السبت، 5 أبريل 2014

من قصص الصحابة وكراماتهم



عن أبي هريرة رضيَّ اللهُ عنه قال : بَعثَ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ و سلّم سَرِيةً عَيناً [ للإستطلاع ] و أمَّرَ عليهم عاصمَ بن ثابت – و هو جدَّ [ خال ] عاصم بن عمرَ بن الخطاب – فانطلَقوا ، حتى إذا كان بينَ عُسفانَ و مكةَ ذُكِروا لحيٍّ من هُذَيل يقال لهم بنو لِحيانَ ، فتَبِعوهم بقريبٍ من مائةٍ رامٍ فاقتصُّوا آثارَهم ، حتى أتَوا منزِلاً نزلوه ، فوجَدوا فيه نَوَى تمرٍ تزَوَّدوهُ من المدينة ، فقالوا : هذا تمرُ يَثربَ ، فتبِعوا آثارهم حتى لحقوهم ، فلما انتهى عاصمٌ و اصحابه لجأوا إلى فَدْفَدٍ [ الرابية المشرِفة ] ، و جاء القومُ فأحاطوا بهم فقالوا : لكمُ العهدُ و الميثاقُ إن نزَلتُم إلينا أن لا نقتُلَ منكم رُجلاً . فقال عاصمٌ : أما أنا فلا انزِلُ في ذمةِ كافر ، اللّهمَّ أخبرْ عنّا نبيَّك . فقاتلوهم حتى قَتلوا عاصماً في سبعةِ نَفرٍ بالنَّبل ، و بقى خُبَيبٌ و زيدٌ و رجلٌ آخر ، فأعطَوهمُ العهدَ و الميثاقَ ، فلما أعطَوهمُ العهدَ و الميثاق نزَلوا إليهم ، فلما استمكَنوا منهم حلوا أوتارَ قِسيِّهم فربطوهم بها ، فقال الرجلُ الثالثُ الذي معهما : هذا أولُ الغَدر ، فأبى أن يَصحَبَهم ، فجرَّروهُ و عالجوهُ على أن يَصحبَهم فلم يَفعلْ ، فقتَلوه ، و انطلقوا بخُبيَب و زيد حتى باعوهما بمكةَ ، فاشترى خبيباً بنو الحارثِ بن عامر بن نَوفل ، و كان خبيبٌ هوَ قتلَ الحارثَ يومَ بدرٍ ، فمكثَ عندَهم اسيراً ، حتى إذا أجَمعوا قتله استعارَ موسى من بعضِ بناتِ الحارثِ ليستحدَّ بها ، فأعارتهُ ، قالت : فغفَلتُ عن صبيٍّ لي ، فدرجَ إليه حتى أتاهُ فوَضعهُ على فَخِذه ، فلما رأيته فزِعت فَزعةً عرفَ ذاك مني ، و في يدهِ الموسى ، فقال : أ تخشينَ أن أقتُله ؟ ما كنتُ لأفعل ذاك إن شاء الله . و كانت تقولُ : ما رأيت أسيراً قطُّ خَيراً من خبيب ، لقد رأيتُه يأكل من قِطفِ عِنَبٍ و ما بمكةَ يومئذٍ ثمرة ، و إنه لموثقٌ في الحديد ، و ما كان إلا رزقٌ رزَقهُ الله [ هذه من كرامات أصحاب النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم ]، فخرَجوا به منَ الحرَم ليقتلوه ، فقال : دَعوني أصلِّي رَكعتَين . ثمَّ انصرَفَ اليهم فقال : لولا أن تروا ما بي جَزَعٌ من الموت لَزدت ، فكان أولَ من سنَّ الرَّكعتَين عندَ القتل هو . ثمَّ قال : اللَّهم أحصِهمْ عَدَدا . ثم قال :

ما ان أبالي حينَ أُقتَلُ مسلماً       على أيِّ شِقٍّ كان للهِ مَصَرعي
وذلكَ في ذاتِ الإلهِ و إن يشَأْ      يُباركْ على أوصال شِلوٍ ُممزَّع

 [ ما ان أبالي : فلست أبالي  ،  شِلوٍ : جسدٍ  ،  ممزع : مقطع ]
ثم قامَ إليهِ عُقبة بن الحارث فقتله . و بعثَتْ قريشٌ إلى عاصم ليُؤْتوا بشيء من جَسَدِه يعرفونه ، و كان عاصم قَتلَ عظيماً من عظمائهم يومَ بَدر ، فبعثَ الله عليهِ مثلَ الظُّلَّةِ من الدَّبْرِ [ النحل ] فحَمتْهُ من رُسُلِهم ، فلم يَقدِروا منه على شيء .[1]


[1] صحيح البخاري  - كتاب المغازي \  باب غزوة الرجيع  - حديث : ‏3876‏

ليست هناك تعليقات: