن "سليم" والقى التحية وخرج من الغرفة , كان لقاءاً قصيرا تعرف فيه الكابتن على فريق العمليات الخاصة ثم ذهب بسرعة ليشرف على الترتيبات النهائية قبل انطلاق الرحلة.
 تولى "علاء" زمام القيادة من تلك الجلسة واخذ يراجع مع "احمد" و "نوال" تفاصيل المهمة والمعدات التي جلبوها معهم وما سيحمله كلٌ منهم منها وكذلك اعاد تذكيرهم بالتعليمات الصارمة التي يقتضي الالتزام بها في أي عملية سرية وركز في ذلك على "احمد" كونه من القوات الخاصة ولانها اول مهمة فعلية له خارج الوطن.
اثناء ذلك كان ملازم "عماد" يقف خارج الغرفة على مقربة من الباب ينتظر , بعد مراجعة الفريق الشاملة للمهمة طلب "علاء" من "عماد" ان يسمح لهم بفحص التجهيزات والمعدات التي جلبوها معهم والتي زودتهم القيادة بها.
 كانت المعدات موضوعة في غرفة مغلقة مع حقائبهم وكانت المعدات تنقسم الى معدات شخصية سيحملها كل فرد من الفريق تتعلق بالاتصالات والامن ومعدات علمية تتكون من اجهزة فحص محمولة و متطورة للتحليل جرثومي بالاضافة الى كمية من المضادات الحيوية والادوية بالاضافة الى الملابس والاحذية المناسبة للصحراء وكمية من الطعام الصحي والماء لكل فرد.
بعد تدقيق المواد والتأكد منها طلب "علاء" من الملازم "عماد" تحميلها على ظهر الغواصة , اجرى "عماد" اتصال من هاتف داخلي موضوع في الغرفة وطلب ارسال جنديين لحمل المعدات , حضر الجنديان بعد وقت قصير وحملا المعدات والامتعة و رافق ملازم "عماد" الفريق ليقودهم الى الغواصة .
سار الفريق يقودهم "عماد" داخل ممرات متعددة حتى دخلوا الى سقيفة حديدية ضخمة البنيان ثم انتهى بهم الطريق الى رصيف ميناء داخل هذه السقيفة. كانت السقيفة مضاءة بمصابيح هالوجين قوية , فيما لا تسمح بمرور ضوء الشمس اليها.
في نهاية الرصيف وقفت غواصة زرقاء كبيرة , شاهد الفريق لاول مرة الغواصة التي ستقلهم , كان برج الغواصة يعلو ما يقرب من ثلاثة امتار مع طول جسر يصل الى ثلاثين متر يوحي بانها غواصة متوسطة الحجم , كانت هذه الغواصة تعتبر مفخرة البحرية ومفخرة الصناعة العسكرية الوطنية , صممت هذه الغواصة لتكون متعددة المهام و منها مهمة نقل القوات الخاصة.  
صعد الفريق الى الجسر ثم نزلوا من خلال كوة الى الداخل حيث وجدوا انفسهم داخل مقصورة مليئة بالاجهزة الالكترونية والشاشات التي يشرف عليها مجموعة من الضباط و التقنيين , في وسط الغرفة جلس الكابتن "سليم" على مقعد كبير مرتبط بكثير من الاجهزة وامامه شاشة صغيرة , عرف الثلاثة انهم في غرفة القيادة , عندما احس الكابتن بدخولهم قام لاستقبالهم ورحب بهم على متن الغواصة قائلا :
-         مرحبا بكم في غواصة "القرش الازرق".
 ثم طلب منهم مرافقته , عبر الجميع  الى ممر ثم الى غرفة صغيرة احتوت على سرير ومكتب صغير وكرسي وعدة اجهزة متفرقة في ارجاء الغرفة.
الكابتن – دكتورة "نوال" .. ليست لدينا غرف نوم فردية ماعدى غرفتي هذه فارجو ان تقيمي فيها طوال الرحلة وهذا جرس الخدمة , اذا اردت شيء اضغطي عليه وسيأتي بحار ليلبي طلباتك.
شكرته دكتورة "نوال" على هذا التصرف ثم ودعها و قاد الآخرين الى غرفة اخرى تحوي سريرين ذات طابقين. رحب بهما الكابتن مرة ثانية وتمنى لهم التوفيق.
كانت الغرفة صغيرة تصلح للنوم فقط وتتسع لاربع اشخاص ويبدوا انها مخصصة لاستضافة رجال المهمات الخاصة.
بعد اقل من ساعة دقت صافرة ذات نغمة خاصة تبعها صوت يعلن قرب انطلاق الغواصة .
كانت هذه المرة الاولى ل"علاء" و"احمد" على متن غواصة وكانت هذه الاجراءات مبهرة ومميزة , استمرت هذه الاجراءات لعدة دقائق رافقت بداية الابحار تبعتها صفارة الغوص.

تابعوا غداً ان شاء الله الحلقة الثانية

ليست هناك تعليقات: